الرخص الاستثنائية… وجه آخر لاقتصاد الريع

الفاعلون الاقتصاديون في مجال العقار ينتظرون من رئيس الحكومة إجراءات تخص الظاهرة أصبحت الرخص الاستثنائية، وهي لمن لا يعرفها صلاحية مخولة للولاة والعمال في مجال التعمير، محط الكثير من الجدل، لأنها تعبر عن وجه آخر من وجوه اقتصاد الريع في هذا الوطن. ويترقب المتتبعون، خصوصا الفاعلون في المجال العقاري، ما الذي يمكن أن يتخذه بنكيران في هذا المجال ، خصوصا أن الدستور خول له صلاحية مطلقة على الولاة والعمال، بدءا من انتقائهم للتعيين على رأس الإدارات الترابية، إلى معاقبتهم. والأكيد أن لعبة الرخص الاستثنائية حولت بعض المنعشين العقاريين المحظوظين إلى مستفيدين من المال العام، بدون وجه حق، وذلك بسبب عطف خاص من بعض العمال والولاة، والنتيجة التحلل التام من الالتزامات المتفق عليها بين العمالة والولاية والمنعش العقاري، والنتيجة في نهاية المطاف تشوه عمراني وكثافة سكانية مقابل نقص في المرافق الاجتماعية. وقبل أيام قليلة فقط، اتهم النائب بوانو ولاة وعمالا، دون أن يذكرهم بالاسم، بعرقلة الاستثمار، حين خاطب وزير الداخلية قائلا له إن هناك ولاة وعمالا يعرقلون الاستثمار، و»شخصيا عشت قصة غريبة لمستثمر مع وال، عندما علم بها ولاة وعمال من جهات أخرى طالبوا بجلب ذلك الاستثمار إلى جهتهم، في وقت يجري المعني، إلى جانب آخرين، وراء الرخص الاستثنائية وتفويت الأراضي السلالية، وغض الطرف عن خروقات كثيرة، خاصة في ما يتعلق بالبناء العشوائي. ولا أحد يجادل في أن منح رخصة استثنائية في مجال التعمير لخلق مشروع معين لعضو في البرلمان أو لشخصية وازنة على المستوى الجهوي أو على المستوى المركزي، من الأمور المسلم بها من طرف الوالي أو العامل، أما المواطن العادي، أو المستثمر البسيط، فإن حصوله على رخصة التعمير يعتبر من المستحيلات، وهو ما تؤكده بالملموس المقولة المعروفة «حلال علينا، حرام عليكم». إن منح صلاحية تسليم الرخص الاستثنائية للولاة وللعمال وتمتيعهم بهذا الامتياز، لم يحل في الواقع لا مشاكل التعمير ولا مشاكل الناس، بل إن هذه الصلاحية حلت فقط مصالح بعض المحظوظين من الأغنياء والمقربين وذوي النفوذ، كما باتت منبعا من منابع الاغتناء التي يعتمد عليها بعض رجال السلطة، أو نوع من الريع الذي يتمتع به ولاة وعمال الحكومة. والأكيد أن الدولة انتبهت متأخرة إلى هذه الظاهرة الخطيرة، وبدأت تنقب في بعض التجاوزات التي خلفها ولاة وعمال وراءهم. وفي الدار البيضاء، أعطيت للضابطة القضائية صلاحية البحث في ملف مماثل، يتعلق برخصة استثنائية منحت لشخص في ظروف غير قانونية، وتتعلق بمشروع تجزئة سكنية بالمنطقة، كان موضوع شكاية مجهولة، جعلت النيابة العامة تأمر بفتح بحث في مضمونها، ما دفع عناصر الشرطة إلى الاستماع إلى موظف تقني، بينما قادت تحرياتها إلى اكتشاف خروقات وتجاوزات تهم التجزئة، بطلها عامل سابق ملحق بوزارة الداخلية. ووفق معلومات، استغل العامل السابق منصبه على رأس الإدارة الترابية، قبل إحالته على «كراج» الداخلية، وشيد مقاطعة حضرية سنة 2009 بتجزئة غير مرخصة قانونيا، ما جعله يخرق القانون ويبني إدارة تابعة لوزارة الداخلية بشكل «عشوائي» وعلى أرض تعود ملكيتها إلى مالكين على الشياع، قبل أن يتمكن صاحب التجزئة موضوع الشكاية من الخروج من حالة الشياع بناء على حكم قضائي. ولقد طبع الولاة والعمال الاستحقاقات الانتخابية ببصمات مازالت ماثلة، أكثر من ذلك أسس هؤلاء الأبناء البررة لوزارة الداخلية لعرف سيادة وزارة الداخلية في رسم الخريطة السياسية، حسب متطلبات كل مرحلة. وعندما تتحدث الهيآت السياسية عن تدخل وزارة الداخلية في رسم الخريطة السياسية، فإنها لا تقصد سوى العمال الذين ينفذون أجندة وزارة الداخلية في كل منطقة حسب لعبة التوازنات التي تبقى لأم الوزارات اليد الطولى في إيصال من تريد بر صناديق الاقتراع، والإطاحة بمن لا ترى فائدة في نجاحه.عبد الله الكوزي

الرخص الاستثنائية… وجه آخر لاقتصاد الريع

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

القروض...الخيار الضروري لتمويل السكن

تبسيط المساطر لتسريع وتيرة التسويق

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات