مراقب جوي يفضح “عملية البراق”

سمير برخلة الرئيس السابق للجمعية المغربية للمراقبين قال إن المراقب الجوي يلعب دورا أساسيا في سلامة الملاحة الجوية أشار سمير برخلة، الرئيس السابق للجمعية المغربية للمراقبين، إلى أن بداية مزاولة مهنة المراقب الجوي ترجع إلى بداية الخمسينات، مضيفا أن المراقب الجوي يلعب دورا أساسيا في سلامة الملاحة الجوية. وأكد أن مراقبا جويا كان وراء كشف «عملية البراق ف 5»، التي كانت تستهدف الطائرة الملكية. في ما يلي نص الحوار: متى بدأت مهنة المراقب الجوي تزاول في المغرب؟ وما هو الدور الذي كان يلعبه المراقب الجوي آنذاك ؟ كانت البداية في أواخر الخمسينات، حينما قدم أول فوج للمراقبين الجويين خريجي المدرسة الوطنية للطيران المدني بفرنسا، تلته سبعة أفواج تخرجت من تونس، قبل إنشاء مركز لتكوين المراقبين والتقنيين وكان دور المراقب الجوي منصوصا عليه في مراجع المنظمة الدولية للطيران المدني، ويتجلى في السهر على سلامة الطائرات الموجودة بالمجال الجوي المغربي، والحفاظ عليها من الاصطدامات على المدرجات أو في الأجواء، وتسريع وتنظيم السير الجوي، ومساعدة مصالح البحث والإنقاذ ومدها بجميع المعلومات التي تفيد أي رحلة في حالة خطر.واعتمد المراقبون الجويون من أجل إنجاح مهامهم على الأوقات التقديرية للطائرات للمرور فوق نقاط التبليغ، وكانت هي الوسيلة الوحيدة المعتمدة من أجل ضمان سلامة الطائرات في الأجواء المغربية إلى غاية سنة 2000، إذ أصبح المغرب يعتمد على المعدات الرادارية. هل كانت للمراقبين الجويين عناية خاصة من طرف الوزارة الوصية؟ كان المراقبون الجويون شأنهم شأن أي موظف تابع للوظيفة العمومية له باكلوريا زائد سنتين يدمج بالسلم الثامن، ويتقاضى راتباً شهرياً لا يتجاوز ألفي درهم، وهو مطالب بالحفاظ على تأمين السلامة للعديد من الطائرات. لم أجد أثرا لدور المراقب الجوي في كتاب فرانسوا تروتي حول «عملية البراق ف 5» المتعلقة بمحاولة إسقاط الطائرة الملكية، في حين تقول إن المراقبين الجويين هم المسؤولون عن سلامة الملاحة الجوية داخل الأجواء المغربية ؟ لقد شهد أحمد الوافي، في هذا الكتاب، على ما رآه وسمعه ببرج مطار القنيطرة العسكري، لكنه نسي أن يتحدث عن المكالمات الهاتفية التي دارت بين برج مطار القنيطرة العسكري والمركز الجهوي لسلامة الملاحة الجوي. وتجدر الإشارة، في هذا الصدد، إلى أن مكالمات برج مطار القنيطرة العسكري أثارت انتباه المراقب الجوي المكلف بالقطاع الشمالي، سأل البرج عن سبب إصراره لمعرفة الوقت التقديري لمرور الطائرة الملكية على نقطة التبليغ طنجة، فأجابه هدا الأخير أن هناك طائرات عسكرية تستعد للإقلاع من أجل استقبال جلالة الملك ومرافقته إلى مطار الرباط.اتصل المرحوم القباج ربان الطائرة الملكية قبل تحليقه فوق مدينة مالقا الإسبانية بالمركز الوطني لسلامة الملاحة الجوية، وطلب تغيير برنامج رحلته ومنحه خطا جويا قصير المدى، ولم يكن في ذلك الوقت إلا مسلك جوي واحد يربط اسبانيا بالمغرب اسمه الحمراء 5 يمر من مالقا إلى «فيخير» فطنجة فثلاثاء سيدي اليمني ثم الرباط.وافق المراقب الجوي على أن يعطيه مالقا، وتطوان ثم الرباط، وبعد لحظات سأل المرحوم الريحاني، المراقب الجوي، ربان الطائرة إذا كان في علمه أن ثلاثة طائرات حربية تنتظر الطائرة الملكية فوق طنجة من أجل الاستقبال والمرافقة، فنفى ربان الطائرة علمه بذلك، وطلب من المراقب الجوي أن يأمرها بالرجوع الى قواعدها. كانت تلك المعلومة مهمة جدا بالنسبة إلى ربان الطائرة، إذ سرعان ما هَمَّ بالهبوط تحسبا لكل طارئ وساعدته إخبارية في كشف عملية البراق. هل تم إنصاف المراقبين الجويين بعد هدا الإنجاز التاريخي؟ لا أظن أن الملك الراحل كان على علم بالدور الذي قامت به المراقبة الجوية من أجل إفشال «عملية البراق ف 5». كانت هيأة المراقبين الجويين غير محبوبة من طرف المسؤولين، وكانوا يسمونهم بالرؤوس الساخنة، لذلك كان من بين أبعد المستحيلات أن يعترفوا لهم بعمل كهذا. كيف واجه المراقبون الجويون تلك اللوبيات التي كانت تحاربهم خلال ما كان يطلق عليه سنوات الرصاص؟ في البداية التحق المراقبون الجويون بإحدى المركزيات النقابية، وأعلنوا شنهم إضرابا باء بالفشل، اعتقل على إثره عدد من المراقبين الجويين وطردت مجموعة أخرى، ومنهم من هاجر إلى خارج أرض الوطن ومن رجع إلى مدرجات الكلية من أجل تغيير مساره المهني. وظهرت إلى لوجود أول جمعية للمراقبين الجويين في أواخر 1972، إذ أطلق عليها اسم جمعية مراقبي سلامة الملاحة الجوية بالمغرب، انضمت على التو إلى الفيدرالية الدولية لجمعيات المراقبين الجويين. طالبت هذه الأخيرة من الوزارة تحسين أوضاع المراقبين عبر العديد من المراسلات قوبلت كلها بالتجاهل، واقتصرت الإدارة على شراء بعض الذمم المنعدمة الضمائر من المراقبين، توالت على المكتب التنفيذي عدة أسماء بارزة لكن الكلمة الأخيرة كانت تعود للإدارة التي أصبحت مختصة فى تكسير شوكة المراقبين و إجهاض كل تحركاتهم. ما هي أسباب نزول الرسالة الملكية السامية للملك الراحل الحسن الثاني التي خص بها المراقبين الجويين؟ في اليوم الذي قرر الملك الراحل رحمه الله أن يسافر إلى «لابول» بفرنسا الحضور اجتماع قادة الدول الفرنكفونية، طرحت في قاعة المراقبة فكرة تقديم برقية آيات الولاء والإخلاص من المراقبين الجويين إلى جلالة الملك عبر قناة التردد المستعملة للتواصل بين المراقبين وربابنة الطائرات، وحررت البرقية على وجه السرعة، وطلب من ربان الطائرة السيد البكاري بتسجيل البرقية وتسليمها للملك.عاد جلالة الملك من فرنسا وفور دخول الطائرة الملكية الأجواء المغربية طلب منا ربان الطائرة أن يتحول إلى قناة تردد أخرى، لأنه يريد أن يقرأ جواب صاحب الجلالة على برقيتنا، وكانت لحظة تاريخية عم فيها صمت رهيب داخل قاعة العمليات، واقترب الجميع من مكبر الصوت لسماع جواب الملك، الذي كان نصه «إلى مراقبي مركز المراقبة الجهوية للملاحة الجوية، لقد توصلت بالبرقية التي وجهتموها لي وأنا في طريقي الى «لابول»، وأنا سعيد بأن أعلن لكم أن مشاكلكم سواء الإدارية أو المتعلقة بالتجهيزات هي الآن في طريقها الى تسوية عاجلة وفعالة، وفيما يتعلق بوضعيتكم الإدارية، فإن إصلاحا نعتبره ضروريا يأخذ بعين الاعتبار مطالبكم المشروعة سيرى النور في غضون ستة أسابيع المقبلة، ولقد التجأتم إلي، ولا يمكنني أن أخيب ظنكم، وتقبلوا مشاعر رضاي الأبوي». وبعد الانتهاء من قراءة نص البرقية الملكية، عمت الفرحة قاعة المراقبة. هل تحسنت وضعية المراقبين بعد في البرقية الملكية؟ هربنا من مخالب لوبي وزارة النقل وسقطنا بين أنياب لوبي المكتب الوطني للمطارات، إذ كانت الرسالة الملكية تستعمل لحل كل المشاكل بالمكتب سوى تلك المتعلقة بالمراقبين، إذ أدمجنا مثل باقي أطر المؤسسة وأتذكر، بالمناسبة، تلك الرسالة التي أرسلناها للمدير العام، آنذاك، نعاتبه من خلالها عن إسرافه الزائد في تلميع بوابات المطارات بالرخام والزليج وكأن سلامة الملاحة الجوية تتوقف عليها، بدلا من اقتناءه المعدات اللازمة لمواكبة التزايد الملموس في عدد الطائرات، واعتبرنا أن الإدماج بالمكتب الوطني للمطارات كان خطأ فادحا ساهمت فيه الجمعية بشكل كبير. امتلأت الأجواء بالطائرات وهيأنا ثلاث مناطق للانتظار عرف يوم تشييع جنازة الملك الراحل الحسن الثاني ولوج عدد كبير من الطائرات إلى الأجواء المغربية، فما هي الاستعدادات التي قمتم بها، سيما أن مطار الرباط لا يتسع لاستقبال كل هذه الطائرات؟ دخلت في ذلك اليوم على الساعة الثامنة، صباحا رفقة زملائي بالفريق إلى المركز الوطنى، ولم تصل الى حدود ذلك الوقت سوى طائرة الرئيس الفرنسى. كنت مسؤولا في ذلك اليوم على القطاع الشرقي، وكان لي الوقت الكافي، لأن ألقي نظرة على برنامج الرحلات المرتقبة ذلك اليوم. لاحظ جميع أعضاء الفريق أنها ليست بالمهمة السهلة، وأنه يجب تضافر الجهود بيننا. في الساعة العاشرة صباحا، امتلأت الأجواء المغربية بالطائرات، وهيأنا ثلاث مناطق للانتظار، حتى نخفف العبء عن المراقب المكلف بالقطاع الشمالي، إلا أن عدد الطائرات تزايد بشكل كبير جدا، ما جعل رئيس الفريق يربط الاتصال بالمسؤولين عن القطاع في المكتب الوطني للمطارات، ثم وزارة النقل، لكن النتيجة كانت هي اذهب أنت وربك فقاتلا، انا هنا لقاعدون». التفت إلى عبد القادر مديان، رئيس الفريق، آنذاك، واقترحت عليه أن نفتح مطار محمد الخامس للشخصيات القادمة لتشييع الجنازة، قبل وقوع الكارثة، ونتحمل مسؤوليتنا في اتخاذ هدا القرار. كان إنسانا عمليا، وما أن أكملت اقتراحي حتى أمرني بأن أشرع في إعطاء الأوامر للطائرات وتوجيهها إلى مطار محمد الخامس الدولي.كان أول من أمرته بالتوجه إلى مطار محمد الخامس الدولي، هو ربان الطائرة التي تقل الرئيس التونسي، أخبر هذا الأخير الرئيس التونسي وعاود الاتصال بي ليخبرني عن قلق الرئيس التونسي ورفضه التوجه للدار البيضاء، فكان جوابي أننا نحرص على سلامة الطائرات وليس عن غضب ركابها، ولن نتراجع في أوامرنا السالف ذكرها، وهكذا هبطت كل الطائرات بسلام. أجرى الحوار :عبد الواحد كنفاوي

مراقب جوي يفضح “عملية البراق”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إقبال كبير للمهاجرين على ميناء مليلية

انهيار جزء كبير من سور تاريخي بأزمور

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات