اتساع دائرة المرحبين وتوجس وسط أغنياء الصحراء

اختلفت المواقف الصحراوية المستقبلة لمخطط تنمية الأقاليم الجنوبية،كما أسس له المجلس الاقتصاد والاجتماعي، من خلال ورقته التأطيرية. ورغم لغة الترحيب السائدة بين الفعاليات المشاركة في لقاءات الحوار العمومي بهذا الخصوص، فإن ذلك لم يمنع أعضاء اللجنة المكلفة بوضع تصورات ونماذج مسارات التنمية بالصحراء من تسجيل علامات التردد التي تتخلل مداخلات محاوريهم. ويرجع بعض المشاركين أسباب هذا التردد إلى ما وصفوه بـ"خوف الصحراويين من أن يكون مصير المبادرة النسيان في الرفوف كما كان حال مبادرات أخرى سابقة".كما يكشف القائمون عن الحوار على وجود توجس كبير من المبادرة وسط أغنياء الصحراء، إذ في الوقت الذي أكد فيه شكيب بنموسى٬ رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مستهل الأسبوع الجاري أن تنظيم المجلس للقاءات مع فعاليات الأقاليم الجنوبية للمملكة سيمكن من تعميق النقاش وإعطاء دفعة قوية للنموذج التنموي الجديد بالمنطقة، وأن المجلس يسعى٬ سواء من خلال الورقة التأطيرية التي قدمت أمام جلالة الملك أو من خلال اللقاءات الجارية حاليا، إلى تلقي ملاحظات واقتراحات مختلف الفاعلين حول هذا المشروع التنموي، يكشف الخبير في الشؤون الصحراوية، عبد المجيد بلغزال، عن تباين واضح في مواقف الصحراويين بخصوص المبادرة بين الترحيب والتردد والتوجس.وأوضح بلغزال في تصريح لـ» الصباح» أن الموقف المرحب بالمبادرة يستند على عدة اعتبارات يوجد على رأسها أن الوثيقة التي كشف عنها شكيب بنموسى تشكل أول اعتراف رسمي من الدولة بالاختلالات التي طالت مسألة تدبير الشأن العام بالأقاليم الجنوبية طيلة العقود السابقة، بالإضافة إلى أنها المرة الأولى التي يتم فيها تشخيص حقيقي للواقع الاجتماعي والاقتصادي للمنطقة يتمتع بقدر معقول من الوضوح و الشجاعة، وما يمكن للمبادرة أن تشكله كمدخل حقيقي من أجل اعتماد مقاربة جديدة تستمد مقوماتها من العدالة الاجتماعية و الاقتصاد التضامني.في مقابل ذلك، يقف بلغزال على موقف مختلف تماما يصف أصحابه بالمتوجسين الذين يتخوفون مما يمكن أن يحمله المخطط من تهديد لمصالحهم الاقتصادية وحتى السياسية، على اعتبار أن هذه الشريحة استفادت لسنوات طويلة من استعمال السلطات العمومية لمنطق الريع في تعاملها مع النخب الصحراوية في إطار مقاربة تعتمد منطق الريع الاقتصادي الذي كلف الدولة أموالا طائلة دون أن يكون لذلك أثر في تحسين الواقع المعاش لساكنة الصحراء، إذ بقيت الهوة كبيرة بين حجم الاعتمادات المالية المخصصة بشكل أو بآخر للأقاليم الجنوبية وبين مستوى التنمية الاقتصادية و تأثيرها على الإنسان الصحراوي.كما أوضح عبد المجيد بلغزال أن المستفيدين من الوضع الحالي يعتقدون اليوم أن الحديث عنهم و أن المخطط يستهدفهم و يستهدف مصالحهم الاقتصادية ومواقعهم الاجتماعية والسياسية، على اعتبار أن إعمال المنطق الديمقراطي على الأقل في معادلة تقاسم ثمار عملية التنمية سيحرمهم من إمكانية الرهان على منطق الابتزاز السياسي والاقتصادي.بين المرحبين والمتوجسين يشدد بلغزال على وجود شريحة عريضة من الصحراويين يسميها بعموم المترددين الذين يعتقدون أن الأمر يتعلق بمبادرة سنتضاف إلى أخرى سابقة في الرفوف دون أن ترى النور على أرض الواقع، كما أن مبعث تردد هؤلاء « مبعثه الخوف من أن تشكل المبادرة التفافا على اقتراح الجهوية الموسعة» يقول الخبير في الشؤون الصحراوية مسجلا تحفظه على التسمية اعتبارا منه أن الجهوية، على الصعيد المقارن، إما أن تكون سياسية أو أن تكون إدارية .ويضيف بلغزال إلى حجج المترددين إمكانية أن تكون للمشروع تداعيات سلبية على الموقف التفاوضي للمغرب في قضية الصحراء ، على اعتبار أن الرهان الحقيقي الآن هو التأسيس في أفق الحسم في مسألة الحكم الذاتي كاقتراح تمكن من حيازة صفة الجدية على المستوي الدولي، في حين أن مبادرة من هذا القبيل يمكن أن ينظر إليها كاقتراح بديل وربما إقبار لخلاصات اللجنة الاستشارية حول الجهوي أو في أحسن الحالات تدخل في الاختصاص المفترض أن تتمتع به المؤسسات المحليه والجهوية التي قد تنشأ في حال تفعيل مقتضيات «الجهوية الموسعة».إلى ذلك، كشفت مصادر صحراوية من كواليس جلسات الحوار أن مداخلات الفعاليات الصحراوية انصبت على ضرورة البدء بمحاربة الفساد مع إعمال معايير الاستحقاق في عملية التوظيف.كما شددت المداخلات، بحسب المصادر ذاتها، على الضعف الكبير المسجل على صعيد المشاريع الكبرى التي من شأنها امتصاص عدد كبير من اليد العاملة عوض الاقتصار الحالي على التوظيف في القطاع العام الذي لا يمكن أن يشمل الجميع.ياسين قطيب

اتساع دائرة المرحبين وتوجس وسط أغنياء الصحراء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

خارطة طريق لخلخلة ريع "أغنياء الحرب" في الصحراء

تحرير البنية التقليدية لاقتصاد الصحراء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات