مرشحو الاتحاد يعبرون صراط المناظرة الإعلامية باستحقاق

"الصباح" حضرت كواليس"مباشرة معكم" وتنقل "قفشات" لشكر ولعلو والمالكي والزايدي والطالبي انتهت المناظرة الإعلامية بين مرشحي حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مساء أول أمس (الأربعاء) على القناة الثانية، بأقل ضرر ممكن، بعد أن جنح متنافسو الكتابة الأولى إلى السلم، وحرصوا على انتقاء الأهم في لحظة مميزة في تاريخ حزب ظل دائما في واجهة المبادرات النوعية في المجالين السياسي والحزبي، آخرها قرار محمد الطالبي سحب ترشيحه على الهواء مباشرة فاسحا المجال للتنافس بين "الأربعة الكبار". "الصباح" عاشت حدث أول مناظرة إعلامية في المغرب من وراء كواليس "مباشرة معكم"، والتقطت أقوى لحظاتها رفقة مترشحين اختلفوا في البرنامج والرؤى ووجهات النظر ووحدهم الإيمان بمستقبل حزب كبير يدخل، اليوم (الجمعة)، امتحان الفرصة الأخيرة بقلعة بوزنيقة. الجو هادئ أمام القناة الثانية بشارع مولاي إسماعيل في الساعة السابعة مساء أول أمس (الأربعاء)، إلا من ضجيج محركات الشاحنات الضخمة التي تعتبر من وإلى ميناء الدار البيضاء. رجلا الأمن اللذان اعتادا التسمر أمام المدخل الرئيسي يتركان مكانهما للغياب هذا المساء، ربما بسبب توجيهات ولاية الأمن التي استعانت بأكبر عدد ممكن من رجال الأمن لتأمين الحفل الرسمي لافتتاح الخط الأول للترامواي الذي أشرف الملك على تدشينه، في التوقيت نفسه، رفقة وزير الأول الفرنسي ورئيس الحكومة مساء اليوم نــــــــــفسه.بنحميد...حارس المعبدحسن بنحميد، المسؤول عن أمن البناية واستقبال الضيوف والزوار، يضع اللمسات الأخيرة مع فريق عمله، ويده على سماعة مغروسة في أذنه للتنسيق مع الفريق التقني في البلاطو.- "رجاء لا تسمحوا لأي أحد بالدخول قبل الموعد"، يقول صوت قادم من "طولكي وولكي"، وحين يخبره بنحميد أن الأمر يتعلق بصحافيين توجد أسماؤهم في لائحة خاصة، يستدرك ويطلب منه السماح لهم بالدخول من الباب الصغير.يفتح الباب الحديد أوتوماتيكيا، يخرج رجل أمن، ويدقق في هويات مدعوين قبل الموعد المحدد، ويطلب منهم الانتظار جانبا إلى حين توصله بإشارة من المسؤول الأول عن الأمن، بينما يسمح للصحافيين بالدخول إلى بهو صغير يتوسطه مكتب للاستقبال وراءه فتاتان تحرصان على إحصاء كل صغيرة وكبيرة والتدقيق في هويات الوافدين، بالاستعانة بلوائح رسمية ممهورة بطابع "الريجي".الساعة السابعة والنصف، حركة غريبة أمام المدخل الرئيسي، يهرول حسن بنحميد، صوت خشن من الخارج:- "سي فتح الله وصل".- "مالو وصل قبل الوقت، ياك اتفقنا على الثمنية"، يرد عليه صوت آخر.لحظات، ويعبر فتح الله ولعلو بجانب البوابة الإلكترونية مرفقا بمحمد أبو الفضل، المحامي المعروف بمراكش. يلقي السلام بصوت خافت على موظفي الاستقبال، قبل أن يتلقفه أحدهم ويوصله إلى قاعة استقبال الضيوف الكبار في الطابق الأول، مرورا بدرج معقوف، بينما يصحب آخر أبو الفضل إلى قاعة المدعوين في انتظار بداية البرنامج. نزلة برد بقاعة "في أي بي"، يجلس ولعلو وحيدا مرتديا معطفا شتويا و"بيرية" صوفية، اتقاء للسعات برد أخرى أصابته إحداها بنزلة حادة، يتعافى منها بصعوبة، لكنه فضل المجيء إلى مناظرة إعلامية اعتبرها في تصريح لـ"الصباح" سابقة في المشهد الإعلامي والحزبي بالمغرب "الاتحاد كان سابقا إلى المبادرات الكبرى. كنا سباقين إلى فكرة الملكية البرلمانية، ومفاهيم الديمقراطية والمشاركة والمساواة، وها نحن ندشن لعهد جديد من الممارسة السياسية، حيث يتنافس المرشحون لمنصب الكتابة الأولى على الملأ ويمارسون اختلافهم في فضاء مفتوح على العموم في إطار احترام الرأي والرأي الآخر".في بلاطو "مباشرة معكم" ما زال فريق رضا بنجلون، مدير المجلات الإخبارية والتوثيق، يضع اللمسات الأخيرة قبل ساعة الصفر "لا مجال للصدفة أو الخطأ"، تقول مليكة مسامح، مخرجة البرنامج، وتغادر بسرعة لأن عملا آخر ينتظرها في القمطر الفني.مفكرة متوسطة وقلم وهاتفان، لا يفارقان يدي رضا بنجلون الذي يتفقد المقاعد الأمامية الخاصة بالضيوف والمقاعد الخاصة بالمرشحين الخمسة «هذا الديكور رافقنا منذ الانتخابات التشريعية الماضية، ومازلنا نحافظ عليه، لم نجر أي تغيير على الإطار العام لمباشرة معكم، فكرنا مع الفريق الصحافي واتفقنا أن الأمر يتعلق بحدث وطني وسياسي وحزبي كبير ممثل في المؤتمر التاسع للاتحاد الاشتراكي، واخترنا أن يكون في صيغة مناظرة إعلامية بيم المرشحين الخمسة، لكن دون التأثير على هوية البرنامج، ووجود منشط صحافي يقوم بتوزيع الأدوار والمحاور حسب اختيارات القناة، وليس المرشحين، خوفا من السقوط في الدعاية الحزبية لهذا الطرف أو ذاك».قال بنجلون إن فكرة البرنامج أقرب إلى المناظرة كما يجري في دول عريقة في الديمقراطية، لكن فضلنا نوعا من المرونة في التوقيت، سنراقب الأمر من القمطر الفني، ونعطي كل ذي حق حقه، في إطار المساواة». «بيسين» ولعلوفي الدرج باللونين الأحمر والأسود المؤدي إلى قاعة استقبال الضيوف الكبار، يشرح بنجلون كيف استغرق الإعداد زهاء عشرة أيام وتجند فريق من ثلاثين شخصا على الأقل لإنجاح هذه اللحظة، مؤكدا أن الفكرة كانت بمبادرة من القناة التي ربطت الاتصال بالمرشحين وأبدوا موافقتهم، لكن لماذا الاتحاد الاشتراكي وليس حزب الاستقلال الذي كان سباقا إلى فتح باب التنافس بين مرشحين؟، تسأل الصباح»، فيأتي الجواب:- «خوفا من الوقوع في مناظرة مباشرة بتوقيت دقيق، على اعتبار أننا كنا أمام مرشحين اثنين، هما حميد شباط وعبد الواحد الفاسي»، يجيب بنجلون باقتضاب، قبل أن يستأذن في المغادرة.يغادر جامع كولحسن، مقدم البرنامج، غرفة الملابس ببذلة رمادية وبربطة عنق وقميص ملائمين لها، يبستم: «أعتقد أن الحدث يفرض نوعا من الترتيب الخاص، صحيح أن البرنامج اسمه «مباشرة معكم»، لكن هناك خصوصية ما يجب أن نراعيها».في الساعة الثامنة بالتمام والكمال، يطل إدريس لشكر بربطة عنقه الحمراء، ومحفظته الجلدية البنية، يلقي السلام على تقنيين بالممر المؤدي إلى قاعة الاستقبال، ويربت على كتف أحدهم ويقول له «الله يعاونكم علينا».يدخل القاعة، ويلقي التحية على فتح الله ولعلو الذي مزال مجمدا في مكانه بالمعطف الشتوي نفسه وقبعته الصوفية.- «فيا الرواح، ما شكيت عليك سي إدريس»، يقول فتح الله بصوت خافت ويمسح بعض الماء على أنفه.- «ياكما البيسين (المسبح)»، يرد عليه لشكر بابتسامة خفيفة، يلتقطها فتح الله ويرد عليه.- «آش من بيسن أصاحبي، غير البرد وخلاص».يتدخل رضا بنجلون لـ»إصلاح ذات البين» ويقول لفتح الله:- عليك بالزيت العود والعسل ما يمشي ما يجي مع البرد.يضحك الجميع، ويستغلها لشكر لطلب فنجان قهوة سوداء.- «شي عصير ديال لافوكا سي إدريس»؟ يسأله النادل بكرم:- لا غير قهوة، وشوف ليا لا عندكم شي شارجور لي هاد لعجب (يشير إلى هاتفه «أي فون» الذي ضعفت بطاريته).- «ماذا تمثل لكم هذه اللحظة»، تسأل «الصباح» إدريس لشكر الذي كان منهمكا في إيجاد مخرج لهاتفه المحمول، بينما يده على المحفظة البنية الصغيرة بجانبه:يضحك ويجيب:- يا سيدي نحن في مهمة أخرى من مهامنا النضالية ننجزها اليوم أمام الرأي العام العام الوطني والمشاهدين، لم نحضر اليوم بصفتنا مجرد متنافسين على منصب الكتابة الأولى، بل مناضلين حزبيين في حزب قوي ساهم عبر تاريخه في إبداع عدد من المبادرات السياسية وكان سباقا لها، وها هو اليوم يدشن خطوة فتح النقاش الحزبي الداخلي على الفضاء العمومي في إطار الاختلاف والديمقراطية الــــداخلية.- يلح لشكر على طلب فنجان القهوة، قبل أن يلقي التحية على محمد الطالبي، المرشح الخامس، الذي التحق بالقاعة على التو، قائلا «الحباب مجموعين هنـــــــا».يأخذ الطالبي، الذي تخلص من ربطة عنق عكس المنافسين الآخرين، مكانه إلى جانب فتح الله ولعلو الذي تبادل معه حديثا هامسا، قبل أن يطلب الأخير من النادل رفع صوت التلفاز لمتابعة مخلص الأخبار حول زيارة الوزير الأول الفرنسي إلى المغرب، معلقا.- «هاذ الشاب مزيان، تلقينا في عدد من المناسبات»، يعلق فتح الله ولعلو مشيرا إلى الوزير الفرنسي. ابتسامة المالكيفي الساعة الثامنة ونصف، يطل الحبيب المالكي بكامل أناقته وابتسامته المميزة، يلقي التحية على الجميع، ويوزع دعاباته على المكلفات بقاعة الماكياج، قبل أن يلتحق بقاعة الضيوف، وحين توجه له السؤال عن أهمية الحدث يجيبك بالابتسامة نفسها وثقة كبيرة في المستقبل «الاتحاد رغم مشاكله، مازال مدرسة في تجديد الفكر والممارسة السياسة، أتمنى شخصيا أن يتكرس هذا التقليد في الإعلام العمومي، وأن نجعل من هذا الحدث منطلقا للتنافسية السياسية بالمغرب ومصالحة المواطنين مع سياستهم».في المرر المؤدي إلى الدرج باللونين الأحمر والأسود، ينهمك جامع كلحسن في إجراء مكالمة هاتفية واضعا يده على فمه.- «إنه سي أحمد الزايدي، لم يصل بعد، كان في مهمة في فاس»، يجيب فضول «الصباح».الساعة تشير إلى التاسعة. نصف ساعة فقط على انطلاق البرنامج، مازال المعدون يبحثون عن الزايدي لإجراء القرعة الخاصة بتوزيع المقاعد حرصا على المساواة بين المرشحين الخمسة.يدخل الزايدي، أخيرا، بعيون ذابلة من فرط الجهد والسفر، وبجانبه المدير العام للقناة ومنشط البرنامج ومعده ومدير المجلات الإخبارية. الوقت لا يرحم، وأخبار التاسعة بدأت على التو، وستنتهي بعد لحظات. قرعة ومساواةيخرج رضا بنجلون خمسة أظرفة، ويشرح قانون اللعبة أمام المرشحين الخمسة:- عندنا خمسة مقاعد، اثنان على يسار المنشط واثنان على يمينه، وواحد في المقعد المقابل له، سنبدأ بسحب الأظرفة التي تحمل أرقام المقاعد والبداية من السيد الحبيب المالكي.يطلع الرقم 3 من ظرف الحبيب المالكي، ثم بعده إدريس لشكر الذي يجلس أمامه في المعقد رقم 4، وبعد ذلك أحمد الزايدي في المقعد 2، وفتح الله ولعلو في المقعد 1 وأخيرا محمد الطالبي في المقعد الخامس المقابل لجامع كولحسن.يضحك الحبيب المالكي، ويقول الطالبي:- آش قلت ليك، غادي تجي قدام جامع.بدأ العد العكسي فعلا لانطلاق البرنامج، الضيوف أخذوا أماكنهم في البلاطو حسب الترتيب المتفق عليه مع عبد الرحمن بنيحيى ويوسف بنجلون، عضوي المجلس الوطني اللذين أشرفا على التنسيق مع طاقم البرنامج لإعداد المناظرة الإعلامية.كل واحد في مكانه حسب اختيارات المنافسين الذين اقترحوا لائحة بحضور ضيوف بعينهم يجلسون وراءهم في الاستوديو بمعدل عشرة ضيوف لكل مترشح.الساعة التاسعة و20 دقيقة، تذرع مليكة مسامح، المخرجة، الدرج مسرعة في اتجاه ممر قاعة الضيوف:- جامع يا الله، بقات غير 12 دقيقة ويبدأ البرنامج.- هل أنت متأكدة؟، يرد عليها جامع كلحسن، وينظر إلى ساعته اليدوية.فعلا، قبل أن يطلب من المتنافسين الاستعداد للهبوط إلى البلاطو.- بسم الله يا فتاح يا عليم، يقول لشكر، قبل أن يغادر مقعده، ويحمل حقيبته البنية الصغيرة التي سيتأكد في الأخير أنها تحمل جهاز «آيباد» وضعه لشكر أمامه بعد انطلاق البرنامج وشرع في استعماله في رسالة بالغة الأهمية.- يجتمع الضيوف الخمسة في الممر، مع الإشارة ينزلون تباعا إلى البلاطو. تصفيقات الضيوف تسمع من القاعة الخلفية، تنتهي الأخبار وتطلع موسيقى جينيرك البرنامج بعد فاصل إشهاري قصير..3-2-1 وتعطى الانطلاقة لأول مناظرة إعلامية حرة على هواء الفضاء العمومي مباشرة، سيكون لها ما بعدها في الحقل الإعلامي والمشهد السياسي والديمقراطي بالمغرب. يوسف الساكت

مرشحو الاتحاد يعبرون صراط المناظرة الإعلامية باستحقاق

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

وفاة طفلين داخل روض بالبيضاء وإصابة رضيع بالمينانجيت

الحديث عن الفوز بكأس إفريقيا سيكون كذبا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات