الأشرطة المصورة والـتقاط المكالمات… بين القانون والتطبيق السيئ له

الـشخـص الـذي سـجـل أو صـور خـارج الحـدود المنصوص عليها في القانون لا يعتبر فـعـلـه صحـيحا ظهـرت في الآونة الأخيرة ولمـدة غيـر يـسيـرة طـريقـة جـديـدة للإثبات لاتـمـت إلى الـقـانون بـصلـة، وتـتجلـى فـي أشخـاص سـواء حـسني الـنية أو سـيئـيـها، يـلجـؤون إلى تـسجيـل الـمكـالمات الهـاتـفـية – وفـي بعـض الأحيان حـتى الـتصويـر ،مـع الـشخـص الـمراد تـقـديـم شـكايـة فـي مـواجهـته ، وفـي أغـلـب الحـالات يـتم إعداد أسـئلـة مـسبقـا، لـتكـون الأجوبة عـلى مقـاس الـتهمـة، ثـم تـفـرغ فـي قـرص مـدمج، يـضاف الـى الـشكايـة وتـوضع بيـن يـدي وكـيل الـملك مـن أجـل إثبات الجـنحـة. ويـتم إجراء بحـث عـن طـريـق الـشرطـة بـتعـليمـات مـن الـنيابـة الـعامـة، ويـتم تـسطـير المتـابعة فـي حـق الـمستـمـع إلـيه، بـل وتـتم إدانـته عـلى هـذا الأساس.ويعـتمـد أصحـاب هـذه الـفـكـرة عـلـى مـقتـضيـات الـمادة 286 من قانون المسطرة الجنائية الـتي تـنص عـلى مـايلـي: 1- "يـمكـن إثـبات الجـرائـم بـأيي وسيـلـة مـن وسـائـل الإثبات، ما عـدا فـي الأحـوال الـتي يقـضي الـقـانون فـيها بخلاف ذلك، ويـحكـم الـقـاضي حـسـب اقـتـناعـه الـصميم ويجـب أن يـتـضمـن الـمقـرر ما يبرر اقـتناع الـقاضي وفقا للبند 8 من المادة 365 الآتية بعده. 2- إذا ارتـأت الـمحكمـة أن الإثبات غـيـر قـائـم صـرحـت بعـدم إدانـة المـتهم وحكـمت بـبراءتـه.وفـي اعـتـقـادهم أن هـذه الـمادة تعـطـيهم إمكانية ذلك.لـكـن المـشـرع وضمـانـا لحـسن اسـتـعـمال هـذه الـوسيـلـة، واعـتـبارا مـنه أنـه إجراء خطيـر، فقـد اعـتبـره إجراء اسـتـثـنـائـيا، ووضـعه بـالـتالـي بـين يـدي قـاضي الـتحقـيـق متـى كـانـت الـقـضية معـروضة عـلـيه، وبـصفـة اسـتثـنـائـية لـما تـكون القـضية معـروضة عـلى الـتحقـيـق، يـمكـن للـوكيـل العام للـملك، بعـد الحـصول علـى إذن مـن الـرئيـس الأول، الـقـيام بهـذا الإجراء وفـي جـرائـم خـاصة وخـطيرة جدا عـلى أمـن المواطن وسلامة الـوطن .وكـما نـصت عـلـى ذلك المـادة 108 من قانون المسطرة الجنائية فـإنـه فـي حـالـة الاسـتعجـال القـصوى يـمكـن للـوكيـل العـام للـملك استـثـنـاء وخـوفـا مـن انـدثـار وسـائـل الإثبات أن يـقـوم بـهـذا الإجراء، ثـم بـعـد ذلك يـشعـر الـرئيـس الأول عـلـى الـفـور الـذي لـه الـحـق فـي الـموافـقة عـلى الإجراء أو تعـديله أو إلغـائه.وعـلـى خـلاف ذلـك، بـدأت تـظهـر كـما تـمـت الإشارة إلـيه أعـلاه بعـض الـملـفـات فـي الـمحاكـم تـتضمـن الـبدعة الجـديـدة كـوسـيلـة إثبات، رغـما أن الـقـانـون يـمـنـعـها.وهـنـا أقـف لأوضـح بـأن الأمـر لا يـتعـلـق بـكـلمـة الـتـقـط أو سـجـل ، والـتـفـسيـر الـذي قـد يـعطـي لـكـلمـة الـتـقـط أن المسـألـة تـخـرج عـن نـطـاق الـرضى، فـي حـيـن أن الـتسجـيـل يكـون بـرضى الـطـرف الآخر، فالأمر سـيـان فـي الحـالـتيـن، ســواء كـان الـتـقـاطـا أو تـسجيـلا لأنـه لا يـمكـن تـصـور الـرضى فـي الحـالـتيـن مـعا، وسـواء كـانـت هـذه الـمكـالمة مـوجـهة إلى شـخص بـذاتـه أو لـغـيره.ونـعايـن أن المـشـرع في المـادة 289 من قانون المسطرة الجنائية، "لا يـعـتـد بالـمـحـاضـر والـتـقـارير الـتـي يـحـررها ضـبـاط الـشـرطـة وأعـوان الـشـرطـة الـقـضائـية والأعوان الـمكـلـفـون بـبعـض مـهـام الـشرطـة الـقـضائـية، إلا إذا كـانـت صـحيحـة فـي الـشـكل وضـمـن فيهـا مـحررهـا وهـو يـمارس مهـام وظيفته ما عاينه أو تلقاه شخصيا في مجال اختصاصه، بـمعـنى أن مـن خـولـه المـشرع تـحريـر الـمحاضـر فـي حـد ذاتـها، والـتي تـكـون وسيـلـة لـرفـع الـملـف إلى الـوكـيل الـعام للـمـلك أو وكـيل الـمـلك، يـجـب أن تـتوفـر فـيـه شـكـلـيـات خـاصـة، وما بالك حـين نـكون أمـام الـتـقـاط للـمكـالـمات أو تـسجـيـلـها، فـأي شـكـل سـنكـون عـلـيه ، ومـاهـي الإجراءات الـواجـب تـوفـرهـا فـيها حـتى تـكـون سـلـيمـة.سيـلاحـظ الـقارئ أن المـادة 109 من قانون المسطرة الجنائية أوجـبت أن يـتـضمـن الـمقـرر الـذي يـتخـذ طـبقـا للـمادة 108 كـل العـناصـر الـتي تـعـرف بـالمـكـالمـة الهـاتـفـيـة أو بـالمراسلـة المـراد الـتقـاطها وتـسجيـلهـا أو أخـذ نـسـخ مـنها أو حـجـزهـا، والـجريـمة الـتي تـبـرر ذلك، والـمدد الـتـي تـتم فـيها الـعـملـية، ولا يـمكـن أن تـتجـاوز المـدة الـمـذكـورة فـي الـفـقـرة الأولى مـن هـذه الـمادة أربـعـة أشـهـر قـابـلـة للـتجـديـد مـرة واحـدة ضمن نفـس الـشروط المشار إليها في المادة 108من قانون المسطرة الجنائية.فـي حـين أن الـشخـص الـذي سـجـل مـكـالـمة هـاتـفـية أو صـور خـارج هـذه الحـدود يكـون فـعـلـه غـيـر صحـيح بـل وغـيـر قـانـوني. فـالمشـرع فـي الـمادة 291 من قانون المسطرة الجنائية اعـتبـر مـاعـدا ذلك مـن الـمحاضـر، وهـو يـتكـلـم عـن الـمشار إلـيها فـي الـمادة 290من قانون المسطرة الجنائية، مـجـرد معـلـومـات.فـفي أي خـانـة سـنـضـع الـمكـالـمات الـهاتـفـية الـتي سـجـلـت خـارج الإطار الـذي سـمح بـه الـقانون.فـإذا كـان وكـيل الـملك لاحـق لـه فـي إعطاء الأمر بـالـتـقاط الـمكـالـمات الهـاتـفـية و وســائـل الاتـصـال عـن بـعـد وتـسـجـيـلـها، فـهـل هـذه الإمكانية ممـنوحـة ومـباحـة للـشـخص الـعـادي، الـجـواب بـالـنـفـي ، وإذا قـام بـذلك هـل يـعـاقـب .والمـادة 115 من قانون المسطرة الجنائية جاءت واضحة حـين نصت عـلى مايلي:"يـعاقـب بالحبـس مـن شهـر إلى سـنة وغـرامـة مـن 00،10.000 درهم إلى 100000 درهم أو بإحدى هـاتـيـن العـقـوبـتـيـن فـقـط كـل مـن قـام بـوضـع وسـائـل مهـيأة لإنـجـاز الـتـقـاطـات أو الـتقـط أو بـدد أو اسـتـعـمـل أو نـشـر مـراسـلات مـرسـلـة بـواسـطة وسـائـل الاتـصال عـن بعـد خـلافـا للـمقتضـيات الـمنصـوص عـلـيـها فـي الـمواد الـسابـقـة، كـما طـالـت الـعـقـوبـات نـفـسها أعـوان الـسلـطـة الـعـمومـية والأجراء لـدى شـركـة عـمومية للاتصالات أو لـدى مـزود بـخـدمـات الاتـصالات الـذيـن بـمـناسـبة مـمارسـة مـهـامـهم قـامـوا بـالـكـشف عــن وجـود الـتـقاط أو أمـروا بـذلك أو ارتـكـبوا أو سـهـلـوا الـتـقاط أو تـبديـد مـراسـلات مـرسـلة بواسطة وسـائـل الاتـصال عـن بـعـد ، وذلـك حـسـب الـمادة 116 من قانون المسطرة الجنائية.إن بعـض الـمحاكـم خـاصـة بـمديـنة الـدارالبيضاء ابـتـدائـيا واسـتـئنـافـيا، اعـتمـدت عـلـى هـذه الـوسـيلـة لإصـدار أحـكـام بالإدانة، وهـكـذا يـتـبيـن أن مـشـرع قـانون المـسـطـرة الـجـنائـية نـص عـلـى الـمـنـع بـشـأن هـذا الـمـشـكـل عـلـى عـدة كـلـمـات:الـتـقـط – سـجـل – بـدد – اسـتـعـمـل – نـشـر – كـشـف – أمـر – سـهـل ، وهـذه الـكـلمات لـها مـعـنـى مـدقـق ، ولا يـمـكـن بـأي حـال مـن الأحوال التضرع بـعـدم الـتـمـكـن مـن الـحـصـول عـلـى وسـيـلـة لإدانـة مـرتـكـب فـعـل مـخـل بـالـقـانون، حـتى يسـمـح بـهذا الإجراء ، الـذي تـكـون لـه عـواقـب خـطـيرة سواء عـلى الـمتـابـع أو الـعـمـل الـقـضائي ، الـذي ليسـت لـه الـتـجربـة بـعـلوم الـتـكـنـولـوجيا حتى يأخذ بالـوسيـلـة الـمسـتـعـملـة أو ينـفـيـها ، لأن الأمر يـتـطـلـب إجراء خـبرات عـلى الأقل للتـأكـد مـن صحة الـواقعة من جهـة، و لإمـكانية اعتمادهـا في إصدار العـقوبة من جهة أخرى. عبدالمجيد خشيع, محام بهيئة الدارالبيضاء

الأشرطة المصورة والـتقاط المكالمات… بين القانون والتطبيق السيئ له

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أشرطة مصورة تجر مسؤولين إلى التحقيق

ستراوس كان في كتاب جديد مثير للجدل

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات