هولاند… ثاني اشتراكي رئيساً للجمهورية الخامسة

رئيس يبتسم طيلة الوقت ويفخر أنه ليس من اليسار المتشدد ما زال الفرنسيون الذين يعرفون فرانسوا هولاند يتندرون بالقول، لقد «فاز على غريمه نيكولا ساركوزي معتمدا على نصائح زوجته سيغولين رويال «، فوراء فوز الرئيس الفرنسي هولاند امرأة.. ووراء هزيمة الرئيس السابق ساركوزي امرأة أيضا، وهناك من يضيف إليها زوجته السابقة التي أوصلته إلى الرئاسة في المرة الأخرى، ثم عادت، وهي منفصلة عنه للمشاركة في حملته الانتخابية.. لكن في الوقت الميت الذي لم تعد تنفع فيه مساعدتها له تنفع، فكثير من الفرنسيين صوتوا ضد ساركوزي، بسبب علاقاته مع المرأة، والتي يعاملها، حسب صحيفة «لوكانار أونشنيه»، «كما لو أنها مجرد مادة انتخابية»، فاليوم معها وغدا ليس لها، أو يناور من أجل الانتقال لغيرها.. بل أكثر من ذلك فإنه لا يقيم أي اعتبار لصورته كرئيس نزق مولع بالنساء، وبجاذبية علاقاته المخملية مع الأثرياء، إضافة إلى خرجاته المثيرة، كما لو كان مراهقا.. أما فرانسوا هولاند، فإنه غرق في حب سيغولين روايال، حتى أنه لم يتزوج بها إلا بعد مرور عقدين على علاقتهما، قبل أن يفترقا مؤخرا، ومنذ ذلك الوقت لم يخرج على وصاياها السياسية، وأولها أن لا سياسة بدون إحداث تغيير دراماتيكي في شخصية السياسي.. ومع ذلك، فقد انخرط هولاند في علاقة مع سيغولين، وكان زواجهما نضالا سياسيا وحزبيا.. وهذا ما يحترمه قسم كبير من الفرنسيين، وما يعتبرونه شرطا لرئيس الجمهورية الذي سيحكمهم، فالرئيس الذي يترك فراشه عرضة لغارات النساء، لا يستطيع أن يرد الغزو عن البلاد أو يضمن أمنها وحمايتها.. والرئيس الذي يتخلى عن زوجته، يمكن له أيضا أن يتخلى عن بلاده.. ضمنيا، هذا ما يريده الفرنسيون، فيما الأمور تسير بشكل آخر في حياة كل الرؤساء الفرنسيين، من بومبيدو الذي كان يميل كثيرا لسكرتيرته،وفرانسوا ميتران الذي كانت له خليلة في السر، له منها طفلة لم يعترف بها أبدا، وجاك شيراك، الذي كان متطرفا في إظهار صورة الرجل الذي لا يتخلف خطوة واحدة وراء زوجته، فيما كانت هذه الأخيرة تضطره المرة بعد الأخرى لتعديل حماسه الزائد في حديثه عن إمكانيات وروعة أناقة سكرتيرته..رجل لن يخرج أبدا من البابلكن فرانسوا هولاند القادم من العتمة، والذي لم يكن أحد يؤهله يوما ليكون رئيسا للجمهورية الفرنسية، يعرف أكثر من غيره أن طريقته في الحياة كانت تحتاج دوما إلى شحنة زائدة للتخلص من الخجل، فالرجل كان لا يقوى على الحديث أمام الناس، وكانت زوجته سيغولين تعتبر الحشمة الباب الذي لا يفضي أبدا إلى المسؤولية السياسية.. إذ لا يمكن تصور السياسي متكلما خلف الستار، أو الذي يختلف الناس حول ملامح وجهه، وبروز عينيه.. السياسي لا يستعيض عن وجوده بظله.. فالظلال هي قرينة الابداع والتأمل، فيما السياسي شخص فاعل استعراضي، هو الواقع، وليس الوسيط المؤدي إليه.. وكان على هولاند أن يقضي سنوات وهو يتدرب على الخروج من ظله، والاستعاضة عنه بواقعية زوجته، التي يقال عنها إنها أكثر ممارسة للنضال الحزبي والسياسي، وأكثر تجربة، في قيادتها للعديد من الوزارات، فيما زوجها هولاند لم يمر من أي من الوزارات الفرنسية، وقفز مباشرة من الحزب الاشتراكي إلى رئاسة الجمهورية الفرنسية، ويكون الرئيس السابع للجمهورية الخامسة التي أرسى دعائمها الجنرال شارل ديغول. تقول صحيفة لوموند إن هولاند محظوظ، لأنه لم يجرب نفسه في أي مسؤولية وزارية، ولم يسبق له أن رشح نفسه في الانتخابات الرئاسية، على خلاف الرئيس جاك شيراك الذي أخفق مرتين في الانتخابات، قبل أن يفوز بالرئاسة في المرة الثالثة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى فرانسوا ميتران، الذي فاز في مرته الثالثة كذلك، إلا أنه أقرب في ذلك إلى الرئيس ساركوزي الذي لم يتقدم للانتخابات الرئاسية إلا مرة واحدة حالفه فيها الحظ، لكنه أيضا شخص ظل دائما خارج كل التوقعات، إذ لا أحد كان يراهن على فوز هولاند، ولا كان أي من قادة الحزب الاشتراكي الفرنسي، بمن فيهم زوجته روايال، تظن أن الرئاسة ستكون من نصيبه.. لأن أعين الجميع كانت موجهة وحتى قبل عام ونيف، إلى شتراوس كان، الشخصية الاشتراكية المثيرة للجدل، ورجل الاقتصاد، الذي كان رئيسا للبنك الدولى، قبل أن تضع امرأة تدعى نفيسة ديالو، عاملة في فندق "سوفيتيل" بنيويورك، حدا لماكينته السياسية، باتهامه بمحاولة اغتصابها، وما ترتب عن ذلك من محاكمته وسجنه، قبل تبرءته، وإطلاق سراحه.. وهو مادفع هولاند إلى إعلان ترشحه لخوض المنافسة داخل الحزب الاشتراكي في 31 مارس2011، لتمثيل حزبه في الانتخابات الرئاسية.. وهي المنافسة التي تعامل معها قسم كبير من مناضلي الحزب ببرودة كبيرة، إذ لا أحد كان يعول عليه للفوز في انتخابات الحزب، كما أنه لم يكن يمثل رهان الاشتراكيين، ولا يحتفظ بمواصفات الرئيس الذي سيُمكن اليسار الفرنسي من العودة إلى قصر الإليزيه بعد غياب طويل، وكان النقاش منصبا داخل الحزب على الفرصة التي ضاعت مع ترشيح ستراوس كان، بعد فضيحة نفيسة ديالو.وكان واضحا أن الحزب الاشتراكي فقد معركة الانتخابات قبل أن يبدأها بغياب شتراوس، الخبير الاقتصادي الكبير، والمنظر لتيار "التحديث والمعاصرة" داخل الحزب الاشتراكي، والذي كان من أكبر من يروج بأن مهمة اليسار الفرنسي في الظرفية الحالية هي قطع الطريق على اليمين الفرنسي، وعودة اليسار بقوة إلى قصر الايليزي.. لكن الأمور سارت بعكس انتظارات الفئات المناصرة لترشيح شتراوس داخل الحزب الاشتراكي، وتحَول ما كان مستبعدا إلى أمر واقع، فالسياسة هي علبة المفاجآت، فهي لا تخرج من المختبر العلمي، وحصة المفاجئ والمباغت فيها واردة، فكان هولاند هو المفاجأة، وكان أكبر المستفيدين من امرأة تدعى نفيسة ديالو، لأنها كنست خطرا كبيرا في طريقه.. ماركة هولاند تنزل إلى الأسواقتحدثت صحيفة ليبراسيون الفرنسية، بشكل مثير عن شخصية هولاند الجديدة. بعد ترشحه للمنافسة داخل حزبه، قالت إن هولاند قد تغير كثيرا، ويصعب تمييزه عن هولاند السابق، حين كان مجرد مناضل كبير في الحزب، فقد صار مهتما أكثر بهندامه، ومظهره الخارجي، إذ نقص وزنه، وبدل نظارته، كما يقول المقربون منه أنه صبغ شعره، الذي كان مخضبا بالشيب... وهذه أمور تشي بأن الرجل عازم على تجديد نفسه.. بل صار، في أحاديثه ونقاشاته التلفزيونية أكثر تقليدا للرئيس الراحل فرانسوا ميتران، الذي لا يخفي قوله، بأنه أعظم رئيس عرفه تاريخ فرنسا.. وحاول أيضا التقليل من الظهور بمظهر الشخص الضحوك والممازح، والتزم قدرا واضحا من الرصانة والهدوء..ولم يكن الاشتراكيون الموالون لهولاند، بعد دخوله منافسات الحزب، يخفون أن الرجل تغير كثيرا، وأن من كانوا يقيسونه على مقاس شخصية زوجته سيغولين، لم يتعرفوا بعد على التغييرات التي أحدثها في شخصيته، بل كان عازما أكثر على فض علاقاته بماضيه على نحو راديكالي، إلى تلك الدرجة التي استطاع فيها الانفصال عن زوجته سيغولين، التي ظلت على امتداد سنوات طويلة سنده في كل شيء. وفي الوقت نفسه أعلن على الملأ، وخلال برنامج تلفزيوني أنه انفصل عن سيغولين، وأنه مرتبط بامرأة أخرى، تدعى فاليري تريويلر قال إنها ستكون زوجته.. وهي المرأة التي شوهدت إلى جانبه في حملته الانتخابية سواء داخل الحزب الاشتراكي أو الانتخابات الرئاسية.. وهذه التغييرات التي أحدثها هولاند، دفعته، ولو على سبيل الدعابة المعروفة عنه، إلى القول، "لابد أن أتغير على هذا النحو، إذا أراد الفرنسيون أن أكون رئيسا..".وحين تمكن هولاند من اجتياز الامتحانات الداخلية في الحزب الاشتراكي، وتغلب على أربعة من قادة الحزب، مارلين أوبري قادت حملة شرسة ضده، وشككت في قدرته السياسية وإمكانياته النضالية، وإلمامه القوي بالمبادئ الاشتراكية، معتبرة أنه يمثل نوعا من الاشتراكية التي تفتقد إلى النضج.. بل ذهبت أكثر من ذلك إلى القول إنها تعرف أن هولاند لن يستطيع أن يحل مشكلة بسيطة واحدة، ولم يعرف عنه أبدا دفاعه عن أي شيء، فهو يكتفي دائما بأنصاف الحلول، أو الحلول الترقيعية، وأكثر ما يميز هولاند حسب أوبري، " أنه قادر على تغيير قناعاته، بين لحظة وأخرى، ويفتقر كثيرا إلى تجربة العمل الحكومي".. فهولاند لم يشغل في حياته أي منصب وزاري.. وكان آخر من يفكر فيه في تشكيل العديد من الحكومات على عهد الرئيس فرانسوا ميتران..الغريب أن هولاند الذي كان معروفا في ما سبق بشخصيته الرخوة، كان يردد على مسامع أوبري، بأن ما تقوله عنه غير صحيح، وهي أول من يعرف أنها انتقادات لامعنى لها.. وما عليها إلا أن تسمع إلى ليونيل جوسبان الذي ظل يردد أن "هولاند هو الأفضل، والألمع والأكثر تحليا بحس سياسي داخل الحزب الاشتراكي".. وبقي هولاند على هدوئه الكبير إلى أن تمكن من اجتياز انتخابات الحزب، وفاز بتمثيليته في الانتخابات الرئاسية الفرنسية.. بين أم اشتراكية وأب نازي متطرفعندما بدأت حملة الانتخابات الرئاسية، انتهت الخلافات بين قادة الحزب، وانضموا في حملة جماعية لدعم هولاند، ما دعا مارتن أوبري للقول "إنها حملة كانت داخل الحزب الاشتراكي، وعليها أن تكون كذلك، الآن هولاند لنا جميعا، وسندعمه حتى النهاية".. أكثر من هذا، كانت أوبري أول من التحق بحملة هولاند، وظلت إلى جانبه إلى حين تمكنه من الفوز في الدور الأول من الانتخابات.. وهناك آراء في الحزب الاشتراكي نفت بعد ذلك أن تكون أوبري قد انتقدت هولاند، وأخرى قالت إن الرجل كان يتهيأ من سنوات طويلة لهذه المناسبة، وكان يتقدم نحوها ببطء، بل ظهرت آراء أخرى تبرر التغييرات التي حدثت في شخصية هولاند، مثل معظم الرؤساء الذين تعاقبوا على الرئاسة الفرنسية، ومنهم فرانسوا ميتران، صاحب الشخصية الزئبقية الذي حامت حوله الشكوك في بداية شبابه، بأنه كان من المنتصرين لحكومة بيتان الموالية للاحتلال النازي لفرنسا، وكانت أفكاره يمينية معادية للفكر الاشتراكي، أو الرئيس بومبيدو اليميني الذي كانت أفكاره أقرب كثيرا إلى اليسار، أو جاك شيراك الشيوعي الشاب الذي كان مكلفا من الحزب بتوزيع "لومانتيه" صحيفة الحزب الشيوعي الفرنسي"، قبل أن ينتمي إلى الديغولية، ويدخل وزيرا في حكومة الرئيس بومبيدو.. أما هولاند، فقد بدأ في الحزب الاشتراكي الفرنسي، وظلت اشتراكيته باهتة، بل ظهر غير معني أحيانا كثيرة باشتراكية الحزب، أكثر من انتمائه إلى الحزب نفسه.. لكنه الآن، يعتبر شيئا آخر، فهو قيادي اشتراكي، وهذا ما يحسب له، وما يمكن أن يحاسب عليه.. لكن هولاند لا يخفي أنه ما زال يعاني جرحا كبيرا لم يشف منه بعد، ممزقا بين والدته الاشتراكية ووالده اليميني المتطرف، والعضو في "المنظمة السرية المسلحة"، التي نفذت مجازر كبيرة في الجزائر، وكانت وراء محاولة اغتيال الجنيرال دوغول. تقنقراطي صنع في مكتب جاك أتالي بغض النظر عن الانتقادات التي قادتها مارتين أوبري ضد هولاند أثناء انتخابات الحزب لتمثيله في الانتخابات الرئاسية، والتي اعتبرها قسم من الصحافة الفرنسية، بأنها من ثوابت شخصيته الحقيقية، وأفاضوا في التذكير بها، فإن هولاند عكس ذلك، إذ يتوفر على الكفاءات نفسها التي يتوفر عليها الكثير من السياسيين الفرنسيين، وإن كان لم يتمكن خلال مشواره السياسي من التعريف بكفاءاته العلمية والمعرفية، فقد تخرج من معهد العلوم السياسية وحصل على إجازة في الحقوق وأخرى من المدرسة العليا للتجارة، كما تخرج من المعهد العالي للإدارة، الذي يعتبر المؤسسة التعليمية الأكثر انتاجا للسياسيين، وكان هولاند أثناء دراسته في المعهد زميلا لبعض من سيصبحون قادة فرنسا مثل دومنيك دوفيلبان، ورويال سيغولين المرأة التي سيرتبط بها فيما بعد، إضافة إلى وزراء مثل جان بيير جويه..ولم ينخرط هولاند في الحزب الاشتراكي إلا في عام 1979، على يد جاك دولور، والد مارتن أوبري، لكنه بقي شخصا مغمورا غير معني إطلاقا بالمسؤوليات الحزبية، بل هو من أقنع رويال سيغولين بدخول الحزب، وأيضا بمشاركتها في اللجنة الحزبية لدعم فرنسوا ميتران في الانتخابات الرئاسية.. لكن جاك أتالي المفكر الكبير والاقتصادي الذي اختاره الرئيس ميتران مستشارا له في الشؤون الاقتصادية، انتبه إلى كفاءة هولاند، وضمه إلى فريقه الاقتصادي بقصر الإليزيه، وكان عمره آنذاك خمسة وعشرين عاما.. ويحكي قريب منه أن طموحه لم يكن كبيرا، فقد كان يجد في وظيفته في الإليزيه مطلق طموحه، لكن الحزب دفع به لخوض أول منازلة انتخابية له ضد خصم سياسي كبير من عيار جاك شيراك في الانتخابات البرلمانية في منطقة كريز وسط فرنسا، وطبعا كان الفوز من نصيب شيراك، لكن هولاند قال إن تلك المنافسة أعادت ولادته من جديد، ما دفعه إلى الدخول مرة ثانية في الانتخابات والفوز بها، ما أهله إلى أن يكون برلمانيا إلى اليوم.. لكن من غريب الصدف أن شيراك منافسه آنذاك، عاد ليعطيه صوته الانتخابي في الانتخابات الرئاسية ضدا على ممثل حزبه نيكولا ساركوزي، بل كتب عنه في مذكراته، بأنه "رجل دولة حقيقي" قادر على تخطي الفوارق الحزبية .. إطفائي لا يخمد صراعات الحزبلم يكن هولاند مهموما بالمسؤوليات السياسية الكبيرة. كان يقول عن نفسه "أنا مناضل اشتراكي تدرجت في مسؤوليات الحزب، وما يشغلني أكثر أن يكون الحزب الاشتراكي كبيرا وقويا وملتحما"، لكن من سوء حظه أنه تسلم الأمانة العامة للحزب الاشتراكي في ظروف بالغة الصعوبة تميزت بالاضطراب والتمزق وصراعات تياراته.. ورغم محاولاته الكثيرة توحيد الحزب، والتغلب على صعوباته طيلة أحد عشر عاما من رئاسته له، فإنه أخفق، ما اضطره إلى الانسحاب وتعويضه بمارتن أوبري.. لكن ما يؤاخذ على هولاند خلال رئاسته للحزب الاشتراكي أنه كان يتصرف كرجل إطفائي، لإخماد الصراعات، فهو لا يحسم في موقف، ولا يغلب آخر، أو يعارض ثان، بل كان يميل دوما إلى التوافق وتخفيف التوثرات، ومحاولة جر المتصارعين إلى التوحد.. فكانت فترة ولايته الأكثر تميزا بصراعات التيارات السياسية داخل الحزب، بل كانت التيارات تقف على الطرف النقيض من بعضها، وقد انتزع من هذه الفترة، ومن مناضلي حزبه صفة الرئيس الرخو، والاشتراكي الذي لا يحبذ الصراع الحزبي، ويميل أكثر إلى الوحدة الحزبية، لكنه لم يصل أبدا لذلك.. وهو أيضا ما دفع تيارات في الحزب إلى اعتباره مخيبا لطموحات الحزب السياسية، لأنه شخص ينظر إلى الأمور بسطحية، ويعتبر أن التيارات الحزبية مرض حزبي، لكن آخرين بقولون إنه لولا الدور الذي لعبه طيلة عقد كامل من ولايته للحزب، لانتهى إلى انشقاقات كبيرة بين تياراته، فقد تمكن بذلك من اجتياز الأزمة الكبيرة التي عرفها الحزب في عام 2005، بسبب الاستفتاء على الدستور الأوربي، إذ رفضه، ما أحدث تصدعا كبيرا فيه، ثم أزمة 2007 التي شهدت ترشح معظم ديناصورات الحزب لخوض انتخابات الرئاسة، ما أضعفه وفوت عليه الانتصار على غريمه، ما دفع هولاند، إلى التخلي عن أمانة الحزب، لفائدة أوبري، بعد مؤتمر شهد مناوشات وصراعا كبيرا بين تياراته. لكن الذين يعرفون هولاند يقولون إن الرجل قرر، منذ ذلك الوقت، أن يتقدم أكثر في الحزب، ويرشح نفسه للانتخابات الرئاسية، وهي طريقة لكي يكون الحل أكبر بالاشتراكيين، فبقاؤهم طويلا خارج السلطة، أجج كثيرا المشاكل، وحان الوقت ليكون الحل في علاقة مباشرة وماسة مع الواقع، وليس من خلال العامل الإيديولوجي والتنظيمي للحزب.. وبشكل مفاجئ، أعلن هولاند ترشحه رسميا في 31 مارس، معتبرا أن نقطة انطلاق حملته التركيز على متناقضات الرئيس ساركوزي، وهو الذي يتصرف ببدخ وتعال كبيرين، فقال هولاند إنه سيكون ، رئيسا عاديا لا يعلو على الفرنسيين إذا صوت عليه الفرنسيون، ولا يتعامل معهم من فوق.. ومع ذلك، لا يخفي المراقبون أن هولاند محظوظ، لأنه واجه رئيسا مثل ساركوزي لا يحظى باحترام الفرنسيين، بسبب أسلوبه في ممارسة السلطة وتخبطه السياسي خلال السنوات الخمس التي أمضاها في قصر الإليزيه. لذا، فإن هولاند ركز في حملته الانتخابية على العدالة الاجتماعية وقضايا الشباب والتعليم والشغل، ولا يتردد في القول إنه سيفرض ضرائب تصل إلى 75 في المائة على من يزيد دخله على المليون يورو سنويا، وسيطلب من الأغنياء أن يساهموا بدرجة أكبر في ميزانية الدولة. وبالمقابل، فإنه يعد ذوي الدخل المحدود بزيادة دخلهم بشكل معقول. ورغم تمسكه بالسعي لخفض مديونية الدولة والمحافظة على توازنات الميزانية، فإنه يرفض سياسة التقشف، ويطالب الاتحاد الأوربي بالتركيز على النمو الاقتصادي، إضافة إلى التزام الشفافية في تدبير شؤون الحكم...وردا على سؤال لصحيفة الباييس الإسبانية، هل يطمح هولاند أن يكون بطلا؟، أجاب" لم أفكر قط في البطولة، لكن أريد أن أكون خادم الشعب، وليس خادم طموحاتي الخاصة". مصطفى الزارعي

هولاند… ثاني اشتراكي رئيساً للجمهورية الخامسة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

هولاند يعيد بناء السياسة الفرنسية

الحزب الاشتراكي يرسل خطابات إيجابية إلى المغرب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات