مدن تستقبل الحكومة الجديدة بموجات غضب

لم تكد الأوضاع الأمنية تهدأ بتازة، حتى "انفجر" سوق الأحد بوحسيسن بإقليم خنيفرة، حيث يتجمع عدد كبير من المواطنين المتضررين للمطالبة بتدخل من أعلى مستويات القرار السياسي للنظر في مشاكلهم المتراكمة. وقبلهما خيمت أجواء التوتر الاجتماعي على سماء أزيلال وتنجداد وتنغير، في ما لا يزال العاطلون وحملة الشهادات العليا يمارسون "لعبة" اقتحام أسوار المؤسسات العمومية بمدن مختلفة، تعبيرا جديدا عن غضبهم من تعثر سياسات التشغيل. المحتجون، بمختلف فئاتهم ومطالبهم، يرفعون شعار "ارحل" في وجه عدد من المسؤولين المحليين الذين يحملونهم جريرة تردي أوضاعهم الاجتماعية وتزايد أعداد العاطلين واستمرار موجة الغلاء في فواتير الماء والكهرباء والتطهير السائل وغلاء المعيشة، وتفشي مظاهر الزبونية والمحسوبية في توزيع مناصب الشغل و"التخلويض" في ملفات السكن ودعم المواد الغذائية الأساسية. الموجة الجديدة من احتجاجات المدن تتزامن مع تعيين أول حكومة في ظل الدستور الجديد يقودها حزب يجرب الحكم لأول مرة، كما تزامنت، أول أمس (الأحد)، مع مسيرات حركة 20 فبراير التي خرجت في عدد من المدن المغربية ترفع شعارات إسقاط الفساد والاستبداد، ومع مقاطعة العاطلين لمباريات الالتحاق بأسلاك الجماعات الترابية بعدد من مراكز الامتحانات. تـوتـرات بـقـرى وبـوادي خـنـيـفـرةسكان سوق الأحد أغلقوا جميع الطرق وسكان أجلموس اعتصموا داخل المركز الصحي تعيش مجموعة من قرى وبوادي إقليم خنيفرة «ثوراتها» الصغيرة لتحقيق مطالب اجتماعية بسيطة، وكشف عورات رؤساء جماعات وبرلمانيين ورئيس المجلس الإقليمي الذين هشموا وأهملوا هذه القرى ووضعوا بين مكاتبهم وشكايات السكان حواجز كثيرة.وصعد سكان سوق الأحد بوحسوسن احتجاجاتهم بخوض إضراب عام، إذ انضم إلى اعتصاماتهم أساتذة المدارس والإعدادية وموظفو الجماعة والتلاميذ والعاطلين عن العمل، لتشل الحركة في المنطقة ابتداء من أمس (الاثنين). وكان سكان المنطقة أغلقوا جميع الطرق المؤدية إلى سوق الأحد بوحسوسن، ما أدى إلى إلغاء السوق الأسبوعي أول أمس (الأحد)، كما أغلقت جميع المحلات التجارية، ولا يسمح لأي عربة بالمرور إلا إذا كانت سيارة إسعاف.وأسقط سكان سوق الأحد بوحسوسن كل المطالب الاجتماعية التي سبق أن وقعت معهم عمالة خنيفرة محضرا رسميا، تلتزم فيه بتلبية 70 في المائة ليرفعوا مطلبا واحدا وهو زيارة ملكية للوقوف على الإهمال التي تعيشه المنطقة، والخروقات التي ترتكب في حق مواطنين يعاقبهم برلمانيون من مناطق أخرى نتيجة عدم التصويت عليهم. وقال أحد ممثلي سكان الأحد بوحسوسن، في اتصال هاتفي أجرته معه «الصباح»، «لم نصل إلى مرحلة الإضراب العام، إلا بعد أن يئسنا من تحقيق أي مطلب، ولن نفكه إلا إذا تمت الاستجابة لمطلب زيارة ملكية للمنطقة، فمسؤولو العمالة هنا خسروا ثقتنا، ولن يكون بمقدورهم إقناعنا من جديد بوعود فارغة»، وأضاف المتحدث نفسه أنه سبق قبل بضعة أشهر توقيع محضر رسمي مع ممثلي العمالة، «قيل لنا إن 70 في المائة من مطالبنا ستتحقق، وعلى رأسها إصلاح الطريق الرئيسية، التي أهملت بعد إغلاق مستودع الحبوب الرئيسي هنا، وترحيله إلى منطقة أخرى، ما ساهم في الكساد الكبير التي تعرفه قرية سوق الأحد بوحسوسن».وأوضح ممثل آخر للسكان أن العمالة لم تلتزم بوعودها، بل «استهزأت بذكاء ووعي السكان حين أرسلت شاحنة لترقيع الطريق بتراب أخذته من حقول فلاحية، وهو ما أثار سخط الجميع».حاول ممثلو السكان الاتصال برئيس الجماعة الذي ينتمي إلى حزب العدالة والتنمية لفتح حوار معهم حول مطالبهم، إلا أنه رد عليهم بأن المنطقة يجب أن تعيش «كارثة»، وهو الرد الذي اعتبره السكان ملغوما، خاصة أن رئيس الجماعة كان عاطلا عن العمل قبل أن يتولى هذه المسؤولية، ليتم توظيفه في قطاع الصناعة التقليدية بمدينة خنيفرة التي تبعد عن القرية بحوالي 60 كيلومترا، «لم نعد نرى حتى وجهه، وحين نتصل به يجيبنا بأجوبة غريبة»، يقول أحد ممثلي السكان.وساهمت وفاة جنين في بطن أمه من منطقة لمباركيين بضواحي سوق الأحد بوحسوسن في تأزيم الوضعية، إذ أدى عدم توفر المنطقة على سيارة إسعاف إلى تأخر تقديم المساعدة الطبية للحامل، قبل أن تصل سيارة إسعاف تابعة إلى جمعية تنشط في محيط المنطقة، ولم تقطع نصف الطريق حتى توفي الجنين لتتعرض حياة الأم لخطر كبير. وهو وضع تعيشه نساء المنطقة وضواحيها ولم يحرك في مسؤولي المنطقة شعرة الغيرة لبناء قاعة ولادة تستقبل الحوامل وتتابع وضعيتهن الصحية، خاصة رئيس المجلس الإقليمي الذي ينتمي إلى القرية وسبق أن مثلها عدة مرات.واعتبر السكان أن ما يعيشونه هو «انتقام» تمارسه عليهم حسابات سياسية محضة، إذ يعاقب السكان الذين يصل تعدادهم إلى حوالي خمسة آلاف نسمة، على عدم تصويتهم على برلمانيين لا ينتمون إليهم ويفدون من قرى أخرى بإقليم خنيفرة، يولونها اهتمامهم الأول. مطالب السكان لا تحيد عن مطالب اجتماعية محضة تطالب بها مجموعة من القرى والبوادي الأخرى، وهي قنوات الصرف الصحي وبناء ثانوية تأهيلية وإصلاح الطريق الرئيسية وبناء قاعة ولادة وتوفير طبيب دائم في المستوصف مادامت الطبيبة الوحيدة لا تحضر، حسب السكان، إلا مرتين في الأسبوع، ما يضطرهم إلى تحمل أعباء السفر إلى قرية أجلموس التي يعرف مستوصفها اكتظاظا، أو مدينة خنيفرة. كما يطالب السكان بتوفير مناصب شغل لحوالي 30 مجازا من أبناء المنطقة، خاصة أن شباب هذه القرية وضواحيها لا يلقون أي اهتمام ويحوزون الشهادات قبل أن يعودوا إلى قراهم حيث تنتظرهم البطالة والملل، ومنهم الذين اجتازوا عدة مباريات لكن حواجز «الزبونية والمحسوبية» تقف أمام كفاءاتهم. اعتصام بالمستوصف مهمة الطبيب الوحيد بمستوصف أجلموس أصبحت أكثر من صعبة، بعد أن كان الرجل يواجه مئات المرضى يوميا يفدون من القرية والبوادي المحيطة بها. وأصبحت الأمور أكثر صعوبة اليوم بعد أن بنيت خيام محتجين داخل ساحة المستوصف لفتح الباب أمام اعتصام انخرط فيه مجموعة من السكان، وإن كان الجميع يؤيد المطالب المرفوعة.ويطالب السكان بحل مشكل البنية التحتية لثانوية مولاي رشيد، وتدبير مشكلة الخصاص المهول للأساتذة، وإصلاح الشوارع والأزقة المحفورة ومحاسبة الشركات التي رقعتها سابقا، قبل أن تتعرى في وقت قياسي. وتوسعة المركز الصحي ليتلاءم مع تعداد سكان أجلموس الذين يتعدى أربعين ألف نسمة، وتوفير أطر طبية أخرى. وكان الشارع الرئيسي لأجلموس عرف يوم الخميس الماضي موجة احتجاجات توجت بوقفة احتجاجية أمام مقر الجماعة، للمطالب برفع سياسات «الحكرة» واللامبالاة والتهميش والإقصاء التي تنهجها الجهات المسؤولة وعلى رأسها المجلس الجماعي وعمالة الإقليم. ضحى زين الدين

مدن تستقبل الحكومة الجديدة بموجات غضب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

عاطلو الرباط عازمون على التصعيد

مهنيو النقل العام يطالبون بإنهاء مظاهر الريع

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات