كيف “تورط” المغرب في حرب فرنسا على الإرهاب في مالي؟

الديبلوماسية المغربية تابعت الموضوع منذ شهور وصادقت على قرار الحرب ودعمت جهودها وحالة استنفار لتفادي الأسوأ لم يكن المغرب، والمنطقة المغاربية عموما، بعيدين عن الحرب الدائرة في شمال مالي، منذ أسبوعين، لتقينها من فلول الجماعات الإسلامية المسلحة التي حولت ثلثي أجزاء الدولة الإفريقية إلى "كارتيل" لتجميع غنائم التهريب والتجارة غير المشروعة في السلاح والبشر والمخدرات وأطنان المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية القادمة من المنظمات الدولية إلى دول المنطقة .وقد تكون الزيارة التي قامت بها وزيرة الخارجية الأمريكية، قبل تقديم استقالتها، إلى الجزائر من أجل البحث عن دعم جزائري بداية دعوة إلى تدخل عسكري محتمل في شمال مالي، بمساندة من دول مغاربية، بدعوى مطاردة على القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الذي يحتل شمال مالي مع حلفائه الطوارق من جماعة أنصار الدين وحركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا منذ أبريل الماضي حيث أعلنوا تطبيق الشريعة الإسلامية، والإعداد إلى إعلان دولة طاقستان، على وزن طالبان في المنطقة التي لا تبعد إلا بكيلومترات عن الحدود الجنوبية المغربية.بالموازاة، لعب المغرب دورا دبلوماسيا كبيرا لاستصدار قرار الحرب من طرف الأمم المتحدة، حفاظا على وحدة الأراضي المالية وأمن المنطقة بشكل عام، كما تحركت الرباط لأجل حشد الدعم الغربي لحسم المعركة العسكرية ميدانيا، لأن من شأن ذلك أن يعيد البناء الجيوستراتيجي للمنطقة، بعد أن ظلت لسنوات طويلة منطقة نفوذ للمخابرات الجزائرية، تستغل "الطوارق" في منطقة تمنارست، جنوب الجزائر لمراقبة عمق الدول المجاورة لها.وأشاد المغرب، منذ البداية، باعتماد مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2056 حول الوضع في مالي، وهو القرار الذي دعا دول الساحل والبلدان المغاربية إلى تكثيف تعاونها لمحاربة أنشطة تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" والمجموعات المرتبطة به.وقال محمد لوليشكي، الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، تعليقا على القرار، إن المغرب صوت لفائدة هذا القرار وساهم فيه بإيجابية، نظرا للتشبث الذي أبان عنه دائما والأهمية الخاصة التي أولاها على الدوام للاستقرار في مالي".بموازاة ذلك، نظم الشيخ موديبو ديارا الوزير الأول في مالي، زيارة عمل للمغرب، في إطار جولاته بدول إفرقيا لحشد الدعم إلى قرار الحرب على فلول الإرهاب بشمال بلاده، واستقبل عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، الوزير الأول المالي الذي قال إن المغرب كان أول بلد أرسل مساعدات غذائية وأدوية إلى شمال مالي.قبل ذلك، بالضبط في غشت الماضي، أعلن أعرب يوسف العمراني، الوزير المنتدب لدى وزير الخارجية والتعاون، عن خشيته من "صوملة" مالي التي تحتل مجموعات إسلامية شمالها ودعا إلى "تحرك دولي سريع".وقال العمراني إن "الكابوس الإستراتيجي والإنساني والسياسي من "صوملة" مالي يقلق المغرب وإفريقيا وكذلك أوربا"، وأشار إلى أن "فشل جميع الوسائل الدبلوماسية التي قامت بها المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا ومجلس الأمن يدعو إلى التفكير في وسائل بديلة من دون أن يتحدث في شكل مباشر عن تدخل عسكري".واعتبر العمراني أن تطبيق قرار الأمم المتحدة الذي يدعو إلى حل سياسي للازمة المالية "يواجه مشاكل كثيرة"، مؤكدا في ذات السياق بأن "المغرب سيواصل دعم الجهود التي تبذلها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا الهادفة إلى إيجاد مخرج سلمي يحترم سيادة ووحدة أراضي مالي الشقيقة".ويعلق عبد الرحمان المكاوي، الخبير في الدراسات الاستراتيجية والعسكرية، أن التداعيات لن تمس المغرب فحسب، بل شمال إفريقيا من موريتانيا إلى القاهرة.ويمكن للجماعات الجهادية من "أنصار الدين" و"التوحيد والجهاد" والقاعدة في المغرب الإسلامي وجماعات أخرى أن تلجأ إلى موريتانيا باعتبارها دولة هشة، وبالتالي التسرب إلى جنوب المغرب، رغم الاستنفار العسكري والأمني.ويرى باحثون أن الحرب يمكن أن تأخذ أبعادا أخرى في حال استمرارها طويلا في المنطقة، مستدلين على ذلك بالعلاقة بين بوليساريو، بجنوب غرب الجزائر، والتنظيمات الإرهابية التي تنشط بالمنطقة، ليست جديدة. فقد حذرت تقارير أمنية أوربية، من مخاطر تورط عناصر من بوليساريو في نسج علاقات مع تنظيمات إرهابية مسلحة تقوم بعمليات اختطاف داخل تندوف، كما نبهت إلى تصاعد التهديدات الإرهابية القادمة من هذه المنطقة بسبب اختراقها للمخيمات. وكشف تقرير المركز الأوربي للدراسات الإستراتيجية، الذي صدر ببروكسيل، أن هناك علاقة بين تفكك جبهة بوليساريو وتطور الإرهاب في منطقة الساحل، إذ حذر من أن انهيار هذه الحركة يغذي نشاط تنظيم القاعدة، مثيرا الانتباه إلى أن "أعضاء نشيطين من الحركة يبحثون عن عائدات إضافية، على غرار المرتزقة، الذين يسعون إلى تصريف تجربتهم السابقة داخل الهياكل العسكرية للحركة الانفصالية الصحراوية، بإمكانهم الانخراط في الإرهاب، بعد ممارستهم مختلف أشكال التهريب".وبعد الضربة الجوية الأولى التي وجهتها الطائرات الفرنسية إلى مواقع الجماعات المسلحة بأزواد، دخل الموضوع في جدية أكبر بالنسبة إلى المغرب، الذي لم يكتف بتفعيل مبادرة الدعم وفتح الأجواء المغربية أمام الطيران الحربي الفرنسي، بل رفع من حالة استنفار قواته المسلحة وأجهزته الأمنية الى الدرجة القصوى خاصة في المناطق الجنوبية نظرا لاحتمال اختراق الجماعات المسلحة المتشددة للحدود مع موريتانيا أو الجزائر أثناء انتشارها بعد تصعيد الهجمات العسكرية الفرنسية.وقالت تقارير صحافية إن اجتماعات متوالية لقيادات القوات المسلحة المغربية، على أعلى مستوى، عقدت خلال الأيام الأولى للحرب، لتدارس الكيفية التي سيتم بها التعامل مع المستجدات الإقليمية، خصوصا بعد الهجوم على القاعدة البترولية بـ"عين اميناس" شرق الجزائر من طرف جماعة "الموقعون بالدماء" التي يقودها مختار بلمختار والتي أنهاها الجيش الجزائري بقتل 66 شخص، ضمنهم رهائن وخاطفين. ضــربــات اسـتــبـــاقــيــة شن المغرب حملة استباقية على عدد من الخلايا النائمة، وزارة الداخلية، يوم 19 يناير الجاري، عن تفكيك خلية تنشط في مجال استقطاب وتجنيد شباب مغاربة قصد إرسالهم "للجهاد" ضمن التنظيمات الإرهابية الموالية لتنظيم القاعدة ، تتألف من عدة عناصر تنشط بكل من مدن الفنيدق وطنجة والحسيمة ومكناس.وأوضح بيان للوزارة أن التحريات التي باشرتها الأجهزة الأمنية أسفرت عن تحديد هويات أكثر من أربعين متطوعا مغربيا، تم إرسالهم منذ أبريل الماضي للجهاد ضمن فصائل تنظيم القاعدة، حيث يخضعون لتداريب مكثفة من أجل إشراكهم في عمليات عسكرية وانتحارية.وبعد أسبوعين من الحرب على مالي، مازال الترقب سيد الموقف بالمغرب، ومازالت الأعصاب "مشدودة" في عدد من الأجهزة الأمنية والعسكرية التي تتابع الوضع بحذر، لتفادي ما أمكن جره إلى حرب بنهاية مفتوحة على جميع الاحتمالات.ي . س يوسف الساكت

كيف “تورط” المغرب في حرب فرنسا على الإرهاب في مالي؟

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جمـاعات قـد تقـاتـل المغـرب

الجزائر في الموعد لقطع طريق المغرب نحو الساحل

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات