يـاســــيـــن… مســـار وطـــفــــــرات

ينتسب الشيخ عبد السلام ياسين، الذي لفظ أنفاسه الأخيرة أول أمس (الخميس)، إلى أسرة عريقة تدعى آيت بيهي، وهم أشراف أدارسة أصلهم من بلدة "أولوز" بمنطقة سوس جنوب المغرب.تلقى دروسه التعليمية الأولى في مدرسة الشيخ المجاهد محمد المختار السوسي بمراكش، قبل أن يواصل تعليمه بمعهد بن يوسف الذي تخرج منه سنة 1947 بعد أربع سنوات من الدراسة.عمل ياسين في سلك التعليم لمدة 20 سنة تدرج خلالها في مجموعة من المناصب التربوية والإدارية، ومثل خلالها المغرب في عدد من الملتقيات البيداغوجية الدولية، قبل أن يتم توقيفه سنة 1968 بقرار غير إداري. قبل تقاعده سنة 1987 من سلك التدريس، بعث ياسين سنة 1974 رسالة إلى الملك الراحل السابق الحسن الثاني، في أكثر من مائة صفحة سماها "الإسلام، أو الطوفان"، وقضى، بسببها، ثلاث سنوات وستة أشهر سجنا دون محاكمة، ثم أرسل إلى مستشفى الأمراض العقلية.سنة 1978، منع من إلقاء الدروس بالمسجد. وبين سنة 1978 و1979، قام بجولة تشمل عددا من العلماء وزعماء الجماعات الإسلامية من أجل توحيد تحركاتها في إطار تنظيمي موحد، لكن دون جدوى، ما حذا به إلى خوض تجربة تنظيمية جديدة، عبارة عن إصدار مجلة "الجماعة" التي كانت تعبيرا عن خط "أسرة الجماعة". ولاقت مجموعة المجلة، التي تأسست سنة 1978، مضايقات، إذ صودر عدد من أعدادها، قبل أن تتوقف نهائيا.بعد سنتين، تأسست جماعة إسلامية، ورغم تنويعه لتسميتها من «أسرة الجماعة» إلى «جمعية الجماعة» فـ»الجماعة الخيرية» لم تعترف بها السلطات. في يوليوز 1982، كتب مقالا في "مجلة الجماعة" تحت عنوان: "قول وفعل" يرد على ما ورد في الرسالة الملكية التي نشرها الحسن الثاني بمناسبة حلول القرن الخامس عشر، وقد كان المقال السبب في الاعتقال الثاني لعبد السلام ياسين في 27 دجنبر 1983.ويعلق الباحث سعيد لكحل أنه بين النشأة والمشيخة، تخللت مسار عبد السلام ياسين طفرات حولت الرجل من إنسان مسالم ومرب ومهادن إلى ياسين الشيخ "القائم" الذي يريد الحكم والسلطة ويتطلع إلى ما هو أعلى من النبوة . ويقول الشيخ عن نفسه قبل الطفرة الأولى "يمكنني القول إنني في سنة 1965 عشت ما قد نطلق عليه اسم أزمة روحية، وفي 1965، عندما كان عمري 38 سنة، مررت فجأة بهذه الأزمة. لقد قرأتم في الغالب هذه السير الذاتية التي يروي فيها المسيحيون أو المسلمون أو البوذيون، مثل هذه الصحوة الروحية التي يعيشونها في حوالي الأربعين. ووجدت نفسي أترك فجأة الكتب التي كنت أقرأها، وكتب الثقافة الأجنبية، كي أنطلق في البحث عن الله" (الإسلام السياسي صوت الجنوب). ويستطرد لكحل أن مرحلة الشك والتيه التي عاشها الشيخ ياسين ستنتهي بارتمائه في أحضان الصوفية التي تتميز بالركود والاستمرارية التاريخية بعد أن اتخذت لنفسها مكانا على هامش انشغالات المجتمع وتفاعلات الأحداث، واختطت لنفسها طريق "الخلاص الفردي" بعيدا عن كل اهتمام بالقضايا المرتبطة بالشأن العام. وهكذا سيبدأ ياسين رحلة في عالم التصوف الطرقي "مريدا" في حضرة وصحبة الشيخ الحاج عباس البوتشيشي إلى أن وافت المنية هذا الأخير. ويقص ياسين كيف اهتدى إلى الزاوية البوتشيشية قائلا "ثم حدث لقاء، أخبرني شخص ما: هناك شيخ صوفي في المغرب عليك أن تذهب إليه وسيرشدك، وبالفعل التقيت بالشيخ، كان اسمه الحاج عباس. ودامت علاقتنا لمدة ست سنوات وهكذا أصبحت مريديه المتواضع وفهمت ما هو الإسلام وعرفت الله" (الإسلام السيــــاسي).1983 أصدر جريدة "الصبح" التي توقفت بعد مصادرة العدد الثاني. وفي ديسمبر 1983 اعتقل بسبب مقال ورد في صحيفة "الصبح" وحكم عليه، بعد ثلاثة أشهر من الاعتقال الاحتياطي، بسنتين حبسا نافذا، ويعتقد أن هذا الاتهام مجرد غطاء للسبب الحقيقي للاعتقال، وهو الرد على الرسالة الملكية. في يناير 1984 صدر العدد الأول والوحيد من صحيفة "الخطاب" التي توقفت بسبب مضايقات السلطة، ومحاكمة بعض موزعيها. يوسف الساكت

يـاســــيـــن… مســـار وطـــفــــــرات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

رهان الجماعة بعد ياسين... من العقائدية إلى الواقعية

الكتاني: جماعة العدل والإحسان ستتجاوز المحنة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات