أطباء ينساقون إلى منح شهادات بمقابل

نزاعات بسيطة يحولها أطرافها إلى خطيرة بشهادات طبية مزورة طفت إلى السطح من جديد مشكلة الشهادات الطبية الممنوحة على سبيل التزوير أو بالمحاباة، ورغم التنبيه المستمر إلى خطورة الشهادة الطبية بالنظر إلى مدد العجز التي تحدد فيها، فإن محاكم المملكة عرضت عليها أخيرا، ملفات لأشخاص يتهمون أطباء بتحرير شهادات لا تتضمن حقيقة ما عاينوا أو أنها منحت في ظروف طبعتها المجاملة والارتشاء.أغلب الملفات تتعلق بخصومات بسيطة، يحولها أحد أطرافها إلى نزاع جدي ومن أجل منحها الجدية اللازمة، يبحثون عن شهادة طبية تفوق مدة العجز فيها 21 يوما، ويرفقونها بشكاية إلى النيابة العامة أو مباشرة إلى الدائرة الأمنية، فتنجز محاضر على ضوء ذلك، ويتم وضع الظنين، رهن الحراسة النظيرة قبل إحالته على النيابة العامة ثم الجلسة.بعض العارفين بمساطر العدالة، ينهجون أسلوبا ملتويا، من أجل إظهار الحقيقة، ويدركون جيدا أنهم ضحايا طبيب من قسم أبي قراط، ومنح شهادة غير صحيحة استعملت ضدهم ظلما، ما يدفعهم إلى استدراج الطبيب نفسه، لتحرير شهادة جديدة تكون عربون براءتهم مما نسب إليهم، وتجر الطبيب إلى المساءلة.واقعة مماثلة كانت حدثت في وقت سابق بمقر جمعية المعاقين ذهنيا بالبيضاء، إثر مشاكل التسيير التي خلفها المكتب السابق، إذ تفتقت عبقرية بعض الخصوم، إلى لجم أصوات جهرت بالفساد الذي خيم على التسيير والاختلاسات المالية التي عرفتها الجمعية التي تعنى بالرعاية التربوية للمعاقين ذهنيا، إذ عوض أن يتم تقديم الحساب والإتيان بدلائل براءة الذمة المالية، تم البحث عن طرق أخرى لإخراس أصوات المحتجين، واستعمل في القضية أحد المستخدمين بالجمعية بإيعاز من رؤسائه، لوضع شكاية ضد عضو من الجماعة التي لجأت إلى القضاء لكشف اختلاسات المال العام.كان السيناريو محبوكا جيدا، فقد تقدم المستخدم بشكاية إلى وكيل الملك، يشرح فيها أنه بسبب مواقفه ووقوفه إلى جانب الرئيس السابق، تم الاعتداء عليه بالضرب والجرح، وأرفق الشكاية بشهادة طبية حررها طبيب عام، يتوفر على عيادة خاصة في حي المعاريف، تحدد مدة العجز في 60 يوما.تحركت المساطر واستدعي المشتبه فيه المذكور اسمه في الشكاية، إلى مصلحة الشرطة، للاستماع إليه قبل عرضه على العدالة، لكن ومن حسن حظه، أن أحد الخصوم من الجهة المضادة، وقع في شنآن مع أصدقائه، فجاء مسرعا إلى الشخص الذي حررت ضده الشكاية، يخبره أن الأمر كله مقلب، وأن الشهادة الطبية منحت على سبيل المجاملة وبالارتشاء، كما دل على الطبيب الذي حرر الشهادة.كانت الأخبار التي استقاها المشتكى به بمثابة الحل السحري الذي نزل عليه من السماء، وفي الغد أسرع بدوره إلى عيادة الطبيب، وانتظر قدومه ليشرح له أنه كان ضحية اعتداء، إذ تظاهر بذلك بعد أن مزق قميصه واصطنع بعض الآثار، فسقط الطبيب في الفخ وحرر شهادة مثل التي حررها للخصم، ووضع فيها مدة العجز نفسها، فقدم له المقابل المالي الذي طلبه ثم انصرف.لم يقنع المشتكي بشهادة واحدة بل عاد في الغد إلى الطبيب نفسه وطلب منه نظير الشهادة الأولى بدعوى أنها ضاعت منه، إلا أن الطبيب رفض، وادعى أنها تتطلب دفع المبلغ المالي نفسه. استجاب للطلب فحصل على شهادة طبية جديدة بمدة العجز نفسها، قبل أن يتوجه إلى مصلحة الشرطة القضائية، للاستماع إليه.ما إن واجهه الضابط بسبب الاستدعاء، وبأنه مشتكى به في قضية ضرب وجرح، وأدلى له باسم الخصم، ومدة العجز التي دونت في الشهادة الطبية، حتى أخرج الشهادة الأولى، ليسأل الضابط نفسه إن كانت تشبه تلك التي يتوفر عليها في الملف.صرح في محضر الاستماع إليه أن الأمر ليس إلا تصفية حسابات، وأن السبب هو الاختلاسات المالية التي عرفتها الجمعية والشكايات التي رفعت إثرها إلى العدالة، وأن الخصوم يحاولون بشتى الطرق لجم كل من سولت له نفسه الاستمرار في مواجهتهم.أنجزت المحاضر وأبلغت النيابة العامة بالنتائج، فأمرت بفتح بحث مع الطبيب، الذي تم إيقافه، سيما أن الشهادة الطبية الثانية أدلى بها المتضرر، واعتبر أن الطبيب لا يكف عن تحرير أي شهادة بأي مدة عجز، ويطلب فقط المقابل.انتهى الأمر بمتابعة الطبيب ومستعمل الشهادة الطبية الأولى، وأحيلا على العدالة التي أدانتهما. المصطفى صفر

أطباء ينساقون إلى منح شهادات بمقابل

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

طبيب يتسبب في حمل رضيع اسمين مختلفين بسلا

الشهادات الطبية صك اعتقال إلى أن يثبت العكس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات