طوبى لخفافيش الجهل والظلام والشعوذة

لم تعد تمر مناسبة، دينية أو اجتماعية، دون أن تعمل فئات واسعة وجهات معينة بجد وتفان من أجل تكريس سلوكات وممارسات تمجد زيارة الأسياد والأضرحة وتجعلها “سوقا” لترويج ثقافة جاهلية وقروسطية تقدس مخلوقات بشرية وتتبرك وتتمسح بأعتابها بحثا عن خلاص وبركات وكرامات وهمية.ينتفي الإيمان والعقل والمنطق والإدراك ويحل محلها الجهل والظلامية والتخلف والشعوذة والعهر بكل تمظهراته، الخلقية والسلوكية، والشعوذة والدجل والخرافات والإيمان بالخوارق والاتكالية على أموات أو جمادات ينتظرون منها حل ما عجزوا عنه أو تحقيق ما استعصى الوصول إليه..وفي سياق الحديث عن المواسم التي تختلط فيها الشعوذة بالدجل والسحر والخرافة واستغلال سذاجة وجهل بسطاء العقول، تحضرني هنا حكاية رواها لي قبل حوالي ثلاثة أشهر شيخ بالضريح المزعوم لسيدي عبد الرحمان، إذ قال إن واحدة من الساحرات المشعوذات، اللائي يملأن حجرات الضريح كما تملأ الطفيليات والفطريات الغابات، اشترطت على امرأة، جاءت تطلب إليها النصح والسداد وتعاويذ ورقى تحصن زواجها وزوجها في وجه جاذبية وسحر النسوان، أن تخرج إلى جوار جحر المشعوذة و”تْفْسدْ”، أي تبحث عن رجل تسلمه نفسها وشرفها ليفعل به ما يشاء حتى تكتمل أركان وصفة الساحرة من أجل نجاح وصفة تحصين زواجها وربط وثاق زوجها حتى لا تخامره الرغبة في التطلع أو اشتهاء امرأة أخرى....الشيخ الذي قضى عمرا طويلا في محيط سيدي عبد الرحمان يؤكد أن مثل حوادث العهر هذه ما هي إلا واحدة من بين عشرات تحدث أسبوعيا ويزداد عددها في أيام عاشوراء التي يكثر فيها إقبال طالبات تعاويذ الدجل والشعوذة على ضريح سيدي عبد الرحمان “مول المجمر”..الغريب أن طقوس الشعوذة التي أكاد أجزم أن أي رقعة من تراب المملكة لا تخلو منها تحدث في ظل رعاية موصولة ودعم متدفق من لدن السلطات العليا في البلاد التي تدعي الحرص والسهر على الأمن الروحي والديني للمغاربة. فجوار سيدي عبد الرحمان، الواقع في أكبر تجمع سكاني في المغرب، أغلب أفراده بدو تنخرهم الأمية والجهل، توجد مراكز لمصالح الأمن وتمشط ذلك الجوار دوريات دائمة للأمن ومع ذلك يقع ما ذكرنا وأفظع، فمن المسؤول هل هم الجهال الذين لا حول ولا قوة لهم والذين لم يجدوا من يرشدهم إلى سواء السبيل بعد أن تخلت عنهم الدولة ومؤسساتها التعليمية والدينية، أم هو النظام الذي يحرص على تكريس هذه الظلامية والتخلف وترسيخهما بقوة وبشتى الوسائل؟الجواب قد يبدو جليا عندما تتاح للمرء فرصة زيارة ثلاثة مواسم أخرى أو أكثر، ليقف بأم عينه على حجم الرعاية التي تُحاط بها هذه “التظاهرات” الجاهلية سواء من حيث التنظيم أو الهبات السخية التي تغدق بها السلطات على أتباع ومريدي بؤر التخلف والجهل. هبات عينية عبارة عن ثيران مليحة تظل مضربا للمثل في جود وكرم وعناية النظام، وأخرى مادية عبارة عن مبالغ مالية يتسلمها ورثة وكهنة معابد العقائد الوثنية المستحدثة لم ينزل لا العقل ولا العلم بها من سلطان... فطوبى لخفافيش الجهل والظلام والعهر والشعوذة ما دام للكهنة ومعابدهم أرباب تحنو عليهم وتخصهم بالعطف والرعاية... محمد أرحمني

طوبى لخفافيش الجهل والظلام والشعوذة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

للا عائشة وللا يطو ومولاي بوشعيب بأزمور فضاء المتعة بامتياز

المواسم...زواج المقدس بالمدنس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات