محكمة الأسرة بالبيضاء…”طلاق ليلة تدبيرو عام”

إجراءات روتينية قد تؤجل البت في ملفات طلاق أو الحصول على نفقة لشهور على بعد خطوات من باب محكمة الأسرة بالبيضاء، كانت امرأة، في أواسط الثلاثينات من عمرها، تجلس مفترشة قطعة كارطون تنتظر قدوم دفاعها من أجل الدخول إلى المحكمة للاستفسار عن مآل قضية نفقة رفعتها ضد زوجها. لم تبال المرأة بالشمس الحارقة خاصة أنها اكتوت بنيران هجر زوجها لها ولأبنائها لما يزيد عن ثماني سنوات، لتجد نفسها بدون معيل. « أنا رفعت قضية نفقة على زوجي منذ أشهر، المحكمة طلبت مني أن أسلمها عنوانا خاصا بزوج المختفي عن الأنظار، أعطيتهم عنوان منزل والديه، غير أنه لم يكن به لأجد نفسي أمام الباب المسدود» تقول المرأة وهي تلتفت ناحية مكان وقوف السيارات ترقبا لقدوم المحامي قبل أن تضيف «المحكمة قالت ليا جيبي عنوان آخر اديال راجلك باش نوجهو ليه استدعاء».لم تدر المرأة ما تفعله، خاصة أن زوجها اختفى منذ مدة عن الأنظار ولم تعد تعرف مكانه بالضبط ، والمحكمة تصر على أن تأتيها بعنوان ثان له حتى يتسنى تسليمه استدعاء من أجل المثول أمامها قبل النطق بالحكم، «والله العظيم إلى تلفت وما بقيت عارفا ما ندير»، تقول المرأة التي لفحت أشعة الشمس وجهها.لم تدر المرأة ما تفعله، ونقلت همها إلى دفاعها الذي خطرت على باله فكرة «جهنمية» سيضرب من خلالها عصفورين بحجر واحد، فقد اقترح عليها المحامي أن يسلم إلى هيأة المحكمة عنوان بيت الزوجية، حتى يتسنى لهم التأكد من جهة أنه غير مقيم به، وهذا سيكون دليلا ضده ويعفي الزوجة ومحاميها من إثبات أنه هجر بيت الزوجية.بدت الفكرة منطقية للزوجة، وإن كانت هناك تخوفات مما ستقرره المحكمة، خاصة وأن شهورا مرت على ملفها دون أن تبت فيه، وفجأة نهضت المرأة من مكانها بعد أن عاينت دفاعها لتتجه نحوه وهي تقول « المحكمة خاصها تبت في هذه القضايا بسرعة راه احنا ما لاقين ما نكلو».أمام باب المحكمة وقف رجل أمن يراقب الدخول والخروج، قبل ولوج المرأة ودفاعها إلى الداخل طلب منها أن تمده بالاستدعاء، فالتعليمات التي أعطيت له تلزمه بالتأكد من أن كل من يلج المحكمة جب أن كون له غرض بها، وهو ما اعتبره البعض إيجابيا خاصة أن بعض المتطفلين وشهود الزور يرغبون في الدخول، غير أن لها سلبيات كذلك، خاصة أن بعض المتقاضين يرغبون في إدخال شهود معهم أو «حكم» حسب ما تقتضيه المسطرة في قضايا الطلاق، فيصر رجل الأمن على الحصول على الاستدعاء ما يتسبب في حرمان الحكم من الولوج إلى المحكمة.«العديد من القضايا أجلت بسبب حرص رجل الأمن على الحصول على استدعاء» يقول المحامي، قبل أن يضيف «الحكم غالبا ما يتطوع بوقته وماله من أجل الانتقال إلى المحكمة وإذا لم يقض الغرض في اليوم نفسه فإنه قد لا يأتي مرة أخرى». أمام هذه الصعوبات الإجرائية وجد بعض المتقاضين طريقة أسهل لا تكلف وقتا طويلا، إذ أن بعض النساء أو الرجال الراغبين في الطلاق غالبا ما يستعينون بأشخاص يرغبون في أن يقدموا هذه الخدمة ويكونون «حكاما» مقابل مبلغ مالي، أو مقابل لعب الطرف الأول الدور نفسه في قضية تخصهم، خاصة أن ليس هناك من سيلزم المحكمة في التدقيق في هوياتهم أو علاقة القرابة التي تجمعهم بهم.بهذه الطرق «الاحتيالية» وغيرها كثير يمكن للمتقاضين أن يحصل على حكم في أقل من عام، خاصة أحكام الطلاق التي تتشبت فيها المحكمة ببعض الإجراءات التي تطيل أمد التقاضي، وقد يصل أحيانا إلى سنة كاملة.وحدهم المقيمون بالمهجر من يستفيدون من السرعة في البت في ملفاتهم، خاصة أن المحكمة خصتهم بمعاملة خاصة، إذ يتم النظر في ملفاتهم دون طول انتظار، كما تقدم لهم تسهيلات من أجل التقدم بالشكاوى والوثائق المطلوبة، وهو ما جعلهم موضوع غبطة وأحيانا حسد من قبل باقي المتقاضين الذين يتساءلون عن سبب عدم استفادتهم من الخدمات والسرعة في البت نفسها. الصديق بوكزول

محكمة الأسرة بالبيضاء…”طلاق ليلة تدبيرو عام”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جنايات البيضاء بطعم الجنح

القاضي بين تحقيق العدالة وتطبيق القانون

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات