السلطات تغض الطرف عن البناء العشوائي بجهة كلميم

المنطقة تعتبر من الجهات الجنوبية التي يعشش فيها البناء العشوائي والفوضوي عاين المتتبعون استثناء الأقاليم الجنوبية، خاصة بكلميم وطانطان والوطية والسمارة، من الحملة الأخيرة التي باشرتها السلطات العمومية في عدة أقاليم بهدم البنايات التي وصفتها بالعشوائية أو المقامة فوق أملاك عامة، سواء كانت غابوية أو أملاكا عمومية بحرية أو بنايات شُيدت في أماكن تشكل خطورة كبيرة على السكان، أو التي لم تحترم المسافة القانونية لبعدها عن الطرق العمومية. وقدرت نسبة السكن العشوائي، وفق إحصائيات رسمية بـ 40 في المائة. إلا أن مجموعة من الانتقادات وُجهت إلى طريقة تعامل السلطات مع الظاهرة، إذ أُتهمت إلى جانب المنتخبين والقطاعات الحكومية الوصية على القطاع، بالسكوت عن الظاهرة.يعتبر مشكل البناء العشوائي ظاهرة مركبة، تحتاج إلى مقاربة ومعالجة شمولية، إذ ارتبطت بالهجرة القروية في اتجاه المدن بسبب الجفاف وقلة فرص العمل، إلى جانب التعقيدات الإدارية والمسطرية التي تصاحب البناء بالوسط الحضري.وحسب لحسن قرماش، إطار بوزارة الإسكان وسياسة المدينة، فإن أسباب وعوامل نشأة «مدن الصفيح» بالمغرب متعددة، وتأتي في المقام الأول الهجرة القروية التي تعتبر العامل الاقتصادي الذي لعب الدور الطلائعي في تنامي مدن الصفيح، إذ أن نزوح الأسر والأفراد من البوادي نحو المدن والمراكز الحضرية، مرتبط بالدرجة الأولى بالبحث عن فرص الشغل لتأمين المعيشة. وفي بعض الأحيان رغبة أسر في الالتحاق بأقاربها، بقصد الالتئام وجمع الشمل وتسهيل ظروف الحياة نسبيا، كذلك انعدام الضروريات المساعدة على الاستقرار، بالأخص التجهيزات الأساسية كالماء والكهرباء فضلا عن انعدام المرافق العمومية الضرورية الأخرى. بعده يأتي النمو الديموغرافي الذي تطورا سريعا خاصة في الأوساط الاجتماعية الفقيرة، وبالتالي عدم ملاءمة العرض للطلب السكني نتيجة مباشرة للتطور الحضري المتزايد، الشيء الذي ينتج عنه تزايد في حدة العجز السكني، إذ أن الإنتاج السنوي للسكن غير كاف ولا يتلاءم مع القدرات المالية للفئات ذات الدخل المحدود أو غير القار.أما السبب الثالث، فهو فشل السياسة التعميرية بالمدينة المغربية الممثل في تعقيد المساطر المتبعة، وكذا غياب وثائق التعمير أو عدم استجابتها ومطابقتها مع الواقع، إلى جانب إشكالية العقار التي تتمثل في تعدد الأنظمة العقارية بالمغرب (الأراضي المخزنية والأراضي الحبسية وأراضي الجموع....)، وتعقيد مساطر اقتناء هذا النوع من العقارات ويقف حجرة عثرة أمام تعبئة العقار بصفة عامة، والأثمنة الخيالية والمضاربات العقارية، وضعف التحفيظ العقاري وتعقيدات المساطر المتعلقة به، وأخيرا ارتفاع قيمة الأراضي المجهزة داخل التجزئات السكنية المرخصة بالمدن لم يعد في متناول الفئات الاجتماعية التي لا تتوفر على دخل قار بسبب الارتفاع المهول للأسعار العقارية. إلى جانب هذه الأسباب ، يضيف قرماش إشكالية التمويل، إذ تعتبر القروض الممنوحة، سواء للمنعشين العقاريين أو المستفيدين على حد سواء، بفوائد مرتفعة جدا، بالإضافة إلى أن غياب صناديق ضمان القروض من الأسباب المباشرة لتفاقم ظاهرة السكن العشوائي وغير اللائق. انتشار واسع بكلميم وطانطان والسمارةتعتبر جهة كلميم السمارة من بين الجهات الجنوبية التي يعشش فيها البناء العشوائي والفوضوي، خاصة على مستوى كلميم وطانطان والوطية والسمارة. ومنذ أن بدأت عمليات تطهير مجموعة من الأقاليم الشمالية من الظاهرة (أكادير، اشتوكة، آسفي، طنجة، الجديدة...)، بدأ الفاعلون السياسيون والاقتصاديون والإعلاميون يطرحون سؤالا عريضا يتعلق بطريقة مواجهة المسؤولين، خاصة وزارة الداخلية، لظاهرة البناء العشوائي واحتلال الملك العمومي بمجموعة من الأقاليم الجنوبية. بالنظر إلى الوضع السياسي بالأقاليم الصحراوية، تعامل المسؤولون والمنتخبون مع ظاهرة البناء العشوائي بليونة مفرطة، إلى أن أصبحت البنايات والمنازل والأكواخ المبنية والمشيدة في مجموعة من الأحياء تشوه منظر هذه المدن، فليس غريبا أن تجد، وسط مدينة كلميم أو طانطان، بعض البنايات كالفيلات والفنادق وسط الأحياء السكنية والشعبية أو بنايات فوق أملاك متنازع حولها أو تابعة للملك العمومي.فبفضل الاعتمادات المرصودة من قبل وزارة السكنى والتعمير وسياسة المدينة والتي تجاوزت 695 مليون درهم مما مكن جهة كلميم السمارة من تقليص ظاهرة البناء غير القانوني، غير أنه مازال البناء العشوائي يعشش في هذه المدن.وفي إطار عملية القضاء على هذه الظاهرة بمدينة السمارة وتمكين قاطني هذين الحيين من سكن لائق، فقد تم ابتداء من سنة 2008 تسطير برنامج سكني يقضي بتهيئة تجزئتين سكنيتين (الكويز والربيب) تضمان حوالي 4500 بقعة أرضية بتكلفة تقدر ب 275 مليون درهم، كما سيمنح بموجب هذا البرنامج للأسر المحصية (2800 أسرة) دعم بقيمة 50.000 درهم لمساعدتهم في تمويل بناء منازلهم فوق البقع الأرضية التي ستمنح لهم بالمجان بالإضافة إلى المواكبة التقنية. تعتبر بلدية الوطية بإقليم طانطان وبلدية كلميم، النموذجين الأكثر بروزا لتفشي ظاهرة البناء العشوائي بالجهة، حيث تسود فوضى البناء وتشييد مساكن وبنايات ضاربا عرض الحائط جمالية المدينة، إذ يكفي القيام بجولة بسيطة في أحياء البلدية ليظهر للعيان مدى حجم الفوضى في هذا المجال. وأثناء الاتصال بنافع الوعبان، رئيس بلدية الوطية بإقليم طانطان، اعترف بوجود الظاهرة وحاول تبريرها بأنه يصعب أن نتحدث عن البناء العشوائي في الأقاليم الصحراوية.وفي الجماعة القروية لتكانت، اتهمت مجموعة من المواطنين المسؤولين بتشجيع البناء العشوائي والتمييز في منح رخص البناء، وفي هذا الصدد التمس مواطن من وزير الداخلية إيفاد لجنة للتحقيق في ما يصفه بـ «التجاوزات» في البناء والتعمير التي يشهدها تدبير مجال التعمير بالجماعة.وفي الجماعة القروية لبوزكارن، سبق لمواطنين بالبلدة أن رفعوا تظلماتهم إلى المسؤولين وإلى وكيل لملك بالمحكمة الابتدائية بكلميم يشتكون من الأضرار الناجمة عن البناء العشوائي. وسبق لمصالح الدرك الملكي ببوزكارن أن وجّهت تحذيرات للمعنيين بموضوع البناء العشوائي، خلال الاجتماعات الرسمية المنعقدة بباشوية المدينة، أو بمقر الدائرة، بحضور ممثلي الوكالة الحضرية، ومندوبية السكنى والتعمير. وذكر السكان في شكايتهم، التي وجّهوا نسخة منها إلى والي جهة كلميم السمارة، أنهم «ليسوا ضد تطبيق القانون المنظم لعمليات البناء، غير أن إحساسهم بالظلم نابع من تصرفات المسؤولين عن قطاع البناء والتعمير بالمدينة».بدعوى أن منطقة الشاطئ الأبيض ملك للدولة ولا حق لأحد البناء فيها، منع السكان من تراخيص البناء، ما دفعهم إلى بناء براريك من القصدير والخشب والاكتفاء بالخيام. ولتطويق الظاهرة، أنجزت الدولة، خلال السنين الأخيرة، العديد من المشاريع السكنية بالجهة للاستجابة للحاجيات في مجال السكن، وكذا لنوعية السكن المحبذ مجتمعيا المتمثل في السكن الفردي عوض السكن بالعمارات. وتجدر الإشارة إلى أنه تم سنة 2011 التوقيع بين الدولة وبعض المنعشين العقاريين على أربع اتفاقيات بغية إنتاج 3873 وحدة سكنية بكل من كلميم وطانطان، حيث توجد 2670 وحدة في طور الترخيص بمدينة كلميم. إكراهات مواجهة السكن العشوائي حسب لحسن قرماش، إطار بمندوبية الإسكان وسياسة المدينة، فإنه رغم المجهودات المبذولة من طرف الحكومة للقضاء النهائي على ظاهرة مدن الصفيح والسكن العشوائي والذي من أجله تم اعتماد البرنامج الطموح والواعد "برنامج مدن بدون صفيح" 2004-2010 وحيث تم جني نتائج جد مشجعة بإعلان 43 مدينة بدون صفيح من بين ال85 مدينة و مركز كانت تشكو من هذه الآفة، فثمة مشاكل وإكراهات تواجه ال42 مدينة المتبقية، ويمكن حصر هذه الإكراهات في التزايد الطبيعي للأسر والتزايد الناتج عن تقسيم "البراريك" (الأسر المركبة) وتوسعة بعض المدارات الحضرية لتشمل أحياء صفيحية مجاورة وصعوبة ترحيل الأسر المستهدفة، وذلك راجع إلى أنها تفضل الاستفادة من البقع عوض الشقق، أو الاستفادة مجانا وغياب الوعاء العقاري المناسب وصعوبة الحصول عليه ومشكل التمويل وتطور ظاهرة المضاربة في مدن الصفيح، بالإضافة إلى مشاكل تقنية من قبيل توقف الأشغال في بعض الأحيان لظروف تقنية أو قانونية وانعدام شبكات الربط الخارجي وضعف وتيرة انجاز التجهيزات العمومية الضرورية. إبراهيم أكنفار (طانطان)

السلطات تغض الطرف عن البناء العشوائي بجهة كلميم

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

طلبة كلية الحقوق بمراكش مهددون بسنة بيضاء

"لارام" تطلق من طنجة أولى رحلات العمرة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات