الاستقلال أثبت حصانته ضد الانشقاقات

ظل حزب الاستقلال، رغم عراقته وامتداده التاريخي، في منأى عن الانقسامات. وفي الوقت الذي تعاني أحزاب أخرى ظاهرة التشرذم، ولا تعقد مؤتمراتها إلا على إيقاع التشتت، نجح حزب الاستقلال دائما في الحفاظ على تماسكه بفضل بنيته التنظيمية المحكمة، وهو ما يفسر فوزه في الانتخابات، واحتلاله الصدارة في مختلف الاستحقاقات الانتخابية التي عرفها المغرب. كان الاستثناء الوحيد الذي عرفه الحزب، في هذا المجال، هو خروج قيادي من بين صفوفه، وتأسيسه حزبا جديدا، ويتعلق الأمر بأحمد فطري، مؤسس حزب الوحدة والديمقراطية. فحزب الاستقلال يبدو، رغم ما يقال عن غياب الديمقراطية الداخلية للأحزاب، مُحصنا ضد الانشقاقات والتفرقة، والدليل أنه لم يعرف أي حركة انشقاقية منذ خروج الاتحاد الوطني للقوات الشعبية من رحمه أواخر الخمسينات. خرج حزب الاستقلال منتصرا من الانتخابات التشريعية لسنة 2007، بحصوله على الرتبة الأولى، وأثبت أنه يتمتع بقوة لا يجب أن يُستهان بها في المشهد الحزبي والسياسي الوطني، مكرسا في اقتراع 25 نونبر الماضي مكانته في الحقل السياسي بحلوله ثانيا في الانتخابات. ويبدو الحزب متماسكا، ولا تنال من وحدته الخلافات التي تنشأ بين الفينة والأخرى لأسباب متعددة. فقد ظل امحمد الخليفة القيادي في الحزب متشبثا بانتمائه إلى الحزب رغم « المشاكل» التي حدثت له في الحزب والصراع الخفي الذي نشب بينه وبين الأمين العام للحزب منذ خروجه المحبط من حكومة عبد الرحمن اليوسفي التي كان يشغل فيها منصب وزير تحديث القطاعات العامة،. ورغم أن الإحباط عاوده بعد الانتخابات التشريعية لسنة 2007، حينما قرر عباس الفاسي استبعاد «الخاسرين» في الانتخابات من الاستوزار، وكان الخليفة من أبرز ضحايا هذا القرار، إلا أن الأمر لم يؤد إلى صدام عنيف بين الخليفة والأمين العام، بل إن الشعور بالإحباط والهزيمة والغضب سرعان ما ترك المكان للرزانة والتعقل. ولم يُعلن أي قيادي أو عضو في الحزب عن استقالته من الحزب رغم الرياح القوية التي هبت عليه في مناسبات مختلفة. وكلما بدا الحزب على أهبة الانفجار، إلا وعرف كيف يحتوي الأزمات بالطرق الناجعة التي تمكنه من تجاوز الأزمات بسلام. قبل شهور قليلة، أعلنت مجموعة من المناضلين الاستقلاليين عن تأسيس حركة تصحيحية، أطلق عليها «حركة 11 يناير للفكر العلالي والقيم التعادلية لحزب الاستقلال»، تروم التشبث بالقيم الحقيقية لحزب الاستقلال، كما رسخها الزعيم علال الفاسي، ورفاق دربه من القادة التاريخيين، الموسومين بنظافة الذمة، ونزاهة الفكر. ورغم ذلك ، ظلت الحركة يقظة وحذرة وغير مستعدة أن تنزلق نحو «المحظور»، أي في اتجاه ما يهدد تماسك الحزب. أكدت أن عملها سينصب على الحفاظ على ثوابت الحزب، وقيمه من العبث، والتسلط، والجبروت المفروض ، باعتبار «حزبنا شكل دوما ضميرا لأمتنا، وباعتبار الثقة التي زرعناها في كفاح هذا الوطن المتواصل من أجل الديمقراطية مع كل المناضلات والمناضلين الشرفاء في الهيآت السياسية الوازنة والحقيقية، في إطار الحرص على ثوابت الأمة الأساسية». وشددت الحركة، التي تأسست في خضم بروز تيار يتزعمه الزعيم النقابي حميد شباط وقياديين في شبيبة الحزب، على أنها لا تروم إحداث انشقاق داخل الحزب ولا تدعو إليه، وأن أساس قيامها، يتجلى في ما أسمته « تطهير» الحزب من الانتهازيين، الذين يسعون إلى إفراغه من القيم والمبادئ التي قام عليها وناضل من أجلها، منذ تأسيسه. وكشفت الحركة أنها حريصة على تحييد الانتهازيين الذين يسعون إلى تحريف هوية ومسار الحزب، بما يخدم مصالحهم الشخصية. وأضافت أن معركتها هي تثبيت حزب الاستقلال على سكته الصحيحة، وإعادة وهجه، الذي تأثر كثيرا بسلوكات تستهجن مؤسساته، وتضر بمصداقيتها، من خلال الحرص على تعظيم الذات، وتغييب المصلحة العليا للحزب، التي هي جزء من المصلحة العامة للوطن، وتقبر الديمقراطية بأساليب تزييف غير معهودة في ثقافتنا الحزبية وتحاول الحط من كرامة المناضلات والمناضلين المتشبعين بالفكر العلالي والفكر التعادلي».لم تتجسد الحركة في تنظيم، ولكنها قائمة روحا، من خلال وجود مناضلين يؤكدون أنهم يحرصون على الدفاع عن القيم النبيلة التي تأسس حزب الاستقلال من أجلها، والتي تشكل مبرر وجوده، وهي حركة» يقظة» وستبقى كذلك لتفادي وقوع الحزب في مخاطر الوقوع في قبضة « الوصوليين». ج . ب

الاستقلال أثبت حصانته ضد الانشقاقات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

البنية التقليدية تجعل للاستقلال ديمقراطيته الخاصة

معارك طاحنة بسبب عدد المنتدبين للمؤتمر

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات