موقع كتاب الضبط في الحوار الوطني لإصلاح العدالة

من الضروري إعادة النظر في مجموعة من القوانين لتمكين هيأة كتابة الضبط من صلاحيات أوسع أطلق وزير العدل، مصطفى الرميد أخيرا، حوارا وطنيا لإصلاح منظومة العدالة، شكل في فلسفته مرحلة أولى وأرضية من أجل توافق مختلف الفاعلين في مرفق العدالة على المحاور الأساسية التي ينبغي أن ينصب عليها الإصلاح الشامل والعميق لجميع مكونات أسرة العدل، وفي مرحلة ثانية قاعدة لتنزيل مختلف النصوص التي سوف تعمل على ترجمة هذا التوافق على أرض الواقع. وهي مبادرة لا يمكن لنا إلا أن نثمنها ونشد بحرارة على أيدي مختلف الفاعلين والمتفاعلين معها، ولكن بشرط أن تشكل قطيعة مع المبادرات السابقة والتي اعتمدت منهجية الإقصاء والتهميش منطلقا للإصلاح الذي قدمته وفق نمطها الخاص، إذ اعتمدت على أرضية منغلقة كان مبتداها ومنتهاها الإدارة المركزية لوزارة العدل التي أخفقت بشكل كبير في ملامسة مواقع الخلل الذي تعاني منه منظومة العدالة بشكل عام وأسرة كتابة الضبط على وجه الخصوص.لذلك، فإن أرضيتنا لفتح النقاش حول هذه المبادرة كهيأة لكتابة الضبط وكنقابة ديمقراطية للعدل على وجه الخصوص كان لابد لها من أن تنطلق من ثلاثة محاور رئيسية : محور أول يتعلق بالجانب التنظيمي ومحور ثان يتمحور حول الجانب التشريعي، ومحور ثالث الجانب الاجتماعي.ففيما يتعلق بالجانب التنظيمي فقد عملت وزارة العدل والحريات أخيرا على إخراج مجموعة من المشاريع تتعلق بهيأة كتابة الضبط أخذ بعضها طابع قرارات والبعض الآخر طابع دلائل وتم تقديمها من أجل توسيع النقاش فيها من طرف مختلف التمثيليات داخل القطاع، وهكذا فقد تم إعداد مشاريع قرارات تتعلق بتحديد اختصاصات وتنظيم كتابات الضبط وكتابات النيابة العامة، وتنظيم المندوبيات الجهوية والمديريات الاقليمية لوزارة العدل، وإحداث مراكز جهوية لأرشيف المحاكم، إضافة إلى إعداد دليل مرجعي للوظائف والكفاءات يشمل توصيف مهام كل المشتغلين بوزارة العدل والحريات سواء بالإدارة المركزية أو بالمصالح الخارجية.والسؤال التنظيمي يجعلنا نتساءل عن سبب تغييب تنظيم المدرسة الوطنية للإدارة القضائية وتنظيم مؤسسة رئيس كتابة الضبط ورئيس كتابة النيابة العامة وتحديد صلاحياته الإدارية والمالية والقضائية، إضافة إلى تنظيم العلاقة التي تربطه بالمسؤول القضائي، وتنظيم واستغلال الطاقات التي أصبحت تزخر بها هيأة كتابة الضبط في مختلف الاختصاصات العلمية والقانونية والأدبية والاجتماعية والتوظيف الأمثل لهذه الأخير عبر إحداث مصالح ذات طابع اجتماعي وعلمي وتقني ونفسي، وهي نقاط سوف يتم توسيع النقاش فيها لا محالة من أجل إعطاء مشاريع توصيات ومشاريع نصوص نرجو أن تأخذ بعين الاعتبار في المقترحات والتقرير التركيبي حول الناظرة الوطنية حول إصلاح منظومة العدالة.أما في ما يتعلق بالجانب التشريعي والذي غيب للأسف الشديد في مقترحات وزارة العدل والحريات التي قدمت للتمثيليات النقابية والمهنية، فقد بات من الضروري إعادة النظر في مجموعة من القوانين الإجرائية سواء منها قانون المسطرة المدنية أو قانون المسطرة الجنائية بما يمكن هيأة كتابة الضبط من صلاحيات أوسع فيما يتعلق بالإجراءات المسطرية والتي تدخل ضمن الشق المتعلق بالشكليات دون الدخول في موضوع الطلب الذي يبقى خالصا للسلطة القضائية وفق اختصاصها الأصيل، فقد أضحى من الضروري ومن أجل تبسيط الإجراءات المسطرية للخصومة القضائية وتخفيف العبء الملقى على عاتق القضاة تكليف جهاز كتابة الضبط بالإعداد القبلي للمسطرة والتكلف بالإشعارات المتعلقة بتصحيح المسطرة لخلل في الشكل، وتجهيز الملف بتكليف من رئيس المحكمة منذ فتحها إلى حين الانتهاء من مراقبة الاخلالات في البيانات الشكلية المتطلبة لانعقاده صحيحا من حيث الشكل، ومرورا بتفويض تجهيز الملف من الناحية الشكلية خلال مسطرة الأجل وتفويض صلاحيات واسعة في التبليغ وفي مسطرة القيم التي تأجل العديد من الملفات إلى أجل غير معلوم، وانتهاء بتنفيذه بعد دراسته من الناحية الموضوعية من طرف الهيأة القضائية، وهو ما سوف يوفر الوقت في تسريع الإجراءات الشكلية ويجعل القضاة ينصرفون إلى تعميق البحث ودراسة الموضوع من الناحية الموضوعية.كذلك وارتباطا بالجانب التشريعي فلابد من فتح آفاق الترقي لموظفي هذه الهيأة من أجل ولوج المهن القضائية بسبب التراكم المعرفي والتجربة التي باتوا يمتازون بها خاصة بعد إسناد اختصاص البت في الجوانب الشكلية للملفات المعروضة على أنظار المحاكم لهذه الهيأة، وهي تجربة قد تبنتها مجموعة من التجارب المقارنة كالقانون البلجيكي والبرتغالي والاسباني، ونخص بالذكر فتح آفاق الترقي لولوج القضاء العادي ومهنة المحاماة والتوثيق والخبرة إلى غير ذلك من المهن القضائية ذات الارتباط الوثيق بطبيعة مهام موظفي هيأة كتابة الضبط.وفيما يتعلق بالجانب الاجتماعي، فالملاحظة التي لابد من تسجيلها أن وزارة العدل والحريات ومن خلالها المؤسسة المحمدية للأعمال الاجتماعية لقضاة وموظفي وزارة العدل ما زالت تعرف شح كبيرا في الخدمات المقدمة لقضاة وموظفي وزارة العدل، وتعتمد تقنية إبرام الاتفاقات مع المؤسسات والإدارات ذات الصلة دون أن تكلف نفسها عناء المبادرة بتبني الملفات الضخمة ذات الصلة بالطابع الاجتماعي من سكن ونقل وصحة وترفيه، خاصة أن مواردها الضخمة ستساعدها لا محالة على ذلك، ولا بأس من الاستعانة بذوي الخبرة في تدبير الملفات الضخمة كملف السكن والصحة.وخلاصة القول، نتمنى أن يأخذ الحوار الوطني للإصلاح منظومة العدالة بمقترحاتنا في الموضوع كنقابة ديمقراطية للعدل وكهيأة لكتابة الضبط كأرضية لتوسيع النقاش فيها من خلال مشاريع القوانين والمراسيم والقرارات التي سندلي بها في إطار مقاربة شمولية للنهوض بالمهام الجسيمة التي تنتظر هذا المكون من مكونات العدالة، وأن يشكل هذا الحوار قطيعة مع جميع المبادرات السابقة والتي جعلت الإدارة المركزية هي التي تتولى صياغة هذه المشاريع بعيدا عن الواقع الملموس، الأمر الذي انعكس على عدم جدوى مبادرات الإصلاح وجعلها بعيدة عنه بعد المشرق عن المغرب. بقلم : الجيلالي مكوط, عضو المجلس الوطني للنقابة الديمقراطية للعدل

موقع كتاب الضبط في الحوار الوطني لإصلاح العدالة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

كتابة الضبط... الواقع و آمال الاصلاح

السعيدي: مطلب الإصلاح المؤطر الأكبر لورش الحوار

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات