واقع مهنة العدول لا يعكس دورها في المجتمع

رئيس الهيأة الوطنية قال إن معظم اختلالات المهنة ناتجة عن ضعف التكوين القانوني والتوثيقي يرى المحفوظ أبو السكين رئيس الهيأة الوطنية للعدول أن الحوار الوطني لإصلاح العدالة يستدعي ثورة تشريعية حقيقية تشمل كل القوانين ذات الصلة بمنظومة العدالة، وأضاف أبو السكين في حوار مع الصباح، أن القضاة يعينون في قضاء التوثيق تحت طائلة الإكراهات الإدارية، لا التكوين التخصصي المرصود لهذا الغرض، وقاضي التوثيق لا يساءل عند تعرض العدول للشكايات الكيدية أو حتى تلك الناتجة عن إخلالات مهنية. وتساءل الرئيس عن دور القاضي في أن لا تكتسي الوثيقة طابعها الرسمي إلا بعد خطابه عليها وهو لا يتحمل أدنى مسؤولية مع العدول فيها؟ ينطلق الحوار الوطني لإصلاح العدالة وسط احتجاج من العدول على ما يعتبرونه وضعا مزريا للتوثيق العدلي، كيف ذلك؟ الحوار الوطني لإصلاح العدالة هو نتيجة المنهجية التشاركية التي تتبعها الحكومة تنزيلا لمقتضيات الدستور الجديد، وتفعيلا للإرادة الملكية في الإصلاح. والهيأة الوطنية للعدول تشرفت بدعوة وزير العدل والحريات للإسهام في هذا الحوار الوطني باعتبار العدول مكونا أساسيا في منظومة العدالة وضامنا حقيقيا لتحقيق الأمن التعاقدي بين المواطنين، ومن ثم تثبيت العدالة الوقائية المفضية إلى السلم الاجتماعي والتنمية المستدامة.وإذا كان لهذه المهنة الشريفة كل هذا الدور بدءا من الأحكام السلطانية في توثيق بيعة الملوك، إلى الأحوال الشخصية في مدونة الأسرة، وصولا إلى المعاملات في التفويتات العقارية المحفظة وغير المحفظة وكل أنواع الحقوق العينية وما لا يحصى من أنواع العقود والشهادات التي يزخر بها تراثنا الإسلامي، فإن الواقع المزري لهذه المهنة وأصحابها لا يعكس دورها الخطير والمهم في مجتمعنا المغربي، لما تعانيه من ظلم على مستويات عدة، أولها المستوى التشريعي، إذ أن القوانين المتعاقبة في تأطير مهنة العدول منذ ما قبل الثمانينات إلى آخر تعديل في قانون 16 ـ 03 كلها كانت محكومة بفلسفة تشريعية يغلب عليها الطابع التقليدي التراثي الذي يعبر عن أصالة المغرب وعراقته التاريخية، حتى إن هذا القانون سماها كما في الماضي «خطة العدالة»، مع أن نظام «الخطط « لم يعد له وجود في مؤسسات الدولة الحداثية، وهذا المنطق التقليدي هو الذي كان يهيمن على بعض العقليات في الوزارة الوصية إلى اليوم، زد على ذلك أن المهنة مازالت مكبلة بقواعد فقهية اجتهادية وقانونية تحد من فاعليتها وتضعف مردوديتها وتقلص دورها، فارتباط الوثيقة العدلية بقيود قانونية مجحفة كتلك المتعلقة برسمية الشهادات لذا مؤسسة قاضي التوثيق، وارتباطها بمؤسسة النساخ التي تعتمد عل وسائل بدائية في تضمين الشهادات بطريقة تقليدية تذكرنا بزمن النسخ ما قبل اكتشاف الطباعة في العصور الوسطى، حيث تأخذ الوثيقة مدة زمنية تقرب من 15 يوما تؤخر إنجازها، ما يعطل مصالح المواطنين. وكذا الشهادات الإدارية المرتبطة بتأسيس الملكيات التي أحالتها المادة 18 من المرسوم 378 المنظم لقانون 16 ـ 03 إلى الممكن المستحيل، والنصوص المتعلقة بمدونة تحصيل الديون العمومية، وكذا المساطر المعقدة والمتعددة للحصول على الإبراء الضريبي، وحرمان العدول من أن يكون لهم حق في فتح حساب الودائع مما يحرم العدول من توثيق المعاملات مع البنوك والمنعشين العقاريين، وغير ذلك من العراقيل . والمستوى الإجرائي: من جديد ما جاء بها قانون 16 ـ 03 هو إخراج هيأة وطنية للعدول تدافع عن المهنة وتنظيم القطاع، لكن هذه الهيأة ولدت مشوهة، منقوصة الصلاحيات في تدبير السير العام للمهنة من حيث التأطير والتأهيل المهني والتكوين العلمي والضبط المالي، وإن كان من حسنات هذا القانون جعل هذه الهيأة وطنية، أي أن قرارها يكون مركزيا على المستوى الوطني، لكن المؤسف هو أنها تفتقد آليات تفعيل متقضيات القانون والنظام الداخلي في صرامة إجرائية يخضع لها كافة العدول في كل ربوع المملكة .ثم المستوى الاجتماعي، فالعدول يكرسون معظم أوقاتهم لخدمة المواطنين في المكاتب إبان أوقات العمل الإداري، وفي التنقلات عند الاقتضاء إلى بيوت الناس داخل المدن وفي البوادي والمناطق النائية، وذلك في ظروف صعبة، خدمة للمتعاقدين وعملا بسياسة القرب؛ ورغم كل هذه التضحيات فإنهم لا يتوفرون على تعريفة مشرفة يضمنها لهم القانون ولا تغطية صحية إجبارية ولا تقاعد ولا تأمين على الأخطار المهنية، كل هذه الإكراهات تصيبهم بحالة من الإحباط العام فكيف لا يحتجون على هذا الواقع المرير؟ ألا تعتبرون أن الحوار الوطني المزمع انطلاقه سيساهم في تفادي حالة الشنآن بينكم وبين الوزارة؟إن الحوار الوطني لإصلاح العدالة يستدعي ثورة تشريعية حقيقية تشمل كل القوانين ذات الصلة بمنظومة العدالة. و في هذا الإطار شكل المكتب التنفيذي للهيأة لجنة وطنية تضم كفاءات علمية وطنية من الدكاترة والباحثين من العدول هي بصدد تهييء مشروع تعديل القانون المنظم للمهنة يستجيب لمتطلبات المرحلة، علاوة على الندوات العلمية التي نظمتها المجالس الجهوية بشراكة مع بعض كليات الحقوق في المملكة ، نذكر من ذلك ندوة «استقلالية التوثيق العدلي وأثرها في إصلاح القضاء». والمقاربة التشاركية التي ينهجها وزير العدل في هذا الحوار، تعطينا الأمل في تخفيف حالة الاحتقان بيننا وبين الوزارة الوصية، وكذا بتهييء الأجواء الملائمة لإعادة النظر في قانون 16 ـ 03، بما يحقق طموحات في قانون جديد يحفظ كرامتهم ويصون مكتسباتهم وينجز وعود المسؤولين والمتدخلين في الموضوع.تتهمون جهات معينة بعرقلة عمل العدول، وتطالبون بإلغاء مؤسسة قاضي التوثيق، أليس ذلك تحاملا منكم في الوقت الحالي؟خطاب القاضي عقبة كؤود في وجه الوثيقة العدلية لأن دوره الرقابي عليها لم يعد له اعتبار من وجوه، أن خطاب القاضي من الناحية الفقهية، لم يكن إلا تعريفا بالعدول الممارسين في دائرة نفوذه، لدى من لا يعرفهم خارجها من القضاة، حتى تكتسي الوثيقة طابعها الرسمي ولا علاقة للخطاب بمضمون الشهادات، كما هو الحال اليوم .غياب التخصص في التكوين القضائي، بحيث يندر أن نجد في أقسام التوثيق كفاءات علمية متقنة لعلم الوثائق كما قعده الفقهاء، والأدهى من ذلك أن الأجيال الجديدة من القضاة يعينون في قضاء التوثيق تحت طائلة الإكراهات الإدارية، لا التكوين التخصصي المرصود لهذا الغرض. وقاضي التوثيق لا يساءل عند تعرض العدول للشكايات الكيدية أو حتى تلك الناتجة عن إخلالات مهنية، فما دور القاضي إذن في أن لا تكتسي الوثيقة طابعها الرسمي إلا بعد خطابه عليها وهو لا يتحمل أدنى مسؤولية مع العدول فيها ؟ أجرت الحوار: كريمة مصلي

واقع مهنة العدول لا يعكس دورها في المجتمع

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جمعية العدول تطالب بتوحيد التوثيق مساواة في الحقوق الوطنية

العدول ضمن دائرة الحوار حول إصلاح العدالة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات