تعيين الولاة والعمال… طقوس و”بروفايل” السلطة

الدولة استعادت البروفايل التقليدي لرجال السلطة وأوقفت "الغزو التقنقراطي" ونقلت تمثيلية الولاة من الملك إلى الحكومة صاحب الجدل مرة أخرى الحركة الانتقالية الأخيرة للولاة والعمال، لكنه لم يقتصر هذه المرة على التشكيك في تسمية بعض رجال السلطة الذين طالما اتهموا بموالاة إلى حزب سياسي معين، بل أثير حول تنازل رئيس الحكومة عن صلاحياته في التعيين، بموجب الدستور، واكتفائه بـ»مباركة» اللائحة دون الخوض فيها، بعد أن أحيلت عليه من طرف وزير الداخلية، امحند العنصر. جدل حول التعيينالفريق الاشتراكي بمجلس النواب، كان أول من نبه عبد الإله بنكيران إلى عدم احترام التنزيل الديمقراطي للدستور في تعيين الولاة والعمال، معتبرا أن الأمر يتعلق بـ»مجرد إعادة انتشار»، وأن الحكومة قد تكون تنازلت عن صلاحية الاقتراح والتداول في السياسة الترابية، رغم أن الدستور الجديد نقل الولاة من تمثيل الملك إلى تمثيل الحكومة.لائحة تنقيلات الولاة والعمال، التي أشرف على إعدادها الوزير المنتدب في الداخلية، الشرقي اضريس، في اجتماع للمجلس الوزاري، طبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور، وباقتراح من رئيس الحكومة، ومبادرة من وزير الداخلية، وشملت القائمة تعيين 10 ولاة و30 عاملا في 23 إقليما و7 عمالات، وذلك على امتداد الإدارة الترابية، سجلت عودة قوية لرجال السلطة، في حين أبعدت الكثير من الأسماء الحزبية التي تدوول تعيينها في هذه الحركة، وهي الإشارة التي التقطها كثير من رجال السلطة الذين طالما توجسوا بفعل «الغزو التقنقراطي» على جهاز الداخلية، وتجددت مخاوفهم بعد أن أصبح بعض الساسة من الأحزاب السياسية يبحثون عن مواقع لهم داخل نفوذ السلطة، وهي التجربة التي جاءت بداية تنزيلا للمفهوم الجديد للسلطة، وشملت مسؤولين حزبيين من تنظيمات الاتحاد الاشتراكي، مثل محمد امباركي، والحركة الشعبية، من قبيل أحمد موساوي، الذي بدأ واليا على القنيطرة، قبل ينقل إلى مكناس، ومحمد بوسعيد، القيادي في التجمع الوطني للأحرار، الذي عين واليا على أكادير ثم حل خلال الحركة الانتقالية الأخيرة واليا بالدار البيضاء.."بروفايل" الولاة والعمال الحاجة إلى وجوه جديدة أملتها الرغبة في تجسيد المفهوم الجديد للسلطة، كما قد تمليها الرغبة في بناء صورة جديدة للإدارة الترابية، وتفكيك شبكات وبنيات قديمة تتعارض مع المفهوم الجديد للسلطة الذي أسس له الخطاب الملكي بالدار البيضاء، سنة 1999. إذ تم البحث عن «بروفيل» جديد لرجال السلطة، العمال منهم والولاة، بما يجسد الحاجة إلى إقحام الكفاءة التقنية والاقتصادية داخل وظيفة ظلت مقتصرة على التدبير الإداري والأمني. ضمن هذه المقاربة الجديدة لمفهوم السلطة، تولد جيل جديد من رجال السلطة ذوي كفاءات تقنية عالية، من خريجي مدارس مهندسي قناطر، وخريجي بوليتيكنيك، أصحاب تجارب في تدبير مؤسسات عمومية، لا ماضي لهم داخل الإدارة الترابية. بالمقابل، حافظت الدولة على «البروفيل» التقليدي لرجال السلطة (أبناء دار المخزن)، ارتبط كثير منهم باختيارات الوزير الراحل، إدريس البصري، ثم العنصر الثالث ضمن المقاربة الجديد، يتعلق بانحصار تجربة الانفتاح المحدود على شخصيات قادمة من الأحزاب السياسية. قــراءة فـي التـعـيـيـنـات في قراءته للتعيينات الأخيرة للولاة والعمال، اعتبر عبد الرحيم المنار اسليمي، أستاذ العلوم السياسية بالرباط، أن هناك تحولا بينته الصيغة الواردة في بلاغ الديوان الملكي بالإشارة إلى تعيين ملكي باقتراح من رئيس الحكومة ومبادرة من وزير الداخلية، مشيرا إلى أن هذه الصيغة جديدة ومختلفة عن مضامين بلاغات تعيين الولاة والعمال المتبعة في الماضي، وفيها إشارة مرتبطة بتنزيل الدستور، مسجلا أن «الإعلان عن التعيينات راج بعد انعقاد المجلس الوزاري، مما يعني دستوريا أن الأمر يتعلق بتداول في المجلس الوزاري».أما القراءة السياسية والسوسيولوجية، فهي تؤشر عليها لائحة المعينين، يقول المنار اسليمي، إذ «لم تشمل أسماء لحزبيين باستثناء الذين عينوا قبل وثيقة دستور 2011، وأبرز اسليمي أن لائحة العمال والولات المعلن عنها كشفت وجود إما تقنقراط أو أسماء تدرجت داخل الإدارة الترابية». وأشار المنار اسليمي إلى أن «جغرافية تعيين ولاة وعمال الإدارة الترابية تحمل إشارتين أساسيتين، الأولى مرتبطة بالاستعداد للانتخابات الجماعية الترابية المقبلة، وهو ما أشرت عليه التعيينات الواسعة التي شهدتها ولايات الدار لبيضاء وأكادير وفاس ومراكش ووجدة»، منبها إلى أن هذه المدن عرفت صراعات سياسية بين الأحزاب أو بين الأحزاب والإدارة الترابية أثناء تشكيل مكاتب مدنها في انتخابات 2009، والثانية مرتبطة بجغرافية ما يصفه اسليمي الاحتجاج المحلي الترابي. إحسان الحافظي

تعيين الولاة والعمال… طقوس و”بروفايل” السلطة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بنكيران والتوافق مع الملك أولا وأخيرا

نقابيون يتهمون وزير الصحة بتحريض المواطنين ضدهم

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات