الــديــربــي … عــرس كــئــيــب

مقاطعة جماهير الوداد المباراة ومنع القاصرين غير المصحوبين ساهما في تقلص عدد الجماهير يقال إن المصائب لا تأتي فرادى. ومصائب الرجاء، مساء أول أمس (الأحد)، لم تكن واحدة. هزيمة في عقر الدار (استقبلوا الفريق الأحمر). ومداخيل هزيلة... وفوق هذا كله تحطيم رقم قياسي وطني في تاريخ مباريات الديربي بتسجيل أضعف حضور جماهيري في تاريخ المباريات التي جمعت فريقي الرجاء الرياضي البيضاوي والوداد الرياضي البيضاوي. الثانية وخمس دقائق زوالا. بقي أقل من ساعة ويعطي الحكم صافرة انطلاق مباراة الديربي برسم الدورة 28 من البطولة الوطنية بين "وداد ورجاء الأمة". مداخل الملعب، وعلى خلاف العادة في مثل هذا التوقيت بالضبط وفي مباراة من حجم الديربي، لا تعرف اكتظاظا أو تدافعا أو محاولات لاختراق الحواجز الأمنية المنصوبة كما جرت بذلك العادة. عناصر الأمن الخاص المكلفون بالحراسة وتنظيم الجمهور ورجال الشرطة وأفراد من القوات المساعدة أكثر عددا عند هذه المداخل. «العرس الكروي» الذي كان ينتظره الكثيرون تحول إلى ما يشبه حفلا كئيبا ضيوفه ثقيلو الدم. في العادة كانت أجواء التدافع والتشاحن أمام أبواب مركب محمد الخامس تضفي على المباراة، رغم بعض الانزلاقات، أجواء احتفالية حماسية استثنائية تسترعي الانتباه، أما زوال أول أمس فإن الأمر كان يعطي الانطباع أن وراء أسوار المركب لم تكن تدور أطوار مباراة في كرة القدم وإنما بتظاهرة احتجاجية تطوقها قوات الأمن من كل جانب. نصف ساعة وبضع دقائق هي ما يفصلنا عن انطلاق المباراة. نقصد مدرجات الملعب عل الحضور الجماهيري هناك يكون أكثر كثافة. جماهير الفريقين، وفي كل مباراة تجمع بينهما أو مع فريق ثالث، اعتادت أن تملأ سماء الملعب ومحيطه صيحات تهليل وتشجيع من خلال ترديد شعارات رابطتي محبي الفريقين المسجوعة وذات اللحن الحماسي، لكن فقط صيحات تهليل خافتة كانت تنبعث من هناك.مدرجات أكبر ملاعب كرة القدم في المملكة تكاد تكون خالية، فباستثناء مدرجات جماهير المكانة (مشجعو فريق الرجاء) التي تبدو من بعيد مليئة نسبيا، فإن مدرجات فريميجة (مشجعو الوداد) تكاد تكون خاوية على عروشها. الحملة التي أطلقتها رابطة محبي الفريق الأحمر (إلترا وينرز) لمقاطعة مباراة الديربي احتجاجا على مقتل واحد من أعضائها (المشجع المكناسي حمزة البقالي، والذي توفي جراء إصابات في الرأس خلال أحداث الشغب التي اندلعت عقب مباراة الوداد والجيش الملكي) وللمطالبة بفتح تحقيق لتحديد ملابسات الوفاة وتقديم من تلطخت أيديهم بدمائه إلى العدالة، يبدو أنها أعطت أكلها.حضور الجماهير الودادية كان ضعيفا. قلة منهم تكومت على نفسها، في شكل دائري على رقعة من مدرجات فريميجة، وقلة أخرى تحلقوا فوق المقاعد المغطاة، فيما فئة ثالثة انتشروا على طول وعرض المدرجات، وكانوا يبدون من بعيد كنقط داكنة فوق سطح المدرجات التي اقتلعت كراسيها."أضعف حضور"حتى الذين حضروا أطوار المباراة من جماهير الفريق الأحمر لم تبد على الكثير منهم مظاهر الاحتفال أو الفرحة تمهيدا لفوز موعود قد ينسيهم نتيجة التعادل السلبي في الديربي رقم 111. مدرجات الوداد غابت عنها «التيفوات»، وقليلون فقط كانوا يرفعون رايات بالأحمر وعليها شعار وداد الأمة. لقد كانت الأجواء وسط الوداديين توحي بأن مرمى فريقهم تلقى لتوه هدفا حطم أحلامهم وخيب آمالهم. الكثيرون منهم تبدو عليهم آثار الحزن، وإن لم يكونوا حزينين فإنهم يفقتقدون التفاعل وخلق الأجواء التي كانت تتسم بها مباراة من عيار الديربي.بعض رجال الصحافة، المتخصصين في تتبع الشأن الرياضي الوطني، علقوا على الحضور الجماهيري في الديربي رقم 112 بين الرجاء والوداد على أنه «أضعف حضور جماهيري في تاريخ المواجهات بين الفريقين». وفعلا فمشهد اغلب مقاعد المدرجات شاغرة، خاصة في مدرجات فريميجة، لن يعطي الانطباع إلا بأن المباراة التي ستجري اليوم فوق أرضية ملعب محمد الخامس ستجمع بين فريقين يقبعان في مؤخرة ترتيب فرق البطولة أو بين فريقين مغمورين من فرق القسم الوطني الثاني. هذا المشهد كفيل بأن يوحي للمرء بأنه أمام جسد عليل يعاني شللا نصفيا، إذ وعلى مدرجات «المكانة»، التي تشير عقاربها منذ زمن طويل إلى الساعة 5 وحوالي 10 دقائق رغم أنه مازالت خمس دقائق على بداية المباراة (الثالثة زوالا)، تبدو الأجواء أكثر احتفالية. الجماهير الرجاوية لا تتوقف عن ترديد شعارها الذي تتهجم فيه على مشجعي الوداد، والقائل «كازا كازا.. كازا فيردي.. والودادي هاكا...»، وبطبيعة الحال فتتمة الشعار تضم كلمة نابية تخدش الحياء يستحي لها بعض الآباء الذين اصطحبوا معهم أبناءهم لمتابعة مباراة ديربي العاصمة الاقتصادية للمملكة، والتي تنعكس على محيا الكثير منهم امتقاعا وتبرما.مدرجات الرجاويين كانت هي الجزء الأكثر دينامية في الملعب. أجواء احتفالية كما هي العادة يؤثثها ترديد شعارات إلترا «الغرين بويز» المهللة والمتوعدة والمليئة بالكثير من الكلام الخادش بالحياء في الكثير من الأحيان، لكنها تخلق الأجواء. وشحات ورايات ولافتات وبالونات خضراء تنتشر فوق أغلبية كراسي مدرجات مشجعي الفريق الأخضر.مزيد من قوات الأمن يعطي الحكم صافرة الانطلاقة، تتبعها موجة صفير من مدرجات «الفتيان الخضر» (مشجعو الرجاء). في الجانب الآخر من مدرجات الملعب يُسمع دوي بعض التصفيقات المحتشمة. يفقد لاعبو الوداد الكرة ويسترجعها الرجاويون فتنطلق موجة تصفيق وصيحات تهليل مشجعة للفريق الأخضر، يليها ترديد ذلك الشعار الذي يتهجمون فيه على الوداديين، لاعبين ومشجعين، بالكلام النابي. هنا كذلك يكاد انتشار عناصر القوات العمومية ورجال المطافئ يضاهي عدد الجماهير. فوق كل مدرج لابد وأن تجد العشرات منهم، أعينهم تقوم بجولات استطلاعية فوق كل كرسي ترقبا حدوث انفلات أو كل ما من شأنه أن يشوش على أجواء المباراة. ينتشرون بين المدرجات وفي محيط أرضية الملعب، يسترقون بين الحين والآخر نظرة إلى أطوار المباراة، ويظلون أغلبية الوقت مركزين على المدرجات.المشجعون الرجاويون يزدادون حماسة مع كل دقيقة من المباراة. صدى أهازيجهم يملأ سماء المركب ويتردد بين جنباته وكأنهم وحدهم من يتابعون المباراة، أما الوداديون فلا تسمع لهم صيحة تهليل إلا ساعة قيادة أحد الفريق الأحمر لهجوم منسق أو هجوم مرتد، تنتهي كرته خارج أرضية الملعب أو بين أرجل لاعبي الرجاء وبخيبة آمل في صفوف «الوينرز».اللافت في ديربي أول أمس هو التقلص الكبير في عدد القاصرين الذين حضروا، أو بالأحرى تمكنوا بطريقة أو بأخرى من ولوج الملعب، لمتابعة المباراة. فعلى خلاف مباريات الفريقين السابقة كان القاصرون يمثلون نسبة كبيرة من الجماهير الحاضرة، أما أول أمس (الأحد)، وانسجاما مع النهج الذي سيعتمد في ملاعب المملكة، فإن إجراءات منع دخول القاصرين الملعب إلا إذا كانوا مصحوبين بأب أو ولي أمر بالغ قد أتت أكلها، إذ حتى الذين ولجوا مدرجات الملعب لم يثيروا شغبا كما كانت تجري بذلك العادة في السابق. ضربة جزاءفوق أرضية الملعب تزداد أطوار المباراة سخونة بين فريقين كلاهما يسعى إلى أن يخرج منها وينهي بطولة هذا العام بانتصار على خصمه، حتى ولو كان صغيرا، ففي مثل هذه المباريات لا يهتم مسؤولو ولا لاعبو الفريقين للأداء والتقنيات بقدر حرصهم على النتيجة. يحصل الفريق الأخضر على ضربة جزاء. تهتز مدرجات «المكانة» طربا وابتهاجا. يتعالى الصفير فوق مدرجات «فريميجة». ينتصب مشجعو الرجاء واقفين وأيدي الكثير منهم إما على قلوبهم أو على أفواههم أو على أعينهم. يتقدم بلمعلم لتنفيذ ضربة الجزاء. يرتفع مستوى التشويق عند الرجاويين، فيما يزداد الوداديون شراسة في صفيرهم. يضيع بلمعلم ضربة الجزاء. يتجمد الرجاويون فوق مقاعدهم. يهلل «الوينرز» ويهتفون للمياغري الذي أنقذ مرمى فريقهم من هدف محقق.أجواء باردة تطغى على الملعب بعد الهدف المهدور. «الوينرز» طربون يشجعون فريقهم الأحمر، ومازالوا يمنون النفس بهدف يخلصهم وينتصر لهم على خصومهم الخضر. شيئا فشيئا يستعيد الرجاويين وهجهم وحيويتهم ويواصلون تشجيعهم لفريقهم. يستمرون في ذلك إلى أن يعلن الحكم نهاية الشوط الأول. ينطلق الشوط الثاني. أجواء حماسية كبيرة في صفوف الرجاويين. الأمل مازال يروادهم في الفوز على الوداد. تتواصل أطوار المباراة بين كر وفر... لكن الرياح في كثير من الأحيان تأتي بما لا تشتهي السفن. تتلقى مرمى الفريق الأخضر هدفا من رجل محسن ياجور. تشتعل مدرجات فريميجة، والتي على قلة جماهيرها، هتافا وتصفيقا وتهليلا. ويتجمد مشجعو الرجاء في أماكنهم. تتواصل باقي أطوار المباراة ببرود كبير. الودادويون وعلى قلتهم أحدثوا هرجا كبيرا فوق المدرجات احتفالا بالهدف. بعض الرجاويين بدؤوا ينسحبون خارج الملعب. الباقون عادوا إلى ترديد الشعار المتهجم على الوداديين... يعلن الحكم نهاية المباراة. ينسحب الرجاويون من أرضية الملعب ومدرجاته بهدوء وعلامات خيبة الأمل بادية على محيا الكثيرين منهم. بعضهم يسب ويلعن اللاعبين، وآخرون يلعنون المكتب المسير... "بـــاســـتـــا" وشـــهـــبعلى بعد خمس دقائق من انطلاقة مباراة الديربي بين الرجاء والوداد، بدأت جماهير الفريق الأخضر في التجمع على شكل بقع بشرية. بعضهم يرتدي صدريات بيضاء، يصل طولها إلى حدود الركبتين، وآخرون يحملون قطعا بلاستيكية خضراء وسوداء. وآخرون يحملون لافتبا كُتبت عليها أسماء: أوزال، وحنات، والبوصيري، وغلام، وعمور. كل لافتة بين مجموعة بشرية. وكل مجموعة بشرية شكلت حرفا من حروف الكلمة الإيطالية BASTA، والتي تعني «كفى»، فيما يشبه دعوة إلى المكتب المسير لنادي الرجاء الرياضي تطالبه ب»الرحيل». جماهير الرجاء ظلت ترفع هذا «التيفو» إلى أن أعلن الحكم انطلاقة المباراة، بعدها عادت جماهير الفريق الأخضر إلى مقاعدها مخلفة وراءها قطع التيفو» بألوانها الثلاثة، تتقاذفها الرياح.وليس هذا فقط ما ميز ديربي العاصمة الاقتصادية، بل كذلك الإطلاق المفاجئ للشهب الاصطناعية. إذ فجأة وبعد تضييع الرجاويين لضربة الجزاء بدأ الأدخنة تتعالى من مدرجات فريميجة أدخنة مختلفة الألوان ويُمسع دوي فرقعات متتالية، إضافة إلى الرمي بشهب أخرى إلى محيط أرضية الملعب، حيث قضى بعض رجال المطافى عدة دقائق يتنقلون من مكان إلى آخر لجمع الشهب التي تم الرمي بها داخل أرضية الملعب. محمد أرحمني

الــديــربــي … عــرس كــئــيــب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مارشان: لا علاقة لمباراة المسيرة بالديربي

المنتخب المحلي يواجه ليبيا والبحرين واليمن بكأس العرب

مقالات ذات صلة