اعتذار بنكيران في قضية الإدريسي يكسر ميزان العدالة

الحسم سياسيا في قضية جنحية معروضة أمام القضاء وقواعد امتياز جديدة للبرلمانيين القاعدة أن جميع المواطنين متساوون أمام القانون، وأن أي استثناء غير منصوص عليه قانونيا يعد ضربا من ضروب المحاباة، وتراجعا عن المكتسبات الحقوقية التي مافتئت الأحزاب والتنظيمات الحقوقية تدافع عنها.مناسبة هذه المقدمة ما تم تداوله في الأوساط البرلمانية والإعلامية من أخبار تفيد أن رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، ورئيس مجلس النواب عبد الكريم غلاب، اهتديا إلى حل توافقي في شأن ما أطلق عليه قضية الاعتداء على عبد الصمد الإدريسي، برلماني العدالة والتنمية، من قبل القوات العمومية أمام قبة البرلمان. الحل التوافقي الذي جادت به حكمة رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب، جاء متوشحا برداء سياسي، ومغلفا بالطابع الحزبي، ومنتصرا للانتماء التنظيمي، ومؤسسا لقواعد مسطرية جديدة في الخصومات الجنائية. ولربما يصبح قاعدة من قواعد الفقه التي ستدرس في الجامعات ويعتد بها في مجالس القضاء على غرار القرارات الشهيرة، «عبد الحميد الروندة ومزرعة عبد العزيز»، والقرار الفرنسي الشهير المعروف بقرار بلانكو سنة 1873.المعروف والمسلم به، أن حصانة البرلماني يستمدها من مهامه وتبعيته للمؤسسة التشريعية ويتقوى بها بمناسبة إبداء رأيه داخل البرلمان، فلا أحد يمس حرية رأيه، أما في غير تلك المواقع، فإن البرلماني يبقى مواطنا ويخضع إلى المساطر القانونية نفسها التي يخضع إليها طالب الحق، كان مدنيا أو جنائيا أو حتى إداريا، فالقواعد العامة تسند مهمة البت إلى القضاء باعتباره المخول إليه دستوريا ترتيب المسؤوليات الجنحية والجنائية والمدنية وغيرها، مع ترك الباب مفتوحا لإمكانية إجراء الصلح بين الأطراف عن طريق النيابة العامة.إن الاعتذار، سيؤسس قاعدة قانونية جديدة، تكسر ميزان العدالة، إذ تميل إلى الحسم سياسيا في قضية مازالت معروضة أمام القضاء، إذ لم يسبق لرئيس حكومة أن أنهى خلافا قضائيا مازال قيد البحث لدى النيابة العامة، بل إن تدخلا من هذا القبيل يشكل في الدول الديمقراطية عناصر تأسيسية مادية ومعنوية لجريمة يعاقب عليها القانون. اللافت أيضاً في مشــروع هــذا الاعتــذار غير المسبــوق، أنــه أوجد حلا سياسيا لقضية مشمــولة بالقــانون الجنــائي، واقتصــر على الاستماع إلى طــرف واحد دون بــاقــي الأطــراف، وأعطــــى سلطة البحث والحكم إلى جهــة واحدة هــي عبــد الكــريم غــلاب في خرق سافــر لمقومــات المحاكمــة العـادلــة، التي تقــوم علــى تمييــز سلطــة البحث عن هيــأة الحكــم مع ضمان الحياد والتجرد المفقــــودين في هــذه القضية وإمكانية التجريح، إن تبين لأحد أطراف النــازلة أن القاضي تجمعه قرابة بالخصم.من هــذا المنطلق، يمكن القــول إن اعتــذار بنكيران جاء ليمنح امتيــازا قضــائيا للبرلمــانيين، وليقــرر قــــواعد اختصــاص استثنــائية لفائدتهم، تقــوم على إسنــاد الاختصــاص في كــل نزاع يكــون برلماني طــرفا فيه الى رئيس الحكومــة، مــع تــأثيث المحاكمــة بــدور رمــزي يلعــب فيــه رئيس مجلــس النــواب دور "الكومبــارس". إن هـــذا الحل السياسي يشبه إلى حد كبير عملية تجميل مشوهة لعجــوز في عقــدها التاسع، فلا المساحيق ستخفف مــن حــدة التجــاعيد ولا تجفيف الدهون سيعيد الوميض إلى وجنتيها. لذا كان حريا بهؤلاء الفقهاء، بلغة القانون وليس الدين، أن يحيلوا الملف على القضاء ليستمع إلى جميع الأطراف، ويطلع على حججهم وبراهينهم، وينصت إلى إفادات الشهود، ومن ثم يقرر من المذنب ومن البريء، خصوصا أن الحكومة تهيئ ورشا مهما اسمه الإصلاح العميق للعدالة. المصطفى صفر

اعتذار بنكيران في قضية الإدريسي يكسر ميزان العدالة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التصريحات المثيرة تستفز الطاوسي

الملك يعزي أسرة الفنان مجد ومسؤولون يهينون ذكراه

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات