fbpx
خاص

الفيروس يعمق كوارث ابن رشد

مرضى يفترشون الأرض وروائح تزكم الأنوف واكتظاظ يبرر تزايد حالات الإصابة

أنين وبكاء وفوضى، المشهد ذاته يتكرر كل يوم في أروقة مستشفى ابن رشد بالبيضاء، حيث تتفاقم معاناة المرضى يوما بعد يوم، الفرق الوحيد هذه المرة، هو وزر الجائحة الذي فرض على الوافدين ارتداء الأقنعة الواقية، رغم أن معظمهم يكتفون بتغطية أفواههم بها، دون أنوفهم. وفي الوقت الذي حرصت فيه إدارة “ميريزكو” على نشر أكبر عدد ممكن من الملصقات التوعوية، حول أساليب الحماية من التقاط العدوى، تدل حالة الفوضى والاحتقان التي وقفت عليها “الصباح” في زيارة اعتيادية لهذا المرفق الصحي،على استهتار ملحوظ في صفوف المواطنين والعاملين بالمستشفى، ما يبرر نوعا ما، التزايد المطرد لعدد الحالات المصابة بكوفيد 19 في العاصمة الاقتصادية.

كانت الساعة تشير إلى الخامسة عصرا، حينما فتح المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد أبوابه في وجه الزوار المتوافدين بأعداد مهمة، دون الانتباه لما إذا كانوا يضعون الكمامات والأقنعة الواقية أم لا، إذ اندفعوا متزاحمين بالباب الرئيس للمستشفى كالسيل الجارف على مرأى من حراس الأمن اللامبالين، وانتشروا بأرجائه كالجراد في حقل قمح مثمر. في المقابل، كان منظر المكلفين بالحراسة عند أبواب المستعجلات أشد شراسة وتجبرا، إذ حرصوا على التحكم في الداخل والخارج، بذريعة عدم تجاوز عدد المرضى الذين يسعهم المستشفى، بينما استثنوا معارفهم وأصحاب “التدويرة” من الإجراءات المزعومة للحد من انتشار الفيروس.

اكتظاظ ومراحيض عفنة

داخل جناح المسالك البولية، اكتظت قاعات المرضى بالزوار الذين حددت إدارة المستشفى عددهم في زائر واحد لكل مريض، لكنهم توافدوا بأعداد كبيرة تتنافى والتعليمات المشار إليها في لافتات كبيرة عند أبوابه الرئيسية، إذ تكدسوا في تجمعات حول أسرة ذويهم، وانهمكوا في تجاذب أطراف الحديث مزيحين الكمامات عن وجوههم، دون وعي بما قد يشكله ذلك من خطر على صحتهم وصحة النزلاء الذين يشكون من علل قد تضعف جهاز مناعتهم.
من جهتها، اضطرت الفرق الطبية المشرفة على حالات المرضى إلى شق طريقها بصعوبة عبر جموع الزائرين، إذ تابعت “الصباح” تجول إحداها عبر القاعات، بقيادة طبيب وممرضين، للاطلاع على الحالة الصحية لبعض المرضى، بينما استوقفنا منظر المراحيض القذرة وأحواض المغاسل المليئة بالمياه الراكدة، نتيجة انسداد مجاريها، في الوقت الذي انقلب فيه عاملو التنظيف على مهامهم الأصلية ليتحولوا إلى ممرضين يقدمون الإرشادات ويساعدون في نقل المرضى من الأسرة المتحركة إلى “الباياصات”.

روائح كريهة

عند الباب الرئيس للمستعجلات، حيث لا شيء مستعجل، تصطف الأجساد الهزيلة لعشرات المرضى تحت سياط الشمس اللافحة، في انتظار دورهم “المستحق” للحصول على مقعد بال بقاعات مكتظة ساخنة، وما أدراك ما قاعات الانتظار.
في أروقة تلك الفضاءات الضيقة، التي لا تتحمل الأعداد الكبيرة من الوافدين، حشر “مغلوبو الحيلة” حشرا لا علاقة له بما تدعو إليه الحكومة من تباعد اجتماعي وإجراءات وقائية للحد من انتشار كورونا، إذ تفتقد القاعات إلى أدنى شروط التهوية، وتقتصر على الهواء المتسلل من الباب الرئيسي، والذي تهب نسماته ساخنة كفرن يقذف لهبا.
أمام تلك الأوضاع الكارثية، لا يسع المرضى ومرافقوهم إلا الاستسلام للواقع المرير الذي تقضي به الأرواح نحبها قبل الأجساد، وتزكم فيه الأنوف بفعل الروائح الكريهة الشبيهة برائحة “الجيفة”. ولتقريبكم من المشاهد الصادمة والمروعة بقسم المستعجلات، لكم أن تتخيلوا الكراسي المملوءة عن آخرها، والمرضى المفترشين للأرض في انتظار فرصة لإسعافهم، أو المرتمين على أسرة متحركة بين الموت والحياة، وهو المشهد الذي يدق ناقوس الخطر، ويطرح أكثر من علامة استفهام على المسؤولين عن المنظومة الصحية ببلادنا.
من جهة أخرى، نجد الممرات المترعة بالنفايات والقنينات البلاستيكية المليئة ببول المرضى، ممن عجزوا عن التنقل للمراحيض من أجل قضاء حوائجهم البيولوجية بفعل الآلام الحادة، الأمر الذي دفع بالأطر الطبية وشبه الطبية إلى عدم مبارحة قاعاتها بالجناح الطبي، بينما تولى الحراس مهمة تنظيم الطوابير واختيار “المحظوظين” بالدخول إلى قاعات الفحص.
يسرى عويفي


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات

نود أن نشكركم على زيارتكم لموقعنا. لكننا نود أيضًا تقديم تجربة مميزة ومثيرة لكم. لكن يبدو أن مانع الإعلانات الذي تستخدمونه يعيقنا في تقديم أفضل ما لدينا.