منتجع أوكايمدن الجبلي يعاني الإهمال

الإقبال بلغ ذروته الأحد الماضي رغم غياب البنيات التحتية شهد منتجع أوكايمدن السياحي، يوم الأحد الماضي، إقبالا كثيفا للسياح المغاربة، إذ توافد عليه حوالي 6 آلاف زائر لقضاء عطلة نهاية الأسبوع لتزامنها مع عيد المولد النبوي، بالإضافة إلى توفر الثلوج التي أضفت على المنطقة رونقا سرعان ما تحول إلى وبال على زوارها عند مغادرتهم المحطة، إذ قضى أغلب السائقين حوالي سبع ساعات للعودة إلى مراكش رغم قصر المسافة الفاصلة بين هذه الأخيرة والمنتجع الجبلي. وأوضح شهود عيان أن مغادرة المحطة تطلبت منهم حوالي ثلاث ساعات ونصف، صب خلالها السائقون غضبهم على الجماعة القروية المحلية، في حين استنكر بعضهم دور وزارة التجهيز التي عهد إليها بمراقبة البنيات التحتية والطرق. أوكايمدن قبلة المتزلجينتقع محطة أوكايمدن على بعد 70 كيلومترا من مراكش وسط جبال شاهقة، وهي محطة سياحية تستقطب عند نهاية كل أسبوع، خلال موسم الثلوج عشرات الرحلات الجماعية من مختلف المدن المغربية، كما يفد عليها أفواج من الأجانب من هواة الرياضات الجبلية في إطار رحلات تنظمها وكالات الأسفار لتظل المنطقة فارغة طيلة أيام الأسبوع.على طول الطريق الرابطة بين مراكش ومحطة أوكايمدن كانت عشرات الحافلات والسيارات تلف منعرجات الأطلس الكبير الغربي، حيث يعرض بعض السكان على جنبات الطريق منتوجات فلاحية، وأخرى من الصناعة التقليدية المحلية، كما يعاين الزائر منازل جبلية ومداشر تعزلها شعاب وأودية عميقة.تتوفر منطقة أوكايمدن على معطيات طبيعية ومناظر جبلية تكسوها الثلوج خلال فصل الشتاء قبل أن تتحول في الربيع إلى منتزهات خضراء، ما جعلها مجالا سياحيا بامتياز، إلا أن الخصاص في البنيات التحتية وإهمال المسؤولين للمنطقة جعلها تئن تحت وطأة الإهمال والتهميش وحولها من مكان للترفيه إلى مغامرة محفوفة بالمخاطر، خاصة أن سكان الجماعة لا يجدون الظروف الملائمة للتعامل مع السياح الوافدين بشكل يساهم في إنعاش اقتصاد المنطقة.تِؤدي كل سيارة مبلغا ماليا للدخول إلى المحطة، يحدده الحارس بمزاجه، إذ يتسلم من السياح الأجانب ما بين 50 و150 درهما أحيانا، وهم كثر يأتون للاستمتاع بساعات من التزحلق على الجليد الأكثر استقطاباً للزوار خلال فصل الشتاء، رغم أن المحطة لا تتوفر سوى على ميدان واحد لممارسة رياضة التزحلق على الجليد، تصل مساحته إلى ما يقارب 300 هكتار، لكنه يشكل، رغم ذلك، موقعاً يضيف تنوعاً على السياحة، وأكد بعض زوار المنطقة الذين يستمتعون بتنوع وروعة طبيعتها، أنها تشكل فضاء للترويح عن النفس والترفيه، خاصة في الأوقات التي تسجل فيها تساقطات ثلجية، مشيرا إلى أنه «من الضروري تأهيل الموقع حتى يتمكن من استقطاب السياح على مدار السنة».وتتوفر المحطة على بنية استقبال عالمية لعشاق الرياضات الثلجية، منها أعلى «تيلي سييج» بأفريقيا (عربات معلقة بسلك واحد) يصل علوها إلى 2300 مترا، وستة «تيلي سكي»، أوضح بعض السياح أنها ظلت معطلة طيلة يوم عيد المولد النبوي ولم يتم تشغيلها، فضلاً عن عدد من الفنادق والمطاعم والمنتجعات الجبلية، لكن هذه التجهيزات تبقى غير كافية بالنظر إلى تنوع وغنى هذا الموقع وعدد الأنشطة التي يقدمها للأشخاص غير المولعين برياضة التزحلق على الجليد، والذين يفضلون، على الخصوص، التنزه والصيد واستكشاف النقوش الصخرية، التي يرجع تاريخها إلى حوالي 2100 سنة قبل الميلاد، ما يجعل المكان قبلة لعشاق السياحة الجبلية والرياضية والثقافية كذلك.سكان المنطقة يعانون قساوة المناخ والفقرتشهد المحطة خلال نهاية الأسبوع اكتظاظا، إذ يتراوح عدد الوافدين أحيانا ما بين ثمانية وعشرة آلاف زائر، ما يفرض ضرورة تحديد عدد الجولات السياحية وتهيئة المجالات المخصصة لكل نشاط وتوفير التجهيزات لجمع النفايات والتفكير في نهج تدبير مفوض لهذه المحطة على غرار ما يجري بالعديد من الدول.تعتمد منطقة أوكايمدن على فلاحة جبلية تقليدية وتربية الماشية، بالإضافة إلى بعض الأشجار المثمرة القليلة، بالاعتماد على هذا القطاع يظل دخل السكان هزيلا، ما يؤثر على الاقتصاد المحلي ويجعلهم تحت رحمة النشاط السياحي، رغم موسميته، فقد تحول العديد منهم إلى باعة متجولين يعرضون منتوجات من الصناعة التقليدية عانوا خلالها الأمرين مع السلطات المحلية سابقا إذاشتغلوا بها مدة طويلة، وما زال بعضهم يتذكر معاناتهم مع القائد، إذ يقول العديد منهم: «نمارس هذه التجارة منذ أزيد من عشرين سنة، وقد خصص لنا المسؤولون سابقا مكانا لعرض منتوجاتنا التي تلقى إقبالا من طرف زوار المحطة، لكننا فوجئنا بأحد القياد يطاردنا»، وأرجع بائع آخر سبب المطاردة إلى علاقة ذلك القائد مع أحد الأجانب الذي اقتنى فندقا على قارعة الطريق وشرع في التضييق عليهم، وأضاف: «لقد وجد ضالته في القائد الذي كان يتردد على فندقه، نحن مستعدون لتأدية واجبات الأرض، ونطالب الجماعة ببناء دكاكين أو براريك، أو الترخيص لنا ببنائها نظرا للإقبال الذي تعرفه هذه المنتوجات».تحول الباعة إلى عرض سلعهم وراء محطة وقوف السيارات، الأمر الذي يعتبرونه «جورا» في حقهم، في الوقت الذي تصر السلطات على أنها ترقى إلى تنظيم محطة أوكايمدن، لكن الباعة يستغربون للكيفية التي تم بها تفويت قطعة تابعة للأملاك المخزنية لصاحب أحد الفنادق الموجودة بالساحة الذي عمد إلى تشجيرها.الأزبال تغزو المكان وضعف في البنيات التحتيةيعمد السكان إلى كراء البغال للزوار، في حين يعرض البعض الآخر أذوات التزحلق التي يبقى دخلها محدودا، ليتحول السكان إلى «ديكورات فلكلورية» يقتاتون مما يجود به الزوار عليهم ولم يستفيدوا من السياحة بالمنطقة سوى قلة من المستثمرين شيدوا منشآت سياحية تدر أرباحا طائلة لم تظهر عائداتها على المنطقة التي تشكو نقصا مهولا في التجهيزات التحتية وكثرة التلوث، فوضعية المراحيض العمومية بالسويقة متردية، في حين يذكر البعض أن المنطقة كانت تتوفر على محطة للتطهير السائل، لكنها توقفت عن العمل منذ مدة طويلة وتتجه النفايات السائلة نحو بحيرة السد عند مدخل المحطة، ما قضى على عدة أنواع من الأسماك، ولولا تدفق المياه الملوثة نحو الوادي لتحولت تلك البحيرة التي تضفي جمالية عن المحطة إلى بركة آسنة تضر بالبيئة والإنسان، وهو ما يحدث أحيانا بالدواوير الواقعة بالأسفل.تنتشر الأزبال في أرجاء المحطة وعمدت الجماعة إلى إقامة مطرح لجمع الأزبال والنفايات الصلبة بالقرب من محطة وقوف السيارات والحافلات لتستقبل زوارها بروائح كريهة لولا تدخل إحدى الجمعيات سابقا التي لقيت عراقيل كثيرة.ويذكر أن بعض المحسنين حاولوا بناء مسجد بالمنطقة لكنهم لم يجدوا تشجيعا من طرف المسؤولين بالجماعة، كما تفتقر المنطقة إلى مركز للدرك، أما المستوصف فلا يشتغل إلاّ خلال نهاية الأسبوع ليظل السكان المحليون محرومين من العلاج والتطبيب.وفي غياب التشجير بالمنطقة يتلهف الزوار أحيانا بحثا عن ظلال تقيهم حرارة الشمس التي انعكست أشعتها على الثلوج، يغنون ويمرحون في غياب أماكن للراحة باستثناء كراسي بعض المقاهي بالسويقة التي تنتشر بأرضيتها الحفر والبرك المائية الجامدة تساهم في سقوط بعض الزوار و تكون عواقبها خطيرة.وتشكل محطة أوكايمدن، نظرا لظروفها المناخية، مرعى صيفيا يقصده سكان الدواوير المجاورة» العزابة» بماشيتهم، شيدوا أكواخا من الحجر تعاند «الشاليهات» والفنادق بمكيفاتها الهوائية ومداخنها في تحد لأشعة الشمس الملتهبة، رغم أنهم يمنعون من الرعي خلال الفترة الممتدة من فاتح أبريل إلى غاية منتصف يوليوز، علما أن العديد من المنشآت شيدت على مراع خصبة يحتاجها السكان في تغذية أغنامهم الجائعة. وتضم منطقة أوكايمدن فندقين مصنفين أحدهما من فئة 5 نجوم، ومقرا للشبيبة والرياضة ومقرا للجامعة الملكية المغربية للرياضات الشتوية، ثم الثكنة العسكرية وناديا خاصا بالرياضات الجبلية، بالإضافة إلى دكاكين ومقاه شعبية ومقر للأشغال العمومية والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب الذي يسهر على محطة التزحلق وآلاتها الكهربائية بالإضافة إلى توفير الماء للمحطة عبر حوضين. معضلتا التعليم والنقل توجد أقرب مؤسسة تعليمية على بعد حوالي 10 كيلومترا يتكبد خلالها الصغار قسوة الظروف المناخية وصعوبة المسالك، وأفاد أحد السكان أن جمعية النور قامت ببناء حجرة دراسية لمحو الأمية مع سكن وظيفي للأستاذ بتنسيق مع نادي الأشرطة البيضاء وجمعية ساعة الفرح من البيضاء، كما ساهمت في مد بعض الدواوير بالماء الصالح للشرب وإصلاح مسلك يربط المحطة بمنطقة أسني عبر «أوسرتك».لا ترتبط محطة أوكايمدن بالعالم الخارجي سوى بخطين لسيارات الأجرة في اتجاه سوق اثنين أوريكة، ومنها إلى مراكش وفي غيابهما يعتمد السكان في تنقلهم على أصحاب السيارات الخاصة أو ما يسمى ب «الخطافة» الذين يكدسون الركاب في سيارات مهترئة، رغم صعوبة الطريق ومخاطرها لكنهم مجبرون على أداء «التدويرة». محمد السريدي (مراكش)

منتجع أوكايمدن الجبلي يعاني الإهمال

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

احتجاجات بآزمور على تحويل سوق أسبوعي

ثلاثون قتيلا في قصف عنيف على حمص

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات