بورتريه: سعيد القادري… تبرع 113 مرة طيلة 18 سنة

لم يكن اختيار سعيد القادري، أحد أكثر المغاربة تبرعا بالدم، لتسلم شهادة تقديرية من يد جلالة الملك محمد السادس، رفقة فاعلين جمعويين آخرين من المتبرعين، عبثا أو محض صدفة، بل اعتراف بمسار نبيل طيلة 18 سنة أعقبت تبرعه بأول قطرة دم في سنة 1970، لإنقاذ حياة امرأة تعرضت إلى نزيف دموي حاد، في حالة إنسانية فتحت في وجهه أبواب الخير.ولأن له الفصيلة والصنف الدموي نفسيهما مع تلك السيدة (ب+)، فقد وقع عليه الاختيار للتبرع لفائدتها وإنقاذ حياتها، ليجد نفسه صدفة بين المتبرعين. لكنه أصر على مواصلة هذا الطريق الذي لم يندم عليه حتى وقد أنهى عقده السادس، مؤكدا أنه مصمم على مزيد العطاء والتبرع طالما أن في ذلك إنقاذ لحياة إنسان بحاجة إلى قطرات دم تبث الروح في جسده.سعيد القادري ابن الأحباس بدرب السلطان بالبيضاء، ورئيس جمعية بلادي للتنمية المستدامة وتخليق الحياة العامة بفاس، ثاني مغربي من حيث عدد المرات المتبرع فيها بالدم، برصيد 113 مرة، إذ يتبرع بشكل منتظم ومرة كل 3 أشهر منذ نحو عقدين، في مبادرة إنسانية ما ظن يوما أن تكون سببا في تكريم ملكي سام حين إعطاء حملة للتبرع بالدم من فاس. "تبارك الله عليك، والله يزيد من أمثالك".. عبارة خاطبه بها جلالة الملك وما زالت ترن في أذنيه، وهو يسلمه الشهادة التي اعتبرها شحنة إضافية لمزيد من التبرع والعطاء، قبل أن يسأله عن سنه الذي لن يكون حائلا بينه وبين مثل هذه المبادرات والفعل التطوعي النبيل، الذي دعا إلى جعله أولوية وطنية للصحة العمومية وعاملا أساسيا لضمان الأمن الصحي. هذه الالتفاتة الملكية يعتبرها سعيد القادري الفائز بلقب أحسن فاعل جمعوي في 2008 في الاستفتاء الذي نظمته إذاعة "أصوات" وجمعية "آفاق"، التي طالت كذلك متطوعين آخرين من البيضاء وأكادير، إشارة "عززت قدراتي وكانت أفضل ما يمكن أن أحظى به من اعتراف وجزاء"، مؤكدا عزمه الاستمرار في التبرع للسنوات الأربع المقبلة، لتحطيم الرقم القياسي في المجال. وقال إن ما يزيد من إلحاحية الطلب، كون مؤشر التبرع بالدم بالمغرب ما زال لم يتجاوز 0.85 في المائة من السكان، عكس المعدل العالمي المحدد في 3 بالمائة حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، مؤكدا حدوث تطور مهم عقب الحملة التي أطلقها جلالة الملك في 8 مارس، ما يمكن ملامسته من حيث توفير كل حاجيات المستشفى الجامعي بفاس، من الدم. وأوضح أن كمية الدم المتبرع به ارتفعت بعد المبادرة الملكية، ما يتضح من خلال تجاوز رهان المركز الجهوي لتحاقن الدم ومضاعفته ثلاث مرات، إلى 120 ألفا، مشيرا إلى أن جمعيته مجندة في هذا المجال ولن تتوانى في تقديم كل الدعم، إذ تنظم حملات متواصلة من آخرها تلك المنظمة في 21 ماي الماضي التي تطوع فيها 120 شخصا من مختلف الشرائح الاجتماعية. فبعدما كانت الجمعيات العاملة بتنسيق مع المركز الجهوي لتحاقن الدم، بالكاد توفر 50 طلبا يوميا من هذا المستشفى، تداركت العجز بتوفيرها 70 طلبا يوميا، حاثا المغاربة على مزيد التبرع بالدم، نافيا ما تتداوله الألسن عن بيع الدم المتبرع به، ف"نبل الرسالة موجود، والإشاعة لا أساس لها"، مذكرا بتبرع مسؤول سابق بولاية فاس، في حالة إنسانية مستعصية. والتبرع بالدم حسب هذا الرجل الذي يشغل مهمة نائب رئيس جمعية ابن النفيس للمتبرعين بالدم بجهة فاس بولمان، من صميم واجباته الوطنية، إذ عليه تقديم خدمة ما لمن هم بحاجة إليه، مؤكدا أن الأمر لا يؤثر على واجباته الأسرية ومحيطه العائلي، بل "يكرس لدي قناعة وتربية على المواطنة أعمل على تلقينها لمن حولي من أفراد أسرتي وعلى رأسهم ابني الوحيد". ويؤكد أنه في كل مرة يتبرع فيها بدمه، يحس براحة نفسية وطمأنينة لنبل وأهمية ما قام به، مؤكدا أن الكثير من الناس يجهلون أن التبرع فيه فوائد صحية، إذ "يحمي من الصداع النصفي والضغط الدموي، ويجعل المرء دائم الحيوية والنشاط لتجدد الكرياء الحمراء في جسمه"، مؤكدا أن دور جمعيته التحسيس بمثل هذه المنافع الصحية وتصحيح المفاهيم الخاطئة في المجال.ولأجل كل هذه الخصال، أصبح سعيد مرجعا لمركز تحاقن الدم بفاس، يلجأ إليه كلما اقتضت الضرورة وفي الطوارئ، وكلما كانت ثمة حالة مستعجلة في حاجة إلى دم، فهو يتوفر على بنك للمعلومات عن كل الأشخاص المتبرعين من قبل وفصيلة الدم التي يحملونها، فلا يتوانى في الاتصال بالمعنيين من أصحاب العينة المطلوبة على الفور والتنقل لمرافقتهم إلى المركز. حميد الأبيض (فاس)

بورتريه: سعيد القادري… تبرع 113 مرة طيلة 18 سنة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

عجز المغرب من الدم يقارب 30 في المائة

مهرجان فاس يحتفي بتاريخ الفردوس المفقود

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات