البنية التقليدية تجعل للاستقلال ديمقراطيته الخاصة

منار اسليمي الباحث في العلوم السياسية أكد أن رهان المؤتمر سيكون موجها إلى تحليل ما يجري خارج حزب الاستقلال وليس داخله يرى الباحث منار اسليمي أن قوة حزب الاستقلال تكمن في دفاعه عن مرجعيته، وقدرته على تكييفها مع كل مواقفه السياسية ولو كانت متناقضة، لنجد أنفسنا أمام حزب سياسي حافظ على سلفيته المبنية على مقولة الوطنية كما حافظ على أدوات الزاوية التقليدية في طرق اشتغاله التنظيمية الداخلية، فالزاوية تعيد ترتيب المريدين، ولكن التداول على القيادة يظل مرتبطا بالمشروعية التاريخية والعائلية حفاظا على الاستقرار. في ما يلي نص الحوار: كيف تنظر إلى رهانات المؤتمر المقبل لحزب الاستقلال في ظل الوضعية الحالية التي يعيشها؟دعني أوضح في البداية أن هناك شبه اتفاق لدى مجموعة من الدارسين لحزب الاستقلال على أننا أمام نموذج حزبي لم يقهره الزمن، له مقدرات تنظيمية قوية على الاشتغال رغم وجود بعض الخلافات الداخلية العابرة، فالبنية الحزبية الاستقلالية ظلت مستقرة ولم تتعرض لانشقاقات منذ نهاية الخمسينات، باستثناء المحاولة التي قام بها أحد أعضائه (محمد فطري) في السنوات الأخيرة، والتي لا تعتبر انشقاقا، نتج عنها حزب صغير جدا. وبالتالي نحن أمام نموذج اعتاد على إفراز خلافات قبل كل مؤتمر لا ترتقي الى درجة صراعات شبيهة بما تعيشه الأحزاب الأخرى، إذ لم يلاحظ مثلا خلال المؤتمرات السابقة أن هناك أشخاصا قياديين غادروا الحزب احتجاجا على توجهات المؤتمر أو نتائجه، فالوضع البشري في الحزب ثابت، وحزب الاستقلال يتمتع ببنية حزبية لها قدرة على إفراز خلافات قبل المؤتمر وحسمها قبل المؤتمر، وهو ما يجعل مؤتمراته ظاهرة توافقية. ويبدو أن المؤتمر المقبل لن يكون مختلفا على مستوى تدبير خلافاته الداخلية، مقابل ذلك سيجد المؤتمر وقيادات الحزب نفسه مطالبا بإرسال إشارات الى حلفائه في الحكومة وإلى حلفائه السابقين (الكتلة الديمقراطية)، بمعنى آخر أن الرهان سيكون موجها إلى تحليل ما يجري خارج حزب الاستقلال وليس داخله، لأن طريقة اشتغاله حسمت كل الخلافات قبل المؤتمر، وهي ظاهرة نموذجية بغض النظر عن طبيعة الآليات التي تحسم بها الصراعات. هل سيكون الطريق سالكا، كما يروج، أمام متحدر من عائلة فاس، عبد الواحد الفاسي، لنيل الأمانة العامة؟أعتقد أنه داخل الأحزاب التاريخية كالاستقلال والاتحاد الاشتراكي، كان التحليل ينبني على فكرة تداول الأجنحة للقيادة، جناح الرباط – الدارلبيضاء في الاتحاد الاشتراكي، وجناح مراكش –فاس في حزب الاستقلال، ويبدو أن المعطيات تغيرت، فداخل حزب الاستقلال ضعف جناح مراكش وأصبحنا نلاحظ وجود أقطاب جديدة مؤثرة في بنية الحزب وهي أربعة أقطاب أساسية : قطب عائلات فاسية تقليدية، وهي القادرة لحد الآن على إنتاج قيادة الحزب، وقطب فاسي قديم - جديد يقوده حميد شباط، وقطب سوس ماسة درعة الذي تقوده عائلة قيوح، وقطب الصحراء الذي يقوده حمدي ولد الرشيد، ويبدو أن هذه الاقطاب حسمت الصراع حول الأمانة العامة، ويبدو في الواجهة عبد الواحد الفاسي الذي تبين المعطيات السوسيولوجية والسياسية داخل الحزب أنه رجل التوافقات الذي لم يسبق له قيادة صراعات مع أجنحة الحزب المؤثرة إضافة إلى رأسماله الرمزي في حزب مازالت الرمزية وفكرة المشروعية التاريخية والعائلية شرطا أساسيا لقيادته. هل يمكن لحزب تقليدي مثل الاستقلال أن يفتح الباب أمام اختيار ديمقراطي للأمين العام المقبل، أم أن توافق»العائلات» النافدة سيكون السيناريو الوحيد كما جرت العادة دائما؟يبدو أن حزب الاستقلال واضح في طريقة اشتغاله واختياره لأجهزته اذا ما قورن بأحزاب أخرى عقدت مؤتمراتها في الشهور الأخيرة، فحزب الاستقلال يشتغل بما يمكن تسميته الديمقراطية التوافقية، بمعنى الوصول الى حد أدنى من التوافقات قبل المؤتمر، وبالتالي فمؤتمراته عادة لا تعرف صراعات، فالبنية التقليدية تجعل لحزب الاستقلال ديمقراطيته الخاصة أو ما يمكن تسميته ب»الديمقراطية الاستقلالية»، إذ لا يجب أن ننسى أنه الحزب الذي حافظ على زعاماته التاريخية واستطاع أن يخلق لها مجلسا سماه «الحكماء»، وبالتالي، فهذه الاستمرارية الجيلية تجعل للحزب ضوابط وآليات تقليدية تحافظ على توازنه، فرغم كل الصراعات والخلافات التي تسربت الى الصحف، فإنه يستنتج منها فكرة مبنية على مقولة «الصواب الاستقلالي» كثقافة قادرة على تعويم كل الصراعات وقادرة على ضبط الخلافات وتقود الى الانضباط التنظيمي رغم بعض الاحتجاجات، ففي الواقع نحن أمام نموذج حزبي تقليدي أنتج داخل بنيته أدوات تقليدية للاشتغال مبنية على توافقات وتراضيات، وهي أدوات تراكمت وتحولت الى تمثلات نفسية جعلت البنية تشتغل بدون صراعات. . أجرى الحوار: رشيد باحة

البنية التقليدية تجعل للاستقلال ديمقراطيته الخاصة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحرية والثورة في قلب مهرجان كناوة

الاستقلال أثبت حصانته ضد الانشقاقات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات