صالونات التجميل الشعبية… بؤر متحركة

خدمات تركيب الرموش والتزيين بالحناء وضفر الشعر في غياب التدابير الوقائية ارتفع عدد الإصابات والوفيات إلى مستويات قياسية لم يسبق أن تم تسجيلها، ما دفع السلطات العمومية إلى اتخاذ إجراءات وقائية جديدة للحد من انتشار الوباء، خاصة بعد ارتفاع عدد المصابين بفيروس «دلتا»، السريع الانتشار، إذ امتدت العدوى لتصل إلى صغار السن والرضع، واقترب عدد الوفيات من تجاوز سقف 100 حالة. وقررت الحكومة، إثر ذلك، إغلاق الحمامات ومنع حفلات الزواج وفرض حظر التجول، ابتداء من الساعة التاسعة ليلا ومنع التنقل من وإلى الدار البيضاء ومراكش وأكادير. لكن يلاحظ تساهل في تنفيذ هذه الإجراءات الوقائية، علما أن النتائج المرجوة تظل متوقفة على مدى الحزم في إلزام احترام هذه التدابير، علما أن هناك عددا من الأنشطة التي تمثل مخاطر كبرى وبؤرا متنقلة للوباء. أغلقت الحمامات، رغم أنها أقل خطورة من بعض الأنشطة الأخرى، إذ أن درجة الحرارة تكون مرتفعة بها، كما أن الوافدين إليها يقصدونها من أجل التنظيف باستعمال المياه الساخنة والصابون و»الشامبوان»، في حين أن هناك بؤرا تمثل خطرا كبيرا لانتشار الوباء، مثل بعض المهن التي تنتشر في التجمعات السكنية الشعبية المرتبطة بالتجميل أو «صالونات» التجميل الشعبية، إذ هناك نساء يضعن طاولات لاستقبال الراغبات في النقش بالحناء أو تركيب الرموش الاصطناعية أو القيام بضفر الشعر. إذا كان قرار الإغلاق موحدا بالنسبة إلى الأنشطة التجارية المهيكلة، مثل المساحات التجارية الكبرى ومحلات المواد الغذائية والمقاهي، فإن الإجراءات المطبقة على بعض الأنشطة المتنقلة تظل محدودة وغير كافية. وعاينت «الصباح»، خلال جولة بشارع أفغانستان بالحي الحسني اصطفاف عشرات النساء اللائي يقدمن خدمات التجميل في الشارع العام في غياب تام للتدابير الاحترازية، كما أن عددا منهن لا يقتنين الكمامة ولا يتوفرن على المحلول المعقم، وتتعاملن مع عشرات من الشابات اللائي يقصدنهن للتجميل، إما لضفر شعرهن على الطريقة الإفريقية أو تركيب رموش بارزة علها تجذب الاهتمام. الأدهى من ذلك أن بعض «صالونات التجميل» الشعبية يتم نصبها أمام مقاطعة الأمن وعلى مرأى ومسمع من السلطات المحلية دون أن تحرك ساكنا، بإلزام صاحبات هذه الصالونات المتنقلة والمترددين عليها بالالتزام بالتدابير الاحترازية. وتبرر السلطات تقاعسها عن إرغام الباعة المتجولين على احترام شروط التباعد الجسدي بدواع اجتماعية، إذ تغض الطرف عن هذه الفئات، بدعوى أنها تعتبر من الشرائح الفقيرة، التي لا تتوفر على مصدر رزق، وأن هذه الأنشطة توفر لها مدخولا لتأمين حاجيات أسرها، ما شجع المتعاطين لها على مواصلة نشاطهم دون التقيد بأبسط شروط الوقاية. "قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق"، تقول مليكة، صاحب طاولة تجميل، في ردها عن سبب عدم احترامها للشروط الوقائية، التي وضعتها السلطات العمومية، مضيفا أنها مطلقة وتعيل أسرة من ستة أفراد، تتكون من والديها المسنين، إضافة إلى ثلاثة من أبنائها، متسائلة كيف يمكنها أن تتدبر تكاليف الحياة، إذا التزمت بالشروط الوقائية، إذ أن أغلب المترددات عليها لا يرتدين الكمامات، ولا يمكنها إلزامهن بها، لأن هناك منافسة كبيرة وهناك من سيقبل بهن على حالتهن. وأوضحت أنها كانت تشتغل، خلال فترة ما قبل الجائحة، من الساعة الحادية عشرة إلى الثامنة مساء، أي أزيد من 9 ساعات من العمل، لتضمن دخلا في حدود 120 درهما، مضيفة أن دخلها، حاليا، لم يعد يتجاوز 60 درهما في اليوم، إذ أن هناك عددا من الزبونات أحجمن عن زيارتها بسبب الخوف من العدوى. وكانت السعدية أكثر جرأة من مليكة، إذ أكدت أنها " على استعداد للامتثال للتوقيت، لكن هل سيتم تعويضها وتمكينها من دخل يضمن لها تغطية تكاليف الحياة؟"، مضيفة أن طبيعة مهنتها المتمثلة في النقش بالحناء تجعل من الصعب الالتزام بالتباعد أو استعمال محلول التعقيم، كما أن تركيب الرموش الاصطناعية لا يمكن أن يتم دون لمس وجه الزبونة وعينيها، مشيرة إلى أنها تنظف يديها بعد كل عملية. لكنها لا تضمن سلامة الزبونات اللواتي يترددن عليها طيلة اليوم من الفيروس، إذ يمكن أن ينتقل منهن إليها وتنقله بدورها إلى زبونات أخريات، فتتحول إلى بؤرة لنقل وانتشار الفيروس. وتتحاشى السلطات أصحاب هذه المهن المتنقلة، لأنها لا تتوفر على بدائل، خاصة أن توقيفهن عن العمل يفرض تمكينهن من بديل لضمان قوتهن، إذ أن أغلبهن يعلن أسرهن.

صالونات التجميل الشعبية… بؤر متحركة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

"إيراني" في انتخابات برشيد

تحت الدف

مقالات ذات صلة