دراسة: حينما تعطل نصوص القانون بقرار قضائي (الحلقة الأولى)

صنم القانون بالمغرب يجب أن يكون جسده وبصره من حديد لا من شمع سهل الإذابة والتشكيل اخترت نشر تعقيبي الثاني على الأستاذ المحترم «إبراهيم بحماني»، رئيس غرفة الأحوال الشخصية والميراث بالمجلس الأعلى بجريدة الصباح كما الأول، لأن وجهة نظره نشرها في مجلة محترمة وكبيرة القامة، لكنها تدخل بيوت رجال القانون فقط في الغالب، وبالتالي فهي لن تصل إلى أكبر عدد من القراء، ولكن خطورتها تكمن في أن رجال القانون وخصوصا القضاة إذا آمنوا بها ستنفذ على كل المغاربة وتحرم كل طالبات التطليق من المتعة.... المعروف أن الاجتهاد القضائي لا يحضر إلا إذا غاب القانون عن تحديد واقعة أو حالة معينة بنص، أما إذا كان القانون حاضرا وكان في مبناه ومعناه غامضا، فهنا لا يتدخل القاضي بالاجتهاد وإنما بالتفسير فقط، فالقاضي لا يحرك ويشغل مفتاح الاجتهاد في قضية معينة، إلا إذا أهمل القانون الإشارة إليها أو تنظيمها.أما إذا كان القانون صريحا في التنصيص على حالة معينة، وتدخل القاضي بما سماه بذبيحته اجتهادا لينحو منحى مغايرا ومخالفا لنص القانون، فهذا لا نسميه اجتهادا وإنما خروجا عن النص القانوني وتعطيلا له، بل هو تدخل من القاضي في اختصاصات السلطة التشريعية، حينها يصبح القاضي مشرعا، بل إن حكمه هذا قد يفتح الباب لأهواء بعض القضاة مستقبلا لتعطيل النصوص القانونية بدعوى اجتهادهم الشخصي الذي يخالف النص القانوني وفلسفة المشرع، وهذا سيدخلنا ويدخل المجتمع والسلط كافة ورجال الفقه والقانون في صراعات ومقارعات ومجادلات لا نحتاج إليها، فالقانون يجب أن يكون هو المبتدى والمنتهى، فكل مصدر من مصادر القانون له مكانته ورتبته التي يجب على القاضي احترامها وتطبيقها في أحكامه، التي يجب أن تحترم كذلك التدرج القانوني من قانون وتفسير لنص القانون في حالة غموضه لتنتهي إلى الاجتهاد القضائي في حالة غياب النص لنحافظ على استقرار القضاء والأحكام القضائية واستقلالية السلط عن بعضها وعدم تدخل أي سلطة في مهام السلطة الأخرى، فصنم القانون بالمغرب يجب أن يكون جسده وبصره من حديد لا من شمع سهل الإذابة والتشكيل. مناسبة هذا التقديم هو الرد على الأستاذ المحترم «إبراهيم بحماني» رئيس غرفة الأحوال الشخصية والميراث بالمجلس الأعلى، وهو الرد الثاني للعبد الضعيف على وجهة نظر تم التعبير عنها من طرفه في العدد 72 من مجلة قضاء المجلس الأعلى بعد نشر القرار الصادر عن المجلس الأعلى رقم 123 بتاريخ 21/9/2011 والذي يخلص إلى حرمان كل إمرأة طلبت التطليق للشقاق من مستحق المتعة، وهو القرار الذي زكي بتعليق مؤيد وممجد للقرار المذكور، معتبرا هذا التوجه الجديد المعبر عنه، هو الذي يجب أن تسير عليه المحاكم، لكننا اعتبرناه اتجاها خاطئا مخالفا بشكل صريح للقانون ولفلسفة مدونة الأسرة ونشرنا تعقيبنا في جريدة «الصباح» في شهر فبراير 2011، فما كان من الأستاذ إبراهيم بحماني إلا أن جمع حقائب مداركه، ومعارفة الفقهية وركب قطار التعقيب على ردنا، محاولا الدفاع عن وجهة نظره التي مازال يؤمن بها ومازلنا لم نفلح في زحزحته عن اعتقاده، لذلك وبما أننا نؤمن بأن الرجل رجل قانون مطالب بتطبيق القانون والعارض كذلك رجل قانون يحتكم قبل أي شيء في دفاعه على القانون، فسنحاول أن نعري للمرة الثانية وجهة نظر الأستاذ بحماني من لباسها غير القانوني، حتى لا تتسربل بها وتعتنقها أفئدة بعض من يميل بهم الهوى كلما رمى أحد رجال الفقه شباكه واصطادته هذه الأخيرة، وسبيلنا في ذلك الفقرات التالية الفقرة الأولى : مقارعة قانونية محمودة بعد أن كانت المواجهات الأدبية بين شيوخها هي وقود الجرائد والمجلات العربية فيما سبق في مختلف الأقطار العربية حين كانت الحروب الأدبية بين العقاد وطه حسين ومصطفى صادق الرافعي وآخرين تتجاوز حدود دولتهم لتحط الرحال بدول أخرى، كان من الصعب جدا أن تطرح فكرة جديدة دون أن تجد من يقيمها أو ينتقدها بالإيجاب أو السلب، كذلك عرفت الساحة القانونية مقارعات قانونية في العقود الماضية بين رجال قانون كان كل يدافع عن وجهة نظره ويدفع بوجهة نظر خصمه، كانت هذه المقارعات والمواجهات ذات الروح الرياضية تعطي للبحث العلمي والكتابة بشكل خاص قيمة مضافة، تعطي الانطباع للكاتب على أن هناك من يقرأ له، ويخصص من وقته المزدحم ساعات وأحيانا أياما للرد على وجهة نظر يخالفها. لكن مع الأسف الشديد، أصبحنا في زمن عز فيه النقد والانتقاد والمواجهات والمقارعات القانونية والأدبية أيضا حتى اشتقنا إليها من فرط بعدها وابتعادنا عنها.مقارعات كان لها متبارون وكان لها جمهور منقسم ، كل يشجع مريده، وأنا في الحقيقة جد ممتن للأستاذ إبراهيم بحماني على تعقيبه على ردي واستماتته في الدفاع عن رأيه، وكنت أنتظر رده منذ مدة طويلة، فقد بلغني من حيث لا يدري أنه يستعد للتعقيب علي وتأكيد وجهة نظره، وإن طال زمن كلمته الثانية فقد سطرها في المجلة نفسها التي نشر فيها تعليقه الأول، أما تعقيبي الثاني عليه فسأنشره بجريدة الصباح كما الأول، لأن وجهة نظره نشرها في مجلة محترمة وكبيرة القامة، لكنها تدخل بيوت رجال القانون فقط في الغالب، وبالتالي فهي لن تصل إلى أكبر عدد من القراء، ولكن خطورتها تكمن في أن رجال القانون وخصوصا القضاة إذا آمنوا بها ستنفذ على كل المغاربة وتحرم كل طالبات التطليق من المتعة، لذلك فأعتقد أن نشري للتعقيبين بجريدة الصباح هدفه الرئيسي هو أن تصل فكرتنا ومنافحتنا عن حقوق المرأة المغربية التي كتب عليها الفراق إلى أكبر عدد من القراء حتى يكونوا على بينة من أمرهم وحتى يتصدوا له إذا ما آمن القضاة الشرعيون بوجهة نظر كبيرهم. فمهما تكن نتيجة هذه المقارعة والتي أعتقد أننا حسمناها في تعقيبنا الأول، بعد أن ترك قضاة المغرب هذا الاجتهاد جانبا ولم يعملوا به واستمروا في تحديد المتعة لطالبة التطليق للشقاق، رغم أن بعض رؤساء المحاكم بعد صدور القرار والتعليق مباشرة عليه، تكلموا عن هذا الاجتهاد في جموعهم العامة وطلبوا من القضاة العمل به والسير على نهجه، لكن بعدما نشر تعليقنا في جريدة واسعة الانتشار اسمها «الصباح» عاد هؤلاء وراجعوا القوانين والنصوص وعادوا بعد ذلك عما طلبوه من قضاة محاكمهم والذي لعبت في توجههم هذا مكانة الاجتهاد القضائي في اعتقاد القاضي المغربي لعبتها الغير محسوبة قانونا. والأن بعد أن مهدنا لتعقيب الدفاع والجهاد عن وجهة نظرنا، وقدمنا له بفقره تفتح شهية المتلقي والمتتبع ننتقل إلى الفقرة المفتاح هنا والتي لن تكون غير الفقرة الثانية. بقلم: رشيد وهابي, محام بهيأة الجديدة دكتور في الحقوق

دراسة: حينما تعطل نصوص القانون بقرار قضائي (الحلقة الأولى)

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ضخ 260 مليون درهم في خزينة "دوزيم"

كتاب الضبط يردون على الودادية الحسنية للقضاة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات