الإعفاءات وسؤال العدالة الجبائية

تضيع على الخزينة 36 مليار درهم والمناظرة توصي بترشيدها وفق الأولويات الاقتصادية أسدل الستار، أول أمس (الثلاثاء)، على أشغال المناظرة الوطنية حول الإصلاح الجبائي، التي خلصت إلى إصدار عدد من التوصيات ستشكل خارطة الطريق بالنسبة إلى الحكومة من أجل معالجة الإشكالات الكبرى التي تعانيها منظومة التشريعات الجبائية. وكانت الإعفاءات الجبائية موضوع نقاشات مستفيضة، خاصة في الجلسة المخصصة لموضوع «التشريع الجبائي والإنصاف الجبائي» وعلاقة ذلك بالعدالة الجبائية. وأصدر المشاركون في الجلسة مجموعة من التوصيات من أهمها، ضرورة إحداث توازن في هيكلة الإيرادات الضريبية ما بين الضرائب المباشرة وغير المباشرة، والإقرار التدريجي للضرائب على الفلاحة مع مراعاة خصوصيات هذا القطاع، وترشيد الإنفاق والإعفاءات الضريبية بكيفية تستجيب للأولويات الاقتصادية.وهكذا يصبح للتحفيزات الجبائية دور في التنمية الاقتصادية، فالسياسة الجبائية تعتبر من ضمن آليات السياسة الاقتصادية والاجتماعية، إذ من خلال التدابير الضريبية تسعى السلطات العمومية إلى تحقيق أهداف الإستراتيجية التنموية الشمولية التي يتم إقرارها. وفي هذا الإطار يتعين أن تدخل الإعفاءات الضريبية والامتيازات والإجراءات الاستثنائية التي تتخذها السلطات لفائدة بعض القطاعات الاقتصادية والمالية والاجتماعية. من المؤكد أن كل البلدان تستعمل هذه الوسيلة لتسريع وتيرة الإنجازات ومساعدات بعض القطاعات الحيوية خلال مرحلة انتقالية لتجاوز الصعوبات الظرفية التي تعانيها.لكن الفرق بين ما هو معمول به في مجموعة من البلدان والمغرب، أن هذه الإعفاءات والإجراءات الاستثنائية بالمغرب تصبح بمثابة مكتسبات بالنسبة إلى القطاعات التي تستفيد منها ولا تقبل التنازل عنها، كما أن هذه التدابير تمنح دون التوقيع على اتفاقيات واضحة بين الحكومة والقطاعات المستفيدة، تحدد من خلالها التزامات كل طرف ومدة الاستفادة، إذ في حال عدم تحقيق القطاعات المستفيدة لالتزاماتها، فإنها، لا تحرم فقط من الإعفاء، بل تصبح ملزمة بأداء الضرائب طيلة المدة التي كانت فيها معفية أو كانت تستفيد من تخفيضات. لقد كانت الإعفاءات تمنح، وما تزال، دون التزامات واضحة، الأكثر من ذلك أنه قبل خمس سنوات لم يكن هناك جرد دقيق لمختلف التدابير التي تدخل في هذا الباب، وكلفتها بالنسبة إلى خزينة الدولة، لكن، وتحت ضغط صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، أصبح من ضمن الوثائق المصاحبة لمشروع قانون المالية تقرير حول النفقات الجبائية، الذي يستعرض كل الإجراءات الاستثنائية وتكلفتها.لكن ذلك لم يعد كافيا، إذ يتعين تقديم تقييم دقيق حول حصيلة تلك الإعفاءات والتخفيضات، ومدى تحقيقها للأهداف المرجوة منها، وفي حال ثبت عدم جدوى تلك الإجراءات، يتعين إما إلغاؤها أو إعادة النظر في المقاربة المعتمدة، لأن الاستمرار في تمتيع شرائح معينة من الملزمين بإعفاءات وامتيازات دون مبرر يصبح متعارضا مع روح الدستور ومع مبدأ العدالة الاجتماعية، التي تشكل العدالة الجبائية مكونا من مكوناتها.ورغم أن الحكومة التزمت بإعادة النظر في المقاربة المعتمدة في اتجاه تقليص هذه الامتيازات الجبائية، فإن الملاحظ أن التقارير حول النفقات الجبائية، تشير إلى أنه رغم إلغاء بعض الإجراءات، فإن كلفة الإعفاءات والامتيازات المخولة لفائدة عدد من القطاعات تواصل ارتفاعها سنة بعد أخرى، إذ تجاوزت خلال السنة الماضية 36 مليار درهم، ما يمثل أزيد من 20 في المائة من مجموع الموارد الضريبية، و69 في المائة من الاعتمادات المخصصة لدعم المواد الأساسية. عبد الواحد كنفاوي

الإعفاءات وسؤال العدالة الجبائية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصحراء حرة والانفصاليون عبيد

شباط: العدالة والتنمية يتاجر بالدين والقضية الوطنية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات