“العلب النهارية” تستقطب القاصرات الباحثات عن صخب الموسيقى

فتيات يتدربن فيها قبل أن يلجن عالم الكبار ويدخلن الكباريهات فتيات في كامل أنوثتهن ارتدين آخر صيحات موضة الصيف، وشددن الرحال إلى الشريط الساحلي عين الذياب بالبيضاء في واضحة النهار، ليس لأنهن يردن الاستمتاع بزرقة مياه البحر أو رمال الشاطئ، أو بمذاق المثلجات التي تعرضها أفخم المقاهي، لكنهن يبحثن عن مكان يقدم لهن ما يحتجنه من الموسيقى الصاخبة، ويسمح لهن بالرقص والتمايل على إيقاعات الأغاني الشرقية والغربية والخليجية، دون شروط. هنا بالشريط الساحلي عين الذياب الذي يرتدي ثوبا صيفيا، كعادته، لتلبية رغبات أصحاب السيارات الفارهة التي لا يمكن للمار بجنبها أن يغض البصر عنها، يتسكع شباب يرتدون آخر صيحات الموضة، وفتيات يرتدين لباسا يتناسب مع حرارة الشمس المرتفعة. الباحثون عن المتعة، يتجهون أفواجا إلى الشريط الساحلي بعد أن تسلط الشمس سياطها عليه. فتيات قاصرات فارعات الطول، ممشوقات القد، في أتم جمالهن وكامل أنوثتهن، اخترن الابتعاد عن لاكورنيش واتجهن صوب زقاق ضيق يضم علبا ليلية، كاشفات تضاريس أجسادهن الصغيرة. الفتيات ذواتهن اللواتي يظهر من ملامحهن أن سنهن لم يتجاوز 18 سنة، اخترن، مثل غيرهن من الشباب، الاستمتاع بالموسيقى والرقص، ولأن الوقت كان نهارا، لابد لهن من التوجه إلى العلب "النهارية"، حيث سيجدن ضالتهن. أمام كل علبة "نهارية" بعين الذياب يقف "فيدورات"، مصرين على إخفاء ما يحدث بالداخل، مفتولي العضلات يرتدون بذلات سوداء وفي أيديهم أوراق الدخول إلى العلبة التي لا توفر لروادها غير المشروبات "الحلال" وصخب الموسيقى الذي يمكن أن يصل صداه إلى آخر نقطة بشارع لاكورنيش بعين الذياب.وأمام هؤلاء "الفيدروات»، اصطف العشرات من الطلبة وتلاميذ المدارس، لا تتجاوز أعمارهم 20 سنة، بملابس مختلفة تساير الموضة، عازمين على دخول المكان والاستمتاع بخدمات العلبة، التي تفتح أبوابه خصيصا لهم وبأثمنة مناسبة. لكن الفتيات لا يحتجن إلى الوقوف في ذلك الطابور الطويل، لأن دخولهن إلى العلبة النهارية بالمجان "الفتيات لا يدفعن مقابل دخولهن إلى العلبة، شرط أن يرافقن أحد الشباب، وإذا كن بمفردهن عليهن دفع التسعيرة أيضا»، على حد قول "فيدور» العلبة النهارية، موضحا أن الإقبال على هذه الأماكن يكون كبيرا خلال الأيام الدراسية، إلا أنه يتراجع في العطل الربيعية والصيفية.ما أكده الشاب، يوضح أن زبناء هذه العلب، سيما القاصرات، يتظاهرن أمام عائلاتهن أنهن في المدارس وفي داخل الحجرات الدراسية، إلا أنهن في الواقع يتجهن إلى تلك العلب لإفراغ طاقتهن في الرقص والغناء، وأيضا لأغراض أخرى مثل البحث عما يؤهلهن لتجاوز مرحلة العلب النهارية والدخول إلى الليلية. لكن لتحقيق الهدف لابد من أن تتوفر القاصرات اللواتي اخترن دخول عالم الكبار قبل الأوان، على الشروط والإكسسوارات الضرورية مثل الملابس والماكياج المبالغ فيه وتسريحة الشعر الملفتة للانتباه والعطر الجذاب...هنا في هذه الفئة من العلب، التي أصبحت منتشرة بالمدن الكبرى مثل البيضاء والرباط وطنجة ومراكش، والتي تستقطب زبناء من صنف خاص، أغلبهم من التلاميذ والطلبة، تتمايل أجساد القاصرات وتتراقص. وتحت الأضواء الملونة، يمارسن حريتهن ويطلقن العنان للضحك والمرح، تاركات خلف ظهورهن متاعب مرحلة الطفولة ومشاغل القاصرات وحتى "ملل الدراسة». ووسط دخان السجائر والشيشة الذي يصعب معه التنفس خاصة في ظل غياب مكيفات أو منافذ للتهوية، يتبادل الشباب والقاصرات التحية والقبل العابرة أيضا، مجسدين أدوار الكبار الراشدين.الظلمة داخل العلبة النهارية، تجعل المرء يظن أن الساعة تجاوزت منتصف الليل بكثير، رغم أن أذان العصر لم يمر إلا بدقائق معدودة. دخان "الشيشة" يتصاعد إلى سقف العلبة و"لابيست" أو المكان المخصص للرقص تزينه الأضواء الملونة والأجساد المتمايلة على إيقاعات الموسيقى الخليجية. نادرا ما يجد الشخص مكانا شاغرا يجلس فيه، نظرا لأن العلبة تسمح للجميع بالدخول دون شرط. المشروبات الغازية أو ربما "الشيشة" فعلت فعلها في رؤوس الشباب، واستطاعت أن تشعل لهيب الاحتجاجات لأتفه الأسباب. المشاجرات تنشب هنا وهناك، والصراخ الممزوج بصوت الموسيقى يتعالى هنا وهناك، ولكن كل ذلك يختفي مباشرة بعد أن يقترب "فيدور" ويرفع صوته أمام زبناء المحل الذي كان سابقا يستقبل الكبار بعد أن كان ملهى ليليا. لا مكان للمشاكل هنا، وكل شخص حاول ذلك ينتظره الشارع. "يظل المراهقون والقاصرون الزبناء الأوفياء للملهى النهاري، ولأن أي تصرف غير متفق عليه أو خارج قانون المحل من الممكن أن تكون عواقبه وخيمة على أصحاب المحل، نضطر إلى معالجة المشاكل قبل أن تتفاقم، تفاديا لمشاكل أخرى تصعب السيطرة عليها" على حد قول الفيدور.الأجواء داخل تلك العلب مختلفة عما هو مألوف بـ "ليبوات" العادية، فأغلب الزبناء لم يتجاوزوا العقد الثالث، والكل يدخل من أجل الرقص والاستمتاع بموسيقى "الديدجي"، كما أنه فضاء لتكوين الصداقات الجديدة، وربما غير البريئة التي يكتشف من ورائها القاصرون عالم الكبار وخفاياه، كما يطلعون على تفاصيل مغامرة العلب الليلية... وكل ذلك بأثمنة مناسبة.العلب النهارية، التي أصبحت موضة عين الذياب الجديدة، لا توصد أبوابها إلا بعد التاسعة ليلا، وكأنها تسلم المشعل لعلب ليلية لا يدخلها إلا الكبار ومدمنو السهرات الليلية فقط.في تلك العلب تتدرب القاصرات ويتعلمن أصول وثقافة العلب الليلية، ليلجن في ما بعد عالم الكبار ويدخلن العلب الليلية والكباريهات، لأن الطلب عليهن في تلك الأماكن كبير، إذ أن الكثير من محبيها ومرتاديها والباحثين عن اللذة الجنسية مقابل مبالغ مهمة من المال، سيما الأجانب الوافدين على المغرب الباحثين عن رغبتهم الجنسية، يعشقون "السَطّاشِيَة»، أي التي لا يتجاوز سنها 16 سنة.العلب الليلية تنتظر اللواتي تعلمن "أصول» السهر (القصارة)، في العلب النهارية، إذ سبق أن اندمجن في عالم الكبار وتعودن على أصوله ومتطلباته. إيمان رضيف

“العلب النهارية” تستقطب القاصرات الباحثات عن صخب الموسيقى

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الدعارة...الوجه "المخدوش" لحياة القاصرات

3 أسئلة: على الأسر وضع حدود لحرية القاصرات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات