“باركينغات” البيضاء … حرب الاستنزاف

أسعار ركن السيارة بالمرابد العمومية الجديدة تحطم أرقاما قياسية أعلن مجلس مدينة البيضاء عن انتهاء الأشغال بعدة مرابد عمومية، وتبادل منتخبون التهاني بتحقيق أحلامهم في توفير مواقف السيارات، في مناطق ظل العثور فيها على مكان لركن سيارة أشبه باختفاء إبرة وسط القش. توجه بيضاويون إلى بعض مواقف السيارات الجديدة، خاصة بوسط المدينة، واكتشفوا أن وعود مجلس المدينة بتوفير المرابد العمومية، ليست إلا حيلة جديدة لاستنزاف أموالهم، فالمرابد التي تصنف ضمن الخدمات التي من المفترض أن يقدمها المجلس بمبالغ في المتناول فاقت أسعارها أثمنة الشركات الخاصة. يقول مستشار جماعي ل"الصباح" إن مجلس المدينة لا يعترف إطلاقا بالخدمات المجانية أو على الأقل بأثمنة رمزية، ولا يفكر إلا في تحقيق أرباح تلحق خسائر مالية بميزانيات الأسر، فلا توجد خدمة تشعر البيضاويين أن هناك منتخبين يفكرون في مساعدتهم. في كل دول العالم، تقريبا، توجد خدمات عمومية مجانية، إلا في البيضاء التي يرى المسؤولون عن إدارة شؤونها أن البيضاويين "بقرة حلوب" تدر مبالغ مالية كبيرة، وتنقذهم من ورطتهم في استخلاص الضرائب، والأولى إرهاق البيضاويين ماليا، علما أن هذه الخدمات تفوق أسعارها أسعار الشركات الخاصة. فهل تحول المجلس من تدبير شؤون المدينة إلى شركة لجني أرباح خيالية؟ ويقول المستشار نفسه ألا أحد يناقش في دورات المجلس أو اللجان تخفيض أسعار بعض الخدمات، فالمجلس الذي يفتخر بإنجاز المشاريع الكبرى يهتم بالأساس بجني أرباح منها، بل ازداد الأمر استفحالا مع دخول شركات التنمية على الخط التي كلفت بتدبير المرافق العمومية وتسعى إلى جني أرباح. بعد الانتهاء من تشييد المرابد العمومية، كشف مجلس المدينة عن قائمة التعريفات الخاصة بأهم "الباركينغات" التي تسيرها شركات التنمية المحلية المحدثة، واحتفل بتخفيف الضغط على أهم النقط الحيوية بالمدينة، وأعلن عن أسعار وطريقة احتساب تعريفة ركن السيارة غريبة، هدفها إخفاء حقيقة أسعارها المرتفعة، ف"باركينغ" المسرح الكبير، المفتوح للعموم، يتوفر على 724 مكانا لركن السيارات، ويصل ثمن وقوف السيارة في الساعة الأولى إلى خمسة دراهم، وثمانية دراهم لمدة تتراوح بين ساعة إلى ساعتين، وعشرة دراهم من ساعتين إلى 3 ساعات، و12 درهما من 3 ساعات إلى 4، و14 درهما من 4 ساعات إلى 5، و16 درهما من 5 ساعات إلى ست، و20 درهما من ثماني ساعات إلى 12 ساعة، ولأزيد من 24 ساعة 30 درهما، كما يتم حساب درهم لكل ساعة إضافية. كما وضعت الشركة نفسها انخراطات ل"باركينغ" ساحة محمد الخامس حدد سعره في 400 درهم شهريا لانخراط النهار، و500 درهم شهريا لليل والنهار. مفارقات حددت الشركة ذاتها الهدف من إنجاز موقف السيارات بساحة الراشيدي في تغطية النقص الذي عرفته أماكن ركن السيارات جراء إعادة تهيئة حديقة الجامعة العربية، وإغلاق زنقة عبد الرحمان الصحراوي، وزنقة "بيير وماري كيري"، وكذا وضع مخطط جديد للجولان بالمنطقة، إضافة إلى الطلب الذي ستنتجه أنشطة المسرح الكبير الموجود في طور البناء، خاصة أن المربد يسع لأزيد من 700 سيارة، ويستجيب للمعايير الدولية، وكلف إنجازه غلافا ماليا إجماليا قدره 130 مليون درهم مصدرها أموال البيضاويين، وحين انتهى المشروع سيستمر البيضاويون في أداء مبالغ قدرها خمسة دراهم للساعة الواحدة، في حين أن الشركات الخاصة تحدد سعر الساعة الواحدة في درهمين... إنها مفارقة التسيير الجماعي. ولأن مجلس المدينة لا يبدع، إلا لإنهاك ميزانية الأسر، فقد اكتشف أن سوق المعاريف يشهد إقبالا كبيرا، فقرر أن تحطم أسعار "باركينغ المهدي بنبركة بمحاذاة السوق كل الأسعار، فوضعت الشركة المكلفة تعريفة خاصة لما بين التاسعة صباحا والثامنة مساء، حددت في 3 دراهم لكل نصف ساعة، أما الفترة ما بين الثامنة مساء إلى التاسعة صباحا فحددت لها تعريفة 30 درهما، مع وضع غرامة 40 درهما لكل من أضاع تذكرة المربد. ويرتفع سعر الانخراط الشهري ب"باركينغ" بنبركة إلى 600 درهم شهريا بالنسبة لمن أراد ركن سيارته نهارا فقط، و 800 درهم شهريا لمن أراد ركنها ليلا ونهارا. ركود تجاري لا يفكر مرتادو المحلات التجارية بالمعاريف إلا في مكان لركن سياراتهم، خاصة أن أسعار المربد العمومي خيالية، حسب وصف أصحاب المحلات التجارية، وتدفع الزبناء إلى التوجه صوب أسواق أخرى، حتى أصيبت المحلات بركود تجاري، فركن ساعة واحدة بالمربد يصل إلى خمسة دراهم، و10 دراهم لما بين ساعة إلى ساعتين، و 15 درهما لما بين ساعتين و ثلاث، و18 درهما لما بين 3 ساعات وأربع ، و 20 درهما بين 4 ساعات و5، و22 درهما لما بين خمس ساعات وست ساعات، و30 درهما لما بين ثماني ساعات و12 ساعة، في حين يصل السعر لأزيد من 24 ساعة إلى 40 درهما، كما يتم حساب درهم لكل ساعة إضافية. كما وعدت الشركة المكلفة بتسيير المرابد بأن تواكب مرابد "ليون الافريقي"، و11 يناير ومربد "فيليكس ماكس" (قرب فندق حياة ريجنسي)، التعريفات نفسها المعتمدة بالنسبة إلى مربد محمد الخامس، في حين سيؤدي القاطنون قرب هاته المرابد 150 درهما انخراطا لثلاثة أشهر، و285 درهما للانخراط نصف السنوي، و540 درهما للانخراط السنوي. أما بخصوص الشركات، فوضع رهن إشارتها "اشتراك مهني" حدد في 1200 درهم لثلاثة أشهر، و 2280 درهما انخراطا نصف سنوي و4320 درهما انخراطا سنويا. يجد البيضاويون أنفسهم في ورطة، فالمستخدم الذي يشتغل بوسط المدينة، مثلا، يجد نفسه مجبرا على أداء مبالغ مالية ترهق ميزانيته، وتدفعه إلى التفكير في التخلي عن سيارته، خاصة أن مواقف السيارات التي يحتلها بعض الحراس يصل الركن فيها لمدة محدودة إلى 10 دراهم. مفارقات كثيرة، فمنتخبون بمجلس المدينة يشعرون بالسعادة لإنجاز مشاريع كبيرة، لكنهم يتجاهلون استغلال البيضاويين ماليا، حتى أن مرابد عديدة أصبحت خاوية على عروشها يقاطعها البيضاويون، ما يطرح أكثر من سؤال عن جدوى تشييدها. خالد العطاوي

“باركينغات” البيضاء … حرب الاستنزاف

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إبداع في تسريب الممنوعات إلى السجون

قافلة لجراحة القلب بتافيلالت

مقالات ذات صلة