الاتحاد الاشتراكي… قراءة في أخطاء مناظرة المرشحين

المالكي جادل كثيرا ولشكر كان حذرا والزايدي أفرط في القراءة وولعلو بدا حماسيا تقاطعت تحاليل المرشحين للكتابة الأولى للاتحاد الاشتراكي، في مناظرة أول أمس (الأربعاء)، حول جلد الذات الحزبية، والاعتراف بأخطاء تدبير الشأن الحزبي، إبان فترة التدبير الحكومي. وكان المرشحون الأربعة، بعد انسحاب محمد الطالبي من السباق على الكتابة الأولى، متنافسين في تقديم وجهات نظرهم وعرض اختلافاتهم من داخل الحزب، وهو ما أعطى صورة حضارية للاتحاد الاشتراكي، قد تسعفه في استعادة الكثير من بريقه السياسي والانتخابي، الذي فقده منذ بدأ عملية التدحرج من رئاسة الحكومة، في تجربة التناوب، إلى حزب مشارك في الحكومة، وصولا إلى العودة إلى المعارضة.وارتكب المرشحون الأربعة، الذين بقوا على خط السباق نحو الكتابة الأولى للاتحاد الاشتراكي، أخطاء قد يكون لها تأثير طفيف على نوايا التصويت. وهكذا فإن أحمد الزايدي أفسد حضوره بتكرار عملية القراءة السريعة، مما هو مكتوب أمامه، ما أفقده، حسب بعض المتتبعين، التركيز أثناء تلاوته لبرنامجه السياسي. من جهته، أفرط إدريس لشكر في الحذر، تجنبا للسقوط في استفزازات باقي المرشحين، غير أن لشكر الذي تعوده الاتحاديون مرتجلا خطيبا مفوها، طوق نفسه بخطاب مكتوب، جعله يفقد التركيز حول الأفكار التي كان يمكن أن يكسب بها المزيد من الأصوات لو كان خاطب المؤتمرين بلغتهم.وفي الوقت الذي ربح فيه المالكي كل جدالاته حول القضايا السياسية والحزبية التي طرحها، سجل بعض المتتبعين نقطتين ضده، ويتعلق الأمر بالهجوم المتكرر على حزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، ما أسقطه في فخ التبرير والهروب إلى الأمام من أزمة يعيشها الحزب داخليا، أما النقطة الثانية فتهم استطراده في الحديث عن قضية استقلال القرار السياسي، ما جعل بعض المتتبعين يعتقدون أن المالكي فهم عن خطأ أن الكلام موجه ضده. من جهة أخرى، ظهر المرشح فتح الله ولعلو، متحمسا بشكل كبير، وقد استعاد جزءا من ماضي خطاباته النارية، كما ظهر في موقع المتحكم في خطاباته. غير أن تجربة ولعلو بين البرلمان، إبان المعارضة، وفي الحكومة، خلال فترة تعيينه وزيرا للمالية، تنزع عن كلامه شيئا من المصداقية بالنظر إلى أنه كان من أكثر المعمرين في الحكومة، منذ تعيينه وزيرا للمالية في عهد عبد الرحمان اليوسفي.بالمقابل، قرأ المتتبعون، في تقييم لحضور المرشحين الأربعة في بلاطو الندوة، اختلافا بيّْنا، جعل المرشحين، إدريس لشكر وحبيب المالكي وفتح الله ولعلو وأحمد الزايدي، يحققون تقدما في طريقة تناولهم لبعض القضايا وتراجعات في أخرى، وهي عناصر من شأنها أن تؤثر على نوايا التصويت داخل مؤتمر الاتحاد الاشتراكي، سيما بالنسبة إلى القواعد الاتحادية التي لم تحسم بعد في وجهة تصويتها. في تقييم أولي لأداء المرشحين، أظهر فتح الله ولعلو قدرة أكبر على الإقناع وبدا سياسيا ورجل دولة، ينظر إلى المستقبل، وإن تقاطع جميع المرشحين في هذه الرؤية المستقبلية للحزب. بالمقابل، اعتبر بعض المتتبعين أن إدريس لشكر تصرف بحذر كبير خشية ارتكاب أخطاء، تنقلب عليه، بالمقابل، نجح في تفادي فخ الاستفزاز الذي نصبه له بعض خصومه المرشحين، سيما حينما أثاروا قضية استقلال القرار الحزبي، عن الدولة والهيآت السياسية والأشخاص. في حين انتزع لشكر تصفيقات الحضور، إذ عرف كيف يوظف التقرير الإعلامي حول عملية انتخاب المؤتمرين لمؤتمر الاتحاد الاشتراكي، ورفع التهمة عن الحزب بشأن عمليات الانتخاب، التي قيل عنها الكثير حول الإنزالات وتحكم منطق الولاءات. وفي لحظات انشغال لشكر والزايدي بتبادل الرسائل، غير الودية، في ما بينهما، ظهر المرشح حبيب المالكي، أكثر اتزانا وحضورا ومنهجية في التحليل وتقديم الأفكار. وهو ما جعله يتفوق في كثير من لحظات الجدل السياسي، بشأن بعض القضايا التي طرحها للنقاش، كما هو الشأن في حديثة عن محدودية تجربة العدالة والتنمية، حين اعتبر أن استحضار هذه التجربة، في حديثه عن الشأن الحزبي للاتحاد الاشتراكي، له ما يبرره بالنظر إلى الترابط القائم بين الحزب وما يقع في محيطه السياسي. المالكي حقق تقدما على منافسيه في كثير من لحظات النقاش السياسي.وتعليقا على المناظرة بين المرشحين لقيادة الاتحاد الاشتراكي، قال حسن طارق عضو المكتب السياسي، إن المناظرة شكلت حدثا فارقا في السياسة المغربية، وفي تدبير الاختلاف، بالنظر إلى أنه لأول مرة يتناظر زعماء حزب سياسي، لهم وجهات نظر مختلفة، يجهرون بها أمام الرأي العام. وأضاف حسن طارق «يجب أن يكون للصورة التي رسمها الاتحاديون، بشأن التدبير الحضاري للاختلاف داخل الاتحاد الاشتراكي، ما بعدها، وهي الصورة الحضارية التي يجب أن يعيشها الاتحاديون داخل المؤتمر، لأنهم طوقوا أنفسهم بهذه الصورة الحضارية. والمطلوب استمرار المنطق نفسه، في احترام الآخر والروح الرياضية والقبول بنتيجة صناديق الاقتراع، والخروج موحدين».واعتبر القيادي الاتحادي، حسن طارق، أن المناظرة بين المرشحين رسمت الصورة الحقيقية للاتحاد الاشتراكي، بعدما تعرضت له من تشويه ممنهج وعطب ذاتي، وما تعرضت له من هزات حقيقية خاصة بعد 2002، مشيرا إلى أن الصورة الجديدة للاتحاد «تجعل الحزب أمام انتظارات كبرى وحاجة مجتمعية وسياسية، هذه الأمور كلها تسائل الاتحاديين بضرورة المصالحة مع المجتمع، ووضع حد لسنوات من الغربة والقطيعة، لأن إنقاذ صورة الاتحاد يبدأ من هذه المصالحة والعودة المنظمة إلى المجتمع». إحسان الحافظي

الاتحاد الاشتراكي… قراءة في أخطاء مناظرة المرشحين

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

وفاة طفلين داخل روض بالبيضاء وإصابة رضيع بالمينانجيت

الحديث عن الفوز بكأس إفريقيا سيكون كذبا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات