منطق المواطنة وحكم الأعيان في الصحراء

القبيلة حاضرة بكل ثقلها الاجتماعي والتاريخي والجيوسياسي يعتبر محمد زين الدين، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بالمحمدية أن من شأن التنزيل الفعلي للجهوية الموسعة أن تشكل فضاء رحبا يشرك النخب الصحراوية الجديدة، خاصة منها الشباب المتعلم و النساء، في تدبير الشأن العام، كما سيمكن من تجاوز حالة الانحباس الحالية في دوران النخب الصحراوية سواء على المستوى السياسي أو حتى الاقتصادي.وللبرهنة على فرضية أن الجهوية الموسعة، المرتقب اعتمادها في الأقاليم الجنوبية للمغرب، ستساعد على تعبيد الطريق أمام منطق المواطنة للتغلب على قانون الأعيان ، يستند زين الدين في تصريح لـ" الصباح" على مقاربتين، واحد قانونية تستند إلى ما يمكن أن توفره الجهوية الموسعة من مؤسسات تمثيلية جديدة سواء في حجم أو في طبيعة اختصاصتها، وأخرى سياسية تهدف إلى ترسيخ ثقافة الاحتكام لحكم صناديق الاقتراع والقطع مع هيمنة القبيلة ورابطة الدم .بخصوص الجانب القانون من الفرضية، يؤكد زين الدين أن الإطار المرجعي للجهوية الموسعة، كما حدده تقرير اللجنة الاستشارية المكلفة، سيخلق مجموعة من الوسائط التي ستلعب دور القنوات في تصريف انحصار دوران النخب في المجتمع الصحراوي، حيث ستجد في المجالس الجهوية المرتقبة الوعاء الملائم لممارسة الشأن العام ، خاصة أن هذه المجالس ستأتي مزودة باختصاصات تقريرية وصلاحيات موسعة، وينص القانون على ضرورة أن تتشكل في ثلثها من الشباب و النساء.كما يضيف زين الدين آلية قانونية أخرى من شأنها تسهيل عملية إدماج النخب الجديدة، دون إسقاط رقم الأعيان من معادلة تدبير الشأن العام الصحراوي، وهي ما يصفها بالتدبير التشاوري للمسألة التنمية بين كل من المجالس المنتخبة ومكونات المجتمع المدني، شريطة النجاح في تفعيل ما جاءت به اللجنة الاستشارية بهذا الخصوص وتجاوز الشلل الذي عرفته مثل تلك الآلية في الميثاق الاجتماعي لسنة 1976 ، التي كانت تشدد على أن المجلس الجماعي يدرس مخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية للجماعة ويصوت عليه طبقا لتوجهات وأهداف مخطط وطني، وعلى أنه يضع برنامج تجهيز الجماعة في حدود وسائلها الخاصة والوسائل الموضوعة رهن إشارتها، ويقترح كل الأعمال الواجب إنجازها بالتعاون أو بشراكة مع الإدارة والجماعات المحلية أو الهيآت الأخرى، لكنها مقتضيات ظل حبرا على ورق يقول أستاذ العلوم السياسية، قبل التعريج في مقاربته السياسية على ضرورة استبدال حكم الأعيان بمنطق المواطنة.على خلاف ذلك يؤكد محمد الغالي في إمكانية تراجع مكانة الأعيان بالنظر إلى تجذر ارتباط الصحراويين بالقبيلة، إلى درجة أن يمكن معها القول بأن الانتماء القبلي يحضر ليس فقط في المجالس التمثيلية والأحزاب السياسية بل كذلك في الجمعيات والتعاونيات وغيرها من الهيأة الاجتماعية المعاصرة.ويرجع الغالي الحضور القوي للقبيلة إلى كونها تجسد أكثر البنيات الاجتماعية اكتسابا لثقة أفراد المجتمع الصحراوي، على اعتبار أن القبيلة تبقى هي الضمان الأساسي و الإستراتيجي في ظل بقاء قضية الصحراء معلقة بلا حل دائم. ويرى الغالي أنه أمام صلابة موقع القبيلة في النسيج المجتمعي الصحراوي يمكن التعايش معها عند تنزيل الجهوية الموسعة، على اعتبار أنه حتى في حال توفير الآليات السياسية والمؤسساتية لوصول نخب جديدة إلى دائرة القرار ستبقى قى القبيلة حاضرة بكل ثقلها الاجتماعي والتاريخي والجيوسياسي.ورغم تشديده على منطق" أنا وأخي على ابن عمي و أنا وابن عمي على الغريب" هو المتحكم، أولا و أخيرا، في مجريات كل التحولات المحتملة في المجتمع الصحراوي، فإنه يعتبر أن من شأن تنزيل الجهوية الموسعة في أفق الحكم الذاتي أن يساعد الشباب الصحراوي على التحرر من حكم القبيلة على الأقل في الجانب المتعلق بتدبير الشأن العام ، خاصة أن بوادرهذا التحرر بدأت تظهر في مجالات أخرى كما هو الحال بالنسبة إلى مؤسسة الزواج مثلا، حيث بدأنا نلاحظ أن نسبة مهمة من الشباب المتعلم كسر قاعدة الزواج من القبيلة واختار أن يتزوج من خارجها.ياسين قُطيب

منطق المواطنة وحكم الأعيان في الصحراء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مهرجان طنجة... جيل الشباب يدخل المنافسة الرسمية

مصطفى ناعيمي : دور الأعيان في الصحراء مازال مستمرا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات