الاستقلال… شرعية العائلة والمشروعية الديمقراطية

يوم عين الحسن الثاني الأمين العام لحزب الاستقلال بوصفه أكثر الأحزاب براغماتية يتجاذبه تياران يتذكر قادة حزب الاستقلال، وهم مقبلون على عقد مؤتمرهم، ما تكلم به الملك الراحل، الحسن الثاني، أمام أعضاء اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، غداة رحيل الزعيم علال الفاسي، فقال"رحم الله السي علال، والله يجعل البركة في السي بوستة" كان واضحا أن خلافة الزعيم التاريخي للحزب علال الفاسي، الذي وافته المنية في بوخاريست في رابع عشر ماي 1974، لن تكون خارج القيادة الشرعية، وكان امحمد بوستة خليفة لعلال الفاسي، في قيادة الحزب، قبل أن تؤول إلى عباس الفاسي، الذي قدم من فرنسا، حيث شغل منصب سفير، لقيادة حزب الاستقلال. بين الشرعية العائلية والديمقراطية يتميز حزب الاستقلال عن باقي الأحزاب السياسية، بأنه حافظ منذ تأسيسه على "البروتوكول" السياسي الذي يطبع معظم الأحزاب التقليدية. فكل شيء يتم من داخل الحزب، وحتى تجديد النخب تم بالاعتماد على العائلة، أكثر من استعانته بالاستقطاب من الخارج، عبر نهج سياسة الأبواب المفتوحة كما فعل حزب الاتحاد الاشتراكي من قبل. بل إنه حتى محاولات الانشقاق أو تشكيل حركات تصحيحية داخل الاستقلال تبوء عادة بالفشل، باستثناء تجربة انشقاق الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، سنة 1959، والتي كانت لها شروط سياسية ووطنية أخرى تختلف عن الخلافات الشخصية والصراع حول المواقع الذي يسم انشقاق الأحزاب اليوم. هذا المعطى لا ينفي وجود إنزالات، يشتكي منها بعض المقصيين من أشغال التحضير للمؤتمر، والذي يتهمون قادة الحزب باعتماد منطق الإنزال للأنصار، دون اعتبار للصفة التي ينص عليها الفصل 101 من النظام الداخلي لحزب الاستقلال، معتبرين أنها ثقافة تسللت إلى الحزب من الأحزاب الإدارية التي أتى منها الأعيان والمبنية على التجييش، وهي المخاوف التي تجددت مع اقتراب عقد المؤتمر السادس عشر للحزب، سيما أن الصراع بين جناحين يتوزعان بين التيار النقابي، يقوده حميد شباط، وتيار الشرعية التاريخية، ممثلا في نجل الزعيم التاريخي لحزب الاستقلال.براغماتية الحزب العائلةقرأ الكثير من المتتبعين لما يجري داخل حزب الاستقلال، أن قرار منع البرلماني، عبد اللطيف أبدوح، المحسوب على تيار حميد شباط، من مغادرة التراب الوطني، بعد تحريك المتابعة في حقه، يروم "تقليم" أظافر الزعيم النقابي، الذي يخلق الكثير من الجدل داخل حزب الاستقلال، ويجر الكثير من المشاكل على قيادته، سواء تعلق الأمر بالمتابعات القضائية التي تحركت ضد أبنائه، في قضايا مدنية، أم بتصريحاته التي تستفز حلفاء الحزب قبل خصومه. حزب الاستقلال الذي لم يغادر الحكومة منذ أكثر من 14 سنة، راهن اليوم على تجديد النخب في مؤتمره المقبل، وتقديم نموذج جديد للحزب الذي يتحول تدريجيا نحو صناعة نخبة جديدة، بعد أن تآكلت، أو رحلت قياداته التاريخية التي وضع من بقي منها في مجلس الرئاسة.بالمقابل، يتميز حزب الاستقلال بأنه أكثر الأحزاب براغماتية في الساحة السياسية، فواقعيته تجعله حليفا للجميع بدون خصوم، فهو المقرب من القصر، بسبب ارتباطه بالحركة الوطنية التي اشترطت عودة الملك قبل التوقيع على الاستقلال، وهو حليف اليسار، لتاريخه الطويل مع الاتحاد الاشتراكي، في إطار الكتلة الديمقراطية، وحتى حين هاجم الكثيرون حزب العدالة والتنمية، كان حزب الاستقلال يلوح بمرجعيته الإسلامية السلفية، تلميحا إلى إمكانية التحالف مع حزب عبد الإله بنكيران، وهو ما وقع فعلا بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة، إذ بدا حزب الاستقلال الأكثر انسجما مع مواقفه، حين قبل التحالف مع العدالة والتنمية، بينما لزم باقي أطراف التحالف التخلي عن قناعاتهم الإديولوجية، كما هو الشأن بالنسبة إلى التقدم والاشتراكية، أو مواقفهم السياسية، كما هو الشأن بالنسبة إلى الحركة الشعبية، مقبل مشاركتهم في الحكومة. سباق الرئاسة بين تيارينيوصف حزب الاستقلال، بأنه عائلة حزبية أكثر منها تنظيما سياسيا، ذلك أنه حتى تداول النخب يتم بناء على قاعدة انتقال القيادة من الزعيم الأب إلى الزعيم الابن. وهو ما يفسر وجود مجموعة من القياديين الحاليين في الحزب، ورثوا اسم آبائهم داخل حزب الاستقلال، ليس آخرهم عبد الواحد الفاسي، نجل علال الفاسي، الذي يطمح في خلافة أبيه بعد قرابة أربعة عقود على رحيل الوالد. منطق القرابة العائلية ظهر واضحا خلال فترة تشكيل الحكومة، فالأمين العام لحزب الاستقلال، عباس الفاسي، الذي قاد المفاوضات مع رئيس الحكومة المعين، آنذاك، عبد الإله بنكيران، وضع مقربين منه على قائمة المرشحين للاستوزار. من بين هذه الأسماء صهره، نزار البركة، الذي عين وزيرا للمالية والاقتصاد، وقريبه، محمد الوفا، الذي اختير وزيرا للتربية الوطنية، بعد أن غاب عن الحزب لسنوات قضاها سفيرا في الخارج. هذه التجربة نفسها، عاشها حزب الاستقلال، إبان قيادته للحكومة السابقة التي شاركت فيها العائلات الاستقلالية الكبرى المعروفة بتاريخها النضالي داخل حزب الاستقلال.يقبل حزب الاستقلال، اليوم على عقده مؤتمر الوطني، وفي الأفق تلوح مجموعة من الأسماء التي تنافس من أجل الأمانة العامة، بعضها توارى خلال ما تبقى من مسافة السباق نحو قيادة الحزب، وبعضها الآخر انكشف أنه لم يكن سوى أرنب سباق، وأراد لعب الدور نفسه الذي قام به في المؤتمر الماضي، إلى آخر لحظة، كما هو الشأن بالنسبة إلى امحمد الخليفة، بينما غادر، نزار البركة، صهر عباس الفاسي، السباق نهائيا، ليخلي الطريق لجناحين، الأول يقوده عبد الواحد الفاسي، والثاني يدعمه النقابي حميد شباط. إحسان الحافظي

الاستقلال… شرعية العائلة والمشروعية الديمقراطية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الاستقلال بين منطق الولاء للعائلة وتجديد النخب

"الطريق إلى كابول"... رقم قياسي في المشاهدة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات