ملفات تشهد تباينا في تفعيل الاعتقال والسراح

بين عليوة والإبراهيمي وبنعلو حلقة مفقودة في طريقة تدبير السراح منذ مدة تثار مسألة ضمانات المحاكمة العادلة في العديد من الملفات باختلاف أنواعها والمتابعين فيها خاصة ملفات تبديد المال العام، على اعتبار أن الغاية من المحاكمة في الأول والأخير هي تحقيق العدالة بمفهومها الشامل، إلا أن الملاحظ أن تلك الملفات يتم التعامل معها بنوع من الحذر الشديد الذي يسيء الفهم للمحاكمة العادلة. ويكون أول قرار يتخذ من قبل النيابة العامة أو قاضي التحقيق هو الاعتقال الاحتياطي للمتابعين ، في انتظار ما ستسفر عنه المحاكمة أو مجريات التحقيق ، ولا يتم اعتماد التدابير البديلة للاعتقال، إلا نادرا، لكن الغريب في تلك الملفات أنه بعد مدة معينة يتم منح السراح دون أن تجد في الأمور.في ملف توفيق الابراهيمي الذي أدين بخمس سنوات سجنا، رفض منحه السراح خلال مراحل التحقيق بالنظر إلى التهم التي كان يواجه بها وخلال المحاكمة وبعد عدة جلسات استجابت الهيأة إلى طلب السراح المؤقت، وغادر توفيق الإبراهيمي، المدير العام السابق لشركة كوماناف وميناء طنجة المتوسطي، ورفاقه المتابعون في ملف كوماناف السجن، بعد أن قررت هيأة المحكمة بغرفة الجنايات باستئنافية الرباط منحهم السراح المؤقت استجابة لطلب دفاعهم. وخلافا ما هو متعارف عليه من قبل النيابة العامة، ساندت في جلسة أول أمس هي الأخرى طلب السراح. واستكملت المحاكمة وتمت الإدانة وما زال الإبراهيمي خارج أسوار السجن في انتظار المحاكمة في المرحلة الاستئنافية. أما خالد عليوة الدير العام السابق للقرض العقاري والسياحي، فقد استمر اعتقاله حوالي تسعة أشهر كان في كل مرة يرفض طلب سراحه من قبل قاضي التحقيق وتؤيده الغرفة الجنحية، إلى أن ارتأت الغرفة أخيرا، تمتيعه بالسراح المؤقت، بعد أن رفضه قاضي التحقيق والغريب هو التعليل الذي أرفقت به قرارها بأن عليوة يتوفر على عائلة وسكن قار، وهي الضمانات التي اعتبرها كافية لمنحه السراح، وكأن تلك الضمانات لم تكن موجودة من قبل.الملف الثالث يخص عبد الحنين بنعلو ومن معه المتابعين في ملف المطارات الذي قضى أزيد من السنة داخل السجن وبعد إحالة الملف على غرفة الجنايات باسئتنافية البيضاء لم يستفد من السراح المؤقت رغم أنه يتوفر على الضمانات القانونية التي مكنت سابقيه من الاستفادة من السراح المؤقت، وهذا لا يعني حسب تفضيلهم عن غيرهم من المتابعين في حالة اعتقال وإنما تطبيق ضمانات المحاكمة العادلة، التي يجب أن تكون هي الأساس في أي متابعة.ويربط المهتمون ما يعرفه ملف الاعتقال الاحتياطي من عشوائية التدبير بخلط في كيفية تقدير الخطورة التي يسببها المتهم أو المجرم بشأن الأمن العام، فبعض الجرائم تتطلب أن التعامل معها بحزم بالنظر إلى تلك المذكورة وأخرى تفرض تفعيل التدابير البديلة بكيفية تتناسب هي الأخرى مع الفعل، لأن الحديث عن الأسباب نفسها المسببة للاكتظاظ داخل السجون وارتفاع نسبة الاعتقال الاحتياطي، فبين ضرورة تغيير نصوص قانونية وإلغاء التحقيق في الجنح وتطبيق الوسائل البديلة وتدابير المراقبة القضائية، تظهر العديد من علامات الاستفهام، ألم يستطع المغرب لحد الساعة استيعاب المشكل الحقيقي؟ لأنه من الناحية العملية لا يمكن أن يكون الكل على علم بسبب الاكتظاظ وطرق معالجته ولا تطبق على أرض الواقع، أم أن الأمر يتضمن أسبابا أخرى غير تلك التي يطالب الكل بتفعيلها؟ وترتبط بالسياسة الجنائية والساهرين عليها على اعتبار أن السياسة الجنائية يجب أن تولد من رحم السلطة التي يؤول إليها تطبيق القانون، لأن أهل الدار هم أدرى بما يجب فعله للتخفيف من تلك الأزمة. فالبحث عن محاربة الاعتقال الاحتياطي، يجب أن تكون في مقاربة شمولية للظاهرة، لا من حيث النصوص القانونية التي يجب الابتعاد في بعض منها على الطابع الزجري، لأن تواتر استعمال الاعتقال الاحتياطي خارج أي اعتبار لطبيعته الاستثنائية يمس بالأمن القانوني وقرينة البراءة التي تعد أساس المحاكمة العادلة، كما يعد مسؤولا بدرجة أولى عن ظاهرة الاكتظاظ المهول التي تشهدها السجون.

ملفات تشهد تباينا في تفعيل الاعتقال والسراح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مسيرة الرباط طالبت بإسقاط الحكومة

4 في المائة من سجناء "بولمهارز" بسبب "البارصا" و"الريال"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات