هولاند يعيد بناء السياسة الفرنسية

وعد بـ "انطلاقة جديدة" للعلاقة مع الجزائر وإعادة النظر في تحالف "ميركوز" مع ألمانيا شدت الانتخابات الفرنسية التي أفرزت أول أمس (الأحد) الاشتراكي فرانسوا هولاند رئيسا جديدا لفرنسا، انتباه العالم أجمع، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية وأزمة "الأورو" التي أطاحت بالعديد من زعماء ورؤساء أوربا، كان آخرهم نيكولا ساركوزي، الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته. أهمية هذه الانتخابات، التي لم تعد شأنا فرنسيا محضا، لها علاقة وطيدة أيضا بالمواقف التي من شأن الرئيس الفرنسي الجديد أن يتخذها في المستقبل، سواء إزاء العلاقة مع الاتحاد الأوربي، وباقي دول العالم، أو إزاء بعض القضايا الهامة التي تهمنا أكثر في المغرب، مثل مشكل الهجرة أو العلاقة مع باقي الدول المغاربية، خاصة الجزائر، أو العلاقة مع الحكومات الإسلامية التي أفرزتها صناديق الاقتراع، مع العلم أن العلاقة عموما بين الاشتراكيين الفرنسيين والملكية في المغــرب تميزت دائما بالجفاء.ويرى متتبعون أن العلاقة الطيبة التي تجمع الاشتراكيين بالجزائر من شأنها التأثير على المغرب، خاصة بعد أن نقلت تقارير إعلامية عن الرئيس الجديد سعيه إلى توطيد العــلاقة مع الجزائر ومنحها "انطلاقة جديدة"، بعد أن تأثرت كثيرا في عهد الرئيس اليميني السابق (الذي كان مواليا في أغلب مواقفه للمغرب)، كما أن هولاند لم يخف يوما أنه "صديق الجزائر"، التي سبق أن زارها في 2006 حين كــان أمينــا عــامــا للحزب الاشتراكي، والتقى رئيسها عبد العــزيز بوتفليقة.وفي الوقت الذي توقع ملاحظون أن تصبح الجزائر الشريك رقم 1 لفرنسا في عهد هولاند، اعتبر آخرون أن الانحياز لن يكون كاملا للجزائر، لأن المعادلة في المغرب العربي تغيرت في ظل الثورات التي أفرزت حكومات ديمقراطية نابعة من صناديق الاقتراع، وهي المعادلة نفسها التي ستفرض على ساكن "الإليزي" الجديد التعامل مع الأمر بمنطق تشجيع الإصلاح والتغيير ومنح الأولوية للحريات وحقوق الإنسان، مواضيع تزعج الجزائر، التي لم تهب عليها رياح "الربيع العربي" إلى اليوم. إضافة إلى ذلك، فإن فرنسا لم تعد وحدها "سيدة" على المغرب العربي، بل أصبحت العديد من القوى، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية تنافسها في المنطقة، وهو المعطى الذي يمكن أن يلعب عليه المغرب في تدبير علاقته الجديدة مع فرنسا، في حالة مس الرئيس الاشتراكي بأحد الامتيازات التي كان يحظى بها المغرب في حكومات جاك شيراك ونيكولا ساركوزي. وفي ما يخص مواقفه من الهجرة، فيمكن القول إن هولاند استفاد من تعبئة ودعم واضح للجالية المغاربية والمسلمة المقيمة بفرنسا، وهو الأمر الذي كان متوقعا على اعتبار أن أهم الحقوق التي استفاد منها المهاجرون في فرنسا كانت بفضل الاشتراكيين الفرنسيين الذين لم يعبروا يوما عن كراهيتهم للأجانب، كما لم يتأثروا ب"فوبيا" الإسلام المتفشية التي انتشرت في عهد حكومات اليمين، خاصة في عهد الرئيس السابق ساركوزي الذي اتخذ إجراءات صارمة و"متطرفة" في حق الأجانب، ليأتي هولاند ويؤكد أنه سيسمح بمنح 30 ألف إقامة شرعية في فرنسا سنويا، رغم أنه شدد على أنه لن يكون متسامحا مع المهاجرين غير الشرعيين، حتى ولو كانوا في وضعيات صعبة.ودافع هولاند دائما عن موقفه تجاه منح حق التصويت للأجانب في الانتخابات المحلية، بل استشهد بمثال المغرب الذي دستر هذا الحق. كما أنه وعد، قبل فوزه، بالبحث عن توافق واسع من أجل تطبيق هذا الأمر، إذ سبق أن قال «لتمرير هذا الإصلاح٬ تكون لدينا أغلبية٬ إنها مراجعة للدستور٬ وسأحيل هذا الاقتراح على البرلمان، وفي حالة عجزنا عن تمريره، فإن «الشعب الفرنسي هو من بمقدوره اتخاذ قراره عن طريق الاستفتاء».من جهة أخرى، أكد هولاند أن أول زيارة له ستكون إلى ألمانيا من أجل مراجعة معاهدة الاتحاد الأوربي الأخيرة، وبحث سياسة التقشف التي فرضتها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على دول أوربا، وأيدتها فرنسا في عهد الرئيس السابق، في ما يسمى بتحالف "ميركوز"، وكان هــولانــد من معــارضيها، إذ اعتبــر دائما أن ليس مـن حــق ألمانيا أن تتخــذ جميــع القــرارات المتعلقــة بــــأوربا.وستكون لهولاند بعدها زيارة أخرى إلى الولايات المتحدة الأمريكية، التي لا ترتاح عموما لوصول الاشتراكيين إلى السلطة، إذ سيحضر اجتماع الدول الثماني ثم يشارك في قمة حلف الأطلسي، إذ من المنتظر أن يطالب بسحب القوات الفرنسية من أفغانستان، وهو ما لا تنظر إليه أمريكا بعين الرضا. نورا الفواري

هولاند يعيد بناء السياسة الفرنسية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

92 دابة و423 عاملا وآليات لتدبير نظافة مقاطعتين بفاس

هولاند… ثاني اشتراكي رئيساً للجمهورية الخامسة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات