أخطبوط الرشوة يبسط سلطانه على كافة القطاعات

تغلغل في القطاع الاقتصادي وصار مألوفا في الاجتماعي واكتسح المجال السياسي بعيدا عن القيم الدينية، والأحاديث النبوية، والوعيد بلعنات الدنيا والآخرة ل"الراشي" و"المرتشي" و"الرائش بينهما". بعيدا عن خطابات السياسيين، كانوا ينتمون إلى أحزاب في أقصى اليمين، أو أقصى اليسار، وحتى الأحزاب التي تتخذ من الإسلام مرجعيتها، الكل يرفع شعار محاربة الفساد وشن الغزوات والحروب لمحاصرته وإضعاف قوته قبل تصويب ضربة تصيبه في مقتل، بعيدا عن كل هذه الخطابات الدينية والسياسية، ينتصر الفساد، يوما بعد آخر ويشتد عود الرشوة ويتغلغل ليسيطر على كافة أفراد المجتمع المغربي، وفئاته، كبيرا وصغيرا، فقيرا وميسورا وفاحش الثراء الكل يجد نفسه مستعدا، يوميا، لتقديم "الحلاوة" و"القهوية" و"الكاميلا" و..، التي قد لا تتعدى ال20 درهم، وقد تفوق الملايين، حسب نوع المراد.والواقع، أن مثل هذه الممارسات، رغم كل التنديد والوعيد، تتحدانا وترخي بظلالها على جميع قطاعاتنا، التي لا يسلم السياسي، كما الرياضي والاجتماعي بفروعه الخاصة بالصحة والتعليم والسكن، من "سحرها"، بعدما كانت مقتصرة في السابق على الأنشطة ذات الصبغة الاقتصادية، لدرجة تفرض علينا التساؤل حول ما إن تحول الفساد ومعه الرشوة إلى داء لا علاج له؟ وما إن كانت الدولة أصبحت فعلا عاجزة عن القضاء عليه رغم أجهزتها وهيآتها، سيما أن كل المؤشرات وتصنيفات هيآت دولية ووطنية تجعل المغرب في ذيل قائمة الدول التي تعتمد النزاهة وقمة الدولة التي تنشط الرشوة بكافة قطاعاتها، مهما كانت درجة حساسيتها عالية ومهما كانت في ارتباط يومي مع معيش المواطنين؟وفي المغرب كما في باقي دول المعمور يقترن أخطبوط الرشوة بتخريب المؤسسات الإدارية وبإفشال إمكانيات وأدوات التنمية وانتشار مظاهر التسيب والفوضى، وسيادة قيم الفساد الأخلاقي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي، فالرشوة يمكن أن تكون مسؤولة عن تدني مستوى الخدمات العمومية، وقد تشكل تهديدا للأمن، وعديدة هي الأمثلة التي تناقلتها كبريات الصحف، عن الفساد الانتخابي والسياسي داخل الحزب الواحد، والتهرب الضريبي وانهيار المباني التي أزهقت أروحا، ذنبها على عاتق مسؤول غض بصره عن جودة البناء ومهندس تناسى الالتزام بالتصميم ومقاول لم يهتم بمكونات البناء لأنهم جميعهم يدورون في فلك الفساد الذي تغذيه الرشوة. الأكيد أن الدولة، لا يمكنها بمفردها أن تقضي على الرشوة. هي حقيقة لا غبار عليها، فرغم التدابير التي انخرطت في أجرأتها منذ عدة سنوات، إلا أنه يبدو أنها ما تزال عاجزة عن تحويل النزاهة إلى قاعدة عامة في المغرب، فاجتثاث الفساد واستئصال الرشوة ليس شأنا خاصا بالسلطات العمومية وحدها، بل المجتمع المدني مطالب بتشكيل جبهة حقيقية ضد الرشوة مع انخراط قوي لكافة الأطر والمستخدمين في جهود محاربتها، إذ سيكون من الوهم، أو الحلم المستحيل التحقق أن نؤمن بإمكانية القضاء على هذا البعبع الذي يحكم قبضته على الجميع، ما لم يتم إنماء حس الواجب لدى المجتمع. هجر المغلي

أخطبوط الرشوة يبسط سلطانه على كافة القطاعات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

استعمال المال في الانتخابات

المغــــرب "المـــرتــشـــي"؟!

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات