حوارات الربيع العربي : الصديقي*: العالم العربي استعاد مكانته في التاريخ

قال عبد السلام الصديقي، القيادي في التقدم والاشتراكية والأستاذ الباحث في الاقتصاد، إن التحليل الموضوعي للربيع العربي يتطلب المزيد من الوقت، على اعتبار أنه ما يزال متواصلا، لكن اعتبر أن الربيع العربي يُثير ارتياح ورضا كل عربي، لأنه أحدث تحولا في تعامل الآخر مع المنطقة، إذ أصبح الحديث عن العالم العربي ، لأول مرة بعد زمن طويل، يتم بصفة إيجابية. ويميز الباحث، بالنسبة إلى مستقبل ومآل الربيع العربي، بين تحولين محتملين، إما أن يقود الربيع العربي إلى ترسيخ الديمقراطية في البلدان التي تتوفر على قاعدة منتجة حقيقية ونسيج صناعي، وإما أن تكون هناك مقاومة ضد الدخول في المرحلة الديمقراطية في بعض البلدان الأخرى، خاصة الدول المنتجة للنفط. انتفضت الشعوب العربية في أواخر سنة 2010 ضد الأنظمة الشمولية والمستبدة، وأطاحت في ما أضحى يسمى الربيع العربي بالعديد من الأنظمة. ما هو تقييمكم للربيع العربي؟ إن التقييم الموضوعي للربيع العربي يستلزم مسافة تاريخية كبيرة، على اعتبار أن مسلسل الثورات العربية ما يزال متواصلا. لا يمكن، في اللحظة الراهنة، سوى أن نعبر عن رضانا، الذي هو رضا كل الشعوب العربية، تجاه ما يجرى في المنطقة العربية منذ حادثة البوعزيزي بتونس. وهكذاعاينا تهاوي أنظمة مستبدة كنا نعتقد أنها لا تتزحزح. وكانت البداية من تونس، التي عرفت فرار زين العابدين بنعلي، وفي مصر مع محاكمة حسني مبارك الذي أصدرت جنايات القاهرة في حقه حكما بالسجن المؤبد، وفي ليبيا مع النهاية المأساوية للعقيد معمر القذافي، الذي سمح لنفسه بأن يلقب بـ»ملك الملوك»، وفي اليمن بعد المغادرة المتفاوض حولها لعلي عبد الله صالح، الذي أصبح يتمتع بتقاعد مريح. بالمقابل، تمكنت العديد من الدول العربية، على غرار المغرب والأردن، من تدبير الفترة الانتقالية بأقل الخسائر الممكنة. إن مسلسل الربيع العربي ما يزال متواصلا ولم ينته بعد، لسببين أساسيين، الأول يتعلق بالشك الذي يخيم على مستقبل بعض الدول العربية بالنظر إلى طبيعة القوى الاجتماعية والسياسية، بما في ذلك قوى الشارع، المتصارعة. والثاني مرتبط بمآل الأحداث الدامية في سوريا. يمكن أن نقول، عموما، إن الأمور لم تحسم بعد، رغم فوز الأحزاب الإسلامية والأصولية في الانتخابات التي جرت في العديد من البلدان العربية باستثناء الجزائر. برأيي، وبالنسبة إلى الدينامية الجارية في البلدان العربية، يمكن ملامسة ملامح مشتركة تهم المنطقة، كما يمكن ضبط ملامح خاصة بكل بلد، أوعلى الأقل بكل منطقة على غرار مجلس التعاون الخليجي. لقد ازدادت وتيرة الأحداث خلال السنتين الأخيرتين وأصبح الحديث عن العالم العربي لا يتم بشكل سلبي، كما في السابق،إذ لأول مرة منذ العصر الذهبي للعالم العربي، تستعيد هذه المنطقة مكانتها في التاريخ وتصبح فاعلا نشيطا، وذلك بفضل نهضة الشعوب،خاصة الشباب الذين لم يطيقوا الإهانة والظلم والإقصاء الممارس عليهم من طرف الطبقة الحاكمة والمستبدين الذين احتكروا السلطة لفائدة أفراد عائلاتهم عبر مراكمة الثروات. حتما، لن تكون الأمور في المنطقة كما في السابق، فالدينامية انطلقت، وسوف يصدح صوت الشعوب بقوة أكثر، وسيتم التعبير في كل مكان وبمستويات مختلفة عن الرغبة في التغيير ...إنها مرحلة جديدة تُدشن في تاريخ العالم العربي. رغم ذلك، ما هي آفاق الثورات العربية؟ أعتقد أنه ينبغي أن نقوم بتحليل كل حالة على حدة طبقا للقوى الموجودة، والتجربة المراكمة من طرف كل بلد على مستوى تدبير التحولات الاجتماعية، ومعدل التنمية الذي تم تحقيقه، وأهمية الموارد الموجودة. في كل صيرورة اجتماعية وسياسية، هناك قوى تنتمي إلى مختلف الحساسيات، وكل قوى تحاول أن تحقق أكبر ما يمكن من الفوائد لتعزيز موقعها وفرض التغيير في الاتجاه الذي يضمن بكيفية أحسن مصالحها التي تدافع عنها. نتحدث في القاموس الماركسي، عن صراع الطبقات، الذي يعتبر محرك التاريخ. ولأجل التبسيط، يمكن أن نميز بين تحولين محتملين في الدول العربية، إما أن يقود الربيع العربي إلى ترسيخ الديمقراطية في البلدان التي تتوفر على قاعدة منتجة حقيقية ونسيج صناعي، مع وجود طبقة عاملة منظمة نسبيا، ويمكن أن نضع في هذه المجموعة الدول المغاربية الثلاث، إضافة إلى مصر والأردن، ويمكن أن تلتحق سوريا بها، أما المحتمل الثاني، فهو أن تكون هناك مقاومة ضد الدخول في المرحلة الديمقراطية في البلدان التي تتوفر على ريع النفط مقرون بقاعدة سكانية ضعيفة ويد عاملة أجنبية مستغلة، وهو حال دول المجلس التعاون الخليجي، وبدرجة أقل، ليبيا التي ستصادف صعوبات في بناء بنية ديمقراطية بالنظر إلى بنياتها التقليدية المتجاوزة. ويضاف إلى كل ذلك أن دول الخليج تتمتع بـ»تواطؤ» من طرف البلدان الصناعية الكبرى، والتي تفسر بالمصلحة الإستراتيجية المتمثلة في البترول والغاز اللذين تنتجهما المنطقة.في كل الحالات، الحركة التاريخية لا تتبع دائما خطا مستقيما، والتاريخ لا يسير بالوتيرة نفسها، وينبغي على القوى الاجتماعية الحاملة للتغيير والشباب التواق إلى المزيد من الحرية أن يتحملوا مسؤولياتهم.(*) عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية

حوارات الربيع العربي : الصديقي*: العالم العربي استعاد مكانته في التاريخ

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المهدي المنتظر... "سالب القلوب والعقول"

فدوى... أول مغربية تنهش جسدها نيران التهميش

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات