غبـار أسـود يخنـق سكـان القنيطـرة

التلوث البيئي يتسبب في أمراض تنفسية وفي تراجع مبيعات العقار بالمدينة تتعرض القنيطرة هذه الأيام لتلوث الهواء، حيث تخيم على المدينة، أثناء الليل كميات من الغبار، عبارة عن حبيبات مادة الكاربون، تسببت في حالة قلق للسكان، ما اضطر جمعيات مهتمة بالبيئة إلى التحرك والقيام بوقفات احتجاجية رمزية، لتنبيه السلطات إلى مخاطر استمرار تلوث هواء المدينة. حبيبات الغبار الأسود التي تتطاير في السماء قبل أن تسقط فوق سطوح منازل السكان، لا تكتفي بتلويث الملابس المنشورة فوق هذه السطوح وشرفات المنازل فحسب، بل تتسرب الى أنوف المواطنين وتخترق أجهزتهم التنفسية، ما يهددهم بأمراض خطيرة. غبار أسود يثير قلق السكان الغبار الأسود الذي يخنق أنفاس المواطنين بالقنيطرة، بات يفرض على سكان المدينة التعامل معه بأخذ الاحتياطات اللازمة من قبيل الإغلاق المحكم للنوافذ، والامتناع عن نشر الغسيل، والتسليم باستنشاق الهواء الملوث كرها، في الوقت الذي يجبر فيه هذا التلوث عددا من المواطنين على المكوث بمنازلهم، تجنبا لاستنشاق حبات الغبار الأسود من أجل الحفاظ على صحتهم . جمعية الغرب للمحافظة على البيئة كانت أول جمعية من المجتمع تدق ناقوس الخطر، وتطلق صرختها للتنديد بتلوث أجواء القنيطرة بغبار أسود يهدد صحة المواطنين. وبعد أن استشعر نشطاء الجمعية المهتمة بالمجال البيئي بجهة الغرب الشراردة بني حسن خطر التلوث، سارع رئيسها إلى توجيه مراسلة عاجلة إلى عزيز رباح، رئيس المجلس البلدي من أجل فتح تحقيق في مصدر الغبار الأسود الذي يتناثر فوق أسطح وشرفات المنازل، والقيام بالإجراءات القانونية المعمول بها في المجال البيئي. احتجاجات السكان وشكايات وضغط الجمعية المذكورة، دفع عزيز رباح، رئيس المجلس البلدي للقنيطرة إلى استنفار المصالح المعنية، فبادر المجلس البلدي إلى عقد اجتماعات للجن مشتركة بين كافة المصالح المعنية بالبيئة. وتم عقد أول اجتماع يوم 23 فبراير 2011، ولم يتم الكشف عن مصدر التلوث، حسب رئيس المجلس البلدي، إلا خلال جولة ثانية قامت بها اللجنة المختصة، وبالتحديد يوم 20 مارس 2012، أي سنة بعد أول اجتماع، إذ تم ضبط كمية من العجلات والأسلاك تحرق على مساحة شاسعة بمنطقة الصفاية، واعتقل المسؤول عنها ، وقدم الى المحكمة المختصة، التي أفرجت عنه، واكتفت بإجباره على أداء غرامة مالية. بعد عدة أشهر، ستنطلق من جديد عملية الحرق ليلا في مناطق مختلفة، ما اضطر رئيس المجلس البلدي، هذه المرة إلى الاستنجاد بالسلطات المحلية والإقليمية، قصد دعم مجهودات الجماعة، خاصة في مجال المراقبة، كما تم إشعار بعض الجمعيات المهتمة للمساهمة في هذه العملية، واستدعاء المختبر الوطني للبيئة من أجل مساعدة الجماعة في أخذ قياس المقذوفات الغازية لبعض الوحدات الصناعية بالمدينة، خاصة وحدة المكتب الوطني للكهرباء، الذي جاء ضمن توصية اللجنة المختلطة يوم 20 مارس 2012 ، إذ اعتبر رباح أن الجماعة الحضرية للقنيطرة، قامت بكل الخطوات الإدارية والقانونية والتقنية المتبعة، طبقا لما تنص عليه القوانين البيئية والميثاق الجماعي. احتجاج مدني بحمل أقنعة عودة مشكل التلوث من جديد وبحدة أكثر، يبين أن الغبار الأسود لاعلاقة له بإحراق العجلات المطاطية، وأن اللجنة المختلطة كانت مخطئة في تحديد مصدر التلوث، ما زاد مرة أخرى قلق وتخوف القنيطريين، وهو الأمر الذي دفع جمعية الغرب للمحافظة على البيئة إلى دق ناقوس الخطر مرة أخرى، وإطلاق صرخة تحذيرية، متمثلة في رسالة شديدة اللهجة وجهتها إلى مصالح ولاية جهة الغرب الشراردة بني حسن، وكذا إلى رئيس المجلس البلدي، للمطالبة بالتعامل الجدي مع هذه «الكارثة»، ووضع حد نهائي لهذا التلوث في أقرب الآجال، بعدما لاحظت عودة الغبار الأسود في الهواء.حدة التلوث واستهتار الجهات المسؤولة بصحة المواطنين، دفع القنيطريين للخروج إلى الشارع، ملثمين بالأقنعة احتجاجا على تلوث هواء مدينتهم، وقد تفاعل المواطنون، وخاصة الطلبة والتلاميذ الذين تجاوبوا مع النداء الذي وجهه فاعلون جمعويون، من أجل لفت انتباه السلطات والمنتخبين، إلى الخطر الذي يهدد صحة السكان جراء استنشاق هذا الغبارالأسود، الذي يجهل مسؤولو ومنتخبو المدينة مصدره وأسبابه الى حدود اليوم، وهو التلوث الذي يسمم صدورهم، ويلوث سطوح منازلهم وحاجياتهم، ويجبرهم على إغلاق نوافذهم. وأكد مصطفى الزراولي، الناشط في جمعية الغرب للمحافظة على البيئة، أن هناك احتمالا كبيرا أن يكون الغبار الأسود من مصدر كاربوني، وأن عملية طرحه بالهواء، تتم أساساً بالليل، ما يضفي على العملية طابع إخفاء ضرر متعمد، ويبرهن على سوء النية لدى الملوث، علماً أن الأوقات الممطرة، وقوة الرياح هي التي تفسر عدم ملاحظة التلوث خلال بعض الفترات، لكن مع غياب الرياح، والأمطار واستقرار الجو خلال المدة الأخيرة، لم يعد هناك مفراً لإخفاء التلوث. تخمينات أخرى لعدد من المختصين في المجال البيئي، لم تستبعد احتمال تورط وحدات صناعية تقع في محيط المدينة، خصوصا التي تستعمل طريقة الحرق في عملية الإنتاج في تلويث الجو ونشرالغبار الأسود. وتشير أصابع الاتهام إلى محطة الطاقة الكهربائية التابعة للمكتب الوطني للكهرباء التي تنفث دخانا أسود يلوث فضاء القنيطرة، ما يشكل خطرا على صحة المواطنين. تراجع مبيعات العقار منذ حوالي خمس سنوات، تم تثبيث محطة لقياس التلوث قرب الدائرة الحضرية الأولى، كلفت ميزانية الدولة الملايين، لكنها لم تشغل لحد الآن، رغم أنها تقوم بقياس تركيز الملوثات في هواء المدينة، وتفيد هذه المحطة في تحديد نسبة التلوث ونوعيته. كما تمكن من معرفة الاختلافات الزمنية في تركيز الملوثات لتحديد أكثر الأوقات تلوثا لاتخاذ التدابير اللأزمة.واستغرب فاعل جمعوي في تصريح لـ«الصباح» عدم تشغيل هذه المحطة التي ظلت معطلة طيلة هذه المدة، ما يبين أن بعض المسؤولين ليس لهم هاجس الحفاظ على صحة السكان وحماية المواطنين من آفة التلوث. خروج المواطنين الى الشارع للاحتجاج ضد تلوث المدينة، دفع زينب العدوي، والي جهة الغرب الشراردة بني حسن وعامل إقليم القنيطرة، لإصدار تعليمات الى جميع المصالح الخارجية المعنية من أجل القضاء الكلي على جميع أشكال الحرق العشوائي للعجلات المستعملة في المدينة، ومحاكمة جميع المسؤولين عن هذه الأعمال غير القانونية. وأمرت الوالي العدوي، رؤساء هذه المصالح بإلزام مسؤولي المحطة الحرارية التابعة للمكتب الوطني للكهرباء بإجراء خبرة والقيام بتحليل انبعاثات المعمل في الغلاف الجوي. تحليلات بمختبر الدرك لطبيعة الغبار الأسود قررت الوالي الاستعانة بمختبر الدرك الملكي بالرباط، وذلك من أجل القيام بالتحليلات اللازمة لتحديد مصدر ونوع الغبار الأسود الذي يخنق أنفاس المواطنين، ويهددهم بامراض تنفسية وسرطانية. ولم تكتف زينب العدوي بهذا الإجراء، بل طالبت من المصالح المختصة، إعادة تشغيل محطة قياس جودة الهواء في المدينة، وإحداث لجنة لمراقبة جودة الهواء، طبقا للقوانين الجاري بها العمل، والتدخل لدى الوزارة المكلفة بالبيئة من أجل تمكين مدينة القنيطرة من مختبر متنقل، تحت إشراف المختبر الوطني للبيئة، من أجل قياس جودة الهواء بالمدينة وتحفيز الوحدات الصناعية المحلية على القيام بعمليات إعادة تأهيل منشآتها بشكل يراعي البيئة. ومن مخلفات هذا التلوث الذي ضرب القنيطرة لمدة تزيد عن ثلاث سنوات، دون أن ينتبه إليه المسؤولون عن صحة المواطنين، أو الذين يسيرون شؤون المدينة، أن العديد من الأشخاص باعوا منازلهم وغادروا القنيطرة، حماية لصحتهم وصحة أبنائهم. كما أن مبيعات العقار بعاصمة الغرب لم يعد عليها الإقبال، كما كان قبل شيوع أمر هذه «الفضيحة البيئية»، إذ تراجعت مبيعات الشقق. إعداد: عبدالله الكوزي

غبـار أسـود يخنـق سكـان القنيطـرة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الجريفي : عبد الهادي بلخياط نصحني باعتزال الغناء

حوات : الجهة الشرقية في حاجة إلى مخطط إقلاع

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات