سجناء يبحثون عن حياة كريمة بـ “الباك”

تحذوهم الرغبة في الانتصار على تجاربهم السابقة وتحقيق طموح بلوغ مراكز مشرفة في بعض الأحيان تقتضي معادلة النجاح وتحقيق الطموحات التالية: إرادة قوية وعزيمة صلبة وقليل من التحدي، وكثير من الصبر. هذه ربما الخصال التي شجعت فئة غير يسيرة من أفراد المجتمع على خوض غمار الترشح لاجتياز امتحانات الباكلوريا، وكلهم أمل في أن يكون ذلك فاتحة عهد جديد. عهد يخرجون فيه من ظلام الضلالة والغي والجهل إلى نور المعرفة والعلم. تلك حال مئات السجناء الذين قرروا وعقدوا العزم على أن تكون امتحانات الباكلوريا بداية القطيعة مع فترة كانوا فيها موسومين بالإجرام والانحلال والتهور والطيش. هم الآن في حجرات المدارس الإصلاحية شأنهم شأن غيرهم من الممتحنين خارج أسوار السجون. يخضعون للاختبارات نفسها وفي المواد نفسها وفي المدد الزمنية نفسها وفي شروط الحراسة والمراقبة ذاتها. لا فرق بين هؤلاء وأولئك، سوى أن من السجناء من سيجتاز اختبارات الباكلوريا، وقد ينجح، وسيضطر إلى مواصلة دراسته الجامعية والعليا من وراء أسوار السجن. من جملة هؤلاء الذين اختاروا أن ينخرطوا في هذا التحدي فتاة نزيلة بالسجن المحلي عكاشة بعين السبع بالدار البيضاء تبلغ من العمر 18 عاما. هذه الفتاة، التي تقضي عقوبة حبسية مدتها أربعة أشهر، اجتازت أول أمس (الثلاثاء) امتحانات الباكلوريا في شعبة العلوم الفيزيائية، داخل واحدة من قاعات دار الإصلاح بسجن عكاشة. الفتاة التي تحدثت إلى «الصباح» قضت، إلى حدود اليوم الذي شرعت فيه في اجتياز امتحانات الباكلوريا، شهرين واثنين وعشرين يوما من عقوبتها الحبسية، وهي تمني النفس أن يكون إصرارها على اجتياز الباكلوريا شكلا من أشكال التكفير عن الخطأ الذي زج بها في زنازين عكاشة. الفتاة، التي رفضت ذكر اسمها أو أحرفه الأولى، تطمح إلى أن تحصل على شهادة الباكلوريا بمعدل مشرف يؤهلها لولوج إحدى مدارس الأقسام التحضيرية.ليس هذا فقط، بل كلها عزم وإصرار أن تتخطى العوائق التي يمكن أن تحول دون تحقيق حلمها في أن تصير مهندسة معمارية. الفتاة قالت إن أجواء الامتحانات داخل حجرات الدراسة «عادية جدا لا فرق سواء في المعاملة أو الحراسة أو المراقبة»، ثم تضيف «بالنسبة إلى الاستعدادات مرت في أجواء عادية بدورها، إذ أن الأساتذة متوفرون وكذلك المراجع واللوازم الدراسية».الأجواء العادية للامتحان التي تتحدث عنها هذه الشابة تعكسها مرافق دار الإصلاح - عكاشة التي لا تفرق شيئا عن المؤسسات الخارجية سوى في أنها قد تكون أكثر نظافة وأناقة وتنظيما من معظمها، حتى من تلك التي توجد في قلب المدن والحواضر الكبرى. طاولات أنيقة في الغالب، جدران بيضاء اللون لا تشوبها شائبة، احترام تام لمقتضيات المذكرة الجديدة لوزارة التربية الوطنية التي تحدد عدد الممتحنين في 20 تلميذا..ليس فقط السجناء القابعون في زنازين عكاشة من يجتازون امتحانات الباكلوريا وراء أسوار هذا المركب السجني، بل أيضا منهم من قضوا عقوبات حبسية انتهت أياما أو أسابيع قبل إجراء امتحانات الباكلوريا وكانوا مسجلين بدار الإصلاح المذكورة وتوصلوا باستدعاءات لاجتيازها هناك. وفعلا منهم من لبى هذا النداء، ومن هؤلاء شاب في العشرين من العمر يسمى (م. ش.) والذي جاء من الحي الحسني ليجتاز اختبارات الباكلوريا، مع العلم أن بإمكانه يتوجه إلى مركز الامتحانات الذي يتبع له ويطلب تغيير المركز الذي سيجتاز به هذه الامتحانات.يتابع هذا الشاب دراسته في شعبة الآداب العصرية. قضى عقوبة حبسية انتهت يوم الخميس الماضي. تأثره بالطريقة التي كان يدافع بها عنه محاميه في القضية التي توبع من أجلها والتي يعتبرها مفبركة، واتهم فيها «ظلما وعدوانا»، دفعه إلى الحلم أن ينهي دراسته الثانوية ويتم دراسته الجماعية في إحدى كليات الحقوق حتى يصير في إمكانه تحقيق الحلم الذي صار يراوده منذ مدة غير يسيرة، وهو أن يصبح محاميا يترافع عن الضعفاء والمظلومين.عبد الواحد ابريجة، مدير إعدادية صلاح الدين الأيوبي بنيابة عين السبع الحي المحمدي، ويشرف على مركز الامتحانات بسجن عكاشة، يقول إن أجواء الامتحانات بهذا المركب السجني عادية وتجري كما تجري في باقي مؤسسات التعليم الثانوي. وأوضح أن الامتحانات والدراسة داخل السجن تخضع لإشراف وزارة التربية الوطنية، مضيفا أن 15 إطارا يشرفون على إجراء الامتحانات داخل دار الإصلاح عكاشة. محمد أرحمني

سجناء يبحثون عن حياة كريمة بـ “الباك”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جمعيات تطالب بمحاكمة مغتصب طفلة ببولمان

محمد السادس يهنئ دوليين سابقين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات