الدعارة…الوجه “المخدوش” لحياة القاصرات

فتيات في عمر الزهور يبعن أجسادهن بمحض إرادتهن أو تحت إغراءات وسطاء الجنس بالتدريج، تتحول الفتيات القاصرات إلى بند أساسي في "دفاتر شروط" الدعارة المنظمة بالمغرب التي تديرها شبكات تنشط، على المستوى الوطني، يقودها سماسرة وقوادون ووسطاء لا يترددون في تقديم "المطلوب" على حرير ناعم، مقابل مبالغ خيالية أحيانا، إلى زبناء من نوع خاص، أغلبهم يتحدرون من الخليج "العربي" وبعض الدول الأوربية. في السابق، كانت عمليات التنقيب عن "قاصرات"، مستعدات لتنشيط جلسات الخليجيين، عملا شاقا ومضنيا يكلف الكثير من الوقت ويجري في تكتم شديد لفظاعة الفعل التي يستهدف الحلقة الضعيفة والهشة من المجتمع، قبل أن يصبح مجرد تدريب بسيط لا يتطلب أكثر من نقرة على زر، أو اتصال بسيط، أو اشتراك مجاني في شبكات التواصل الاجتماعي وغرف الدردشة، حيث يعرض عدد من الفتيات الصغيرات أسماءهن المستعارة وصورهن الحقيقية في أوضاع إغراء مختلفة لجلب وسطاء ووسيطات محتملات، أو عقد صفقات مباشرة مع زبناء يستعينون، اليوم، بأحدث تقليعات تيكنولوجيا التواصل لاصطياد طرائدهم. في بعض الأحيان، تتحول بعض المقاهي بالمدن الكبرى، ومقاهي الشيشة على وجه التحديد، إلى فضاءات يختلط فيها دخان المعسل وإيقاعات الأغاني الخليجية مع عمليات التفاوض الهامسة لاستقطاب القاصرات إلى جلسات خاصة بمقابل مادي، ما يبرر، هذه الأيام، الحملات الواسعة على محلات تدخين الشيشة، إذ تتجند السلطات الأمنية والدرك الملكي بالدار البيضاء والرباط ومراكش وأكادير لإقامة نوع من الفصل "الإجرائي" بين مقاه تقدم خدمات مرخصة للزبناء، وبين أوكار للقوادة والوساطة في الدعارة المنظمة.غير بعيد عن مقاهي "الشيشة"، تنشط حركة غير عادية قرب الثانويات التأهيلية والإعدادية التي تشكل مكانا مفضلا يترصد فيه الوسطاء جديد "السوق"، ويدونون تقارير يومية عن التلميذات اللواتي يبدين استعدادا للالتحاق، أو أخريات تتوفر فيهن "المواصفات" المطلوبة من طرف الزبناء، تلزم الوسطاء خطط مدروسة للإيقاع بهن، وغالبا ما يرضخن إلى ذلك، بسبب الإغراءات المادية والعروض المالية المقدمة إليهن.من جابنها، تتعامل السلطات الأمنية والإدارية بنوع مما يمكن أن نطلق عليه قانون "التسامح"، مع بعض فضاءات "النشاط و"القصارة" المرخص لها التي يرتادها زبناء غير أسوياء يشترطون إحضار فتيات من أعمار حفيداتهم، (جولة عادية في كاباريهات وأندية مقاطعة النخيل بمراكش مثلا وعلبها الليلية تعطيك صورة واضحة ذلك)، في مقابل حملات التمشيط والمداهمة والاعتقالات التي تشهدها، بين الحين، والآخر بعض الشقق والفيلات والرياضات المعدة للدعارة على نحو غير قانوني، إذ تتواتر الأخيار عن سقوط شبكات بعدد من المدن، ضمنها خليجيون وأوربيون رفقة فيتات قاصرات، كما حدث، الاثنين الماضي، بجماعة اولاد حسون بمراكش حين اعتقلت مصالح الدرك الملكي سبعة كويتيين بمعية خمس فتيات من بينهن ثلاث قاصرات برياض بالمنطقة وهم في حالة تلبس بممارسة الدعارة. وقد تمت إحالة الجميع، في اليوم الموالي، على النيابة العامة ، بتهمة إعداد محل للدعارة والتحريض على الفساد، إذ تابعت الكويتيين السبعة والقاصرات الثلاث في حالة سراح، فيما تابعت الفتاتين الأخريين في حالة اعتقال.عدد من الدراسات حاولت أن تجد تفسيرا لسقوط فتيات، لم يبلغن الرشد بعد، في شرك شبكات للدعارة بالمغرب، ولا يمكن لأحد أن يتكهن، اليوم، بالرقم الحقيقي لعدد القاصرات اللواتي يقتتن من أجسادهن ويتخذن الدعارة عملا مدرا للدخل.حاولت المنظمة الإفريقية لمكافحة السيدا في المغرب، في دراسة علمية لها أعدتها قبل ثلاث سنوات، أن تجد تفسيرا سوسيوثقافيا للظاهرة، إذ تحدثت عن نسبة 32 بالمائة من الفتيات المغربيات، اللائي كان مصيرهن الارتماء في عالم تجارة الجنس الأبيض، مارسن أو تعرضن لعملية جنسية، بين السادسة والخامسة عشرة من عمرهن.وأكدت الدراسة، وهي الأولى من نوعها في المغرب التي تصدت لدعارة القاصرات، أن حوالي 300 من أصل 500 فتاة مارسن أو مورست عليهن أول عملية جنسية، كان سن 162 منهن يتراوح بين 6 و 15 سنة فقط، فيما الباقي أكثر من 15 سنة ودون الـ18 سنة. وأفادت الدراسة نفسها أن حوالي 60 بالمائة من المستجوبات اللواتي ذكرن سن أول ممارسة جنسية تلقين عنها مقابلا ماديا، تتراوح أعمارهن ما بين 9 و15 سنة، وهو ما يعكس تزايد تعرض الفتيات صغيرات السن إلى الإغراء أو الاعتداءات الجنسية في وقت مبكر.وفي دراسة أخرى تحت عنوان "الدعارة في المناطق السياحية بتطوان"، أعدها أنطونيو مارتين، الباحث في علم الاجتماع بجامعة غرناطة الاسبانية، أشارت إلى أن 22 بالمائة من العاملات في الجنس، بالمنطقة، هن فتيات قاصرات، وأن نسبة 16 بالمائة منهن عذراوات، وجميعهن طالبات وتلميذات لم يفقدن بكارتهن بعد. وقالت الدراسة إن أولئك القاصرات يمارسن الجنس مقابل مبالغ مالية لا تتجاوز 200 درهم. وأكد الباحث أن الفتيات الممتهنات للجنس يقنعن فقط بدعوات لتناول وجبات أكل، مقابل بيع أجسادهن، أو بتلقي بطائق تعبئة لهواتفهن المحمولة، أو بمقايضة الجسد الغض ببضائع عينية كعلبة سجائر أو حق مساحيق تجميل، تفاديا للفت نظر عائلاتهن إلى مداخليهن المالية، كما تشير الدراسة، بينما هن مازلن طالبات أو تلميذات.. يوسف الساكت

الدعارة…الوجه “المخدوش” لحياة القاصرات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

فاتي... قاصر حملت سفاحا

"العلب النهارية" تستقطب القاصرات الباحثات عن صخب الموسيقى

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات