ذاكرة الأولمبياد

أهدى 17 رياضيا 21 ميدالية أولمبية (ست ذهبيات وخمس فضيات و10 نحاسيات) إلى المغرب منذ أول تتويج للرياضة الوطنية في دورات الألعاب الأولمبية سنة 1960 بفضل الراحل عبد السلام الراضي وإلى غاية الدورة الأخيرة ببكين سنة 2008 بواسطة جواد غريب، ومن محاسن الصدف أن تكون أول وآخر ميدالية حصلها المغرب في الأولمبياد فضية مسابقة الماراثون. غير أن الميداليات التي أهداها رياضيو ألعاب القوى (14) والملاكمة (3) ، لم يكن بلوغها سهلا، بل جاء بعد معاناة في التحضيرات والتصفيات، وكان القاسم المشترك لغالبيتهم تحسين ظروفهم الاجتماعية، لأن جميع هؤلاء الأبطال يتحدرون من أسر فقيرة، يجمعهم حب الوطن والرغبة في التألق. كل فرد منهم ضحى بأشياء كثيرة من أجل تدوين اسمه في سجل الأولمبياد، يروي لـ "الصباح" تفاصيل عاشها قبله وأثناءه وبعد التتويج، وتأتي حكايات هؤلاء الأبطال تزامنا مع مشاركة المغرب في أولمبياد لندن الصيف الجاري. الزين: ميداليتي لم تجنبني الحروب تشكل العاصمة الأسترالية سيدني بالنسبة إلى البطل العالمي والأولمبي علي الزين، مدينة التتويج والتألق في مسيرته الرياضية، باعتباره كان أحد أكبر العدائين في سباقات 3 آلاف و3 آلاف متر موانع، لأنه توج بها مرتين الأولى كانت بفوزه بنحاسية ثلاثة آلاف متر موانع في بطولة العالم للشباب سنة 1996، والثانية بالميدالية النحاسية في أولمبياد 2000، وكان التتويج في المناسبتين دليلا على أن الزين لم يكن بطلا عاديا، بحكم صعوده منصة التتويج في مسافة عرفت على مر الأعوام بأنها اختصاص كيني بامتياز، بالنظر إلى السيطرة التي كان يفرضها عداؤو كينيا على المراكز الثلاثة الأولى. وتتويج الزين بنحاسية في الألعاب الأولمبية كان أقل ما يطمح إليه في مسيرته الرياضية، إذ كان يسعى دائما إلى التألق وقهر الكينيين على الخصوص، وظل شوكة في حلقهم، كما كان الشأن بالنسبة إلى خالد السكاح في العدو الريفي وغيره من أبطال المسافات الطويلة، غير أن موهبة الزين كانت ظاهرة منذ بداية مساره سنة 1994، بالنظر إلى الطريقة التي كان يتفوق بها على الكينيين، إذ يعتبر الزين أنه كان محظوظا لوجوده في الفترة الذهبية لألعاب القوى ما بين 1994 و2000، رغم خلافاته التي له مع المدير التقني الوطني، محمد عزيز داودة. ويعتبر الزين أن مشاركته في أولمبياد سيدني لم تكن وليدة الصدفة، وإنما للمستوى الذي كان يتوفر عليه، إذ استطاع أن يطوره من سنة إلى أخرى، وكان دائما حاضرا في منصة التتويج، باستثناء بطولة العالم لسنة 1997 التي كان يعاني فيها من الإصابة، قبل أن يعود في 1999 إلى التتويج في المنافسة ذاتها، وتمكن من تحطيم الرقم القياسي الوطني في مسافة 3 آلاف متر الذي كان في حوزة صهير، بعد مشاركته في أول ملتقى له ضمن العصبة الذهبية بروما وسجل فيه ثاني أحسن إنجاز في السنة بثماني دقائق و3 ثوان و57 جزءا من المائة، فتبين أنه سيكون لا محالة ضمن المتوجين في سيدني، غير أن الإصابة حرمته مرة أخرى من إتمام استعداداته على بعد ستة أشهر من انطلاق الألعاب الأولمبية، ولم يشارك في أي ملتقى في تلك الفترة، لكن قبل 25 يوما من انطلاقها دخل في تجمع إعدادي رفقة المنتخب الوطني بميلبورن بأستراليا، في الوقت الذي استبعد مواطنه صلاح حيسو بسبب الإصابة، وأجرى تداريب مكثفة للعودة إلى مستواه المعهود. ويقول الزين "عانيت كثيرا في 25 يوما التي سبقت الألعاب الاولمبية، إذ كان علي أن أسترجع مستواي العادي للصعود إلى منصة التتويج، وأن من غير الأطر المحترفة التي كانت مشرفة على عدائي المنتخب والتي وضعت ثقتها في، لا أحد كان يراهن على تتويجي، لأن الجميع كان يعتقد أن الإصابة كانت ستحول بيني وبين حلمي"، ويضيف الزين "الحقيقة أنني كنت محظوظا، لأن السباق كان بطيئا، لكن رغم ذلك لم يكن من السهل التتويج في الألعاب الأولمبية، وأن يكون العداء ضمن الثلاثة الأوائل، وفي ذلك اليوم أذكر أنني عدوت أمام 110 آلاف متفرج كانوا يشجعون على طريقة كرة القدم، وكان من الصعب التركيز بشكل جيد بحكم أهمية المنافسة، وأذكر كذلك أنني خضت سباقي قبل أن يشارك هشام الكروج في نهاية 1500 متر بحوالي 25 دقيقة، والتي حل فيها ثانيا وفاز بفضية، وكان إنجازا مهما بالنسبة إلي لأنني المغربي الوحيد الذي فاز بميدالية أولمبية في 3 آلاف متر، واعتبر إنجازا غير مسبوق من طرف جميع مكونات ألعاب القوى الوطنية. ويذكر الزين بحسرة تراجع ألعاب القوى الوطنية في هذا التخصص، في وقت كان يتنافس على المشاركة في الألعاب الأولمبية وبطولة العالم أزيد من ستة عدائين، وكانت في وقت من الأوقات حكرا على العدائين المغاربة، إذ كانت القتالية والروح الوطنية شيمة تطبع جميع العدائين المغاربة، رغم قلة الإمكانيات المادية، ذلك أن الكروج بأرقامه القياسية والألقاب التي حصل عليها في بطولات العالم والألعاب الأولمبية كان يتقاضى 8 آلاف درهم شهريا، ونزهة بيدوان بدورها كانت تتقاضى 7 آلاف درهم، في الوقت الذي كان يتقاضى 6 آلاف درهم، أما الآن يقول الزين "نرى أن العداء يتقاضى راتبا بـ 25 ألف درهم لمجرد تحقيقه الحد الأدنى للمشاركة في الألعاب الأولمبية، وربما هذا من الأسباب التي كانت وراء تراجع ألعاب القوى في السنوات الأخيرة، لأن العدائين لا يبدلون جهودا كبيرة للتويج ويكتفون بتحقيق الحد الأدنى للحصول على المنحة الأولمبية فقط". ويعتبر الزين أن مستواه الاجتماعي تحسن كثيرا مقارنة مع كان عليه في بداية مساره الرياضي، علما أنه الوحيد الذي لم يستفد من أي مأدونية، ويعود ذاك إلى أنه كان عنيفا، وكان في خلافات دائمة مع داودة الذي له إيجابيات أكثر من السلبيات، وأن ميداليته الأولمبية لم تقه من الحروب التي شنت عليه من طرف بعض الأطر، وما يلاحظه الآن هو ان ألعاب القوى تتوفر على عدائين، لكنها لا تتوفر على أسرة تحميهم. صلاح الدين محسن

ذاكرة الأولمبياد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

فاس والكل في فاس : قصيدة "دمليج" لاكتشاف نفائس فاس العتيقة

متصوفة استهوتهم "السلطة الرابعة"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات