المحكمة الاجتماعية بالبيضاء… بداية متعثرة

شح في التجهيزات والشبكة العنكبوتية وخصاص في الموظفين ومأموري التبليغ تم، أخيرا، تفعيل التعديل الجديد الذي طال التنظيم القضائي لـ 15 يوليوز 1974 بالقانون 34.10، وبعيد صدور المرسوم رقم 2.11.492 المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 3 اكتوبر 2011 أضحت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء مقسمة في أول تجربة من نوعها إلى محكمة مدنية لم يتغير مقرها، إذ بقيت ببناية آنفا، ومحكمة اجتماعية تشكلت من قسم قضاء الأسرة وشعبة نزاعات الشغل وحوادث الشغل وبقي مقرها بالمركب الإداري بالألفة، ومحكمة زجرية ظل مقرها هي الأخرى ببناية عين السبع. رغم التعديلات التي طرأت على مستوى التقنين، بالتوجه أكثر نحو التوحيد والتخصص، فإن التجربة الجديدة للمحكمة الاجتماعية تعوقها عراقيل من حيث التطبيق الفعلي للفسلفة التي دفعت إلى هذا الاختيار، سيما أن المتقاضي لا يشعر بهذا التغيير ولا يلمسه، إن من حيث متابعة قضاياه أو من حيث ارتفاع أداء مستوى هذا المرفق الذي يستقبل يوميا مئات الطلبات، التي ينتظر أصحابها معرفة مآلها، سواء تعلقت بالزواج أو التطليق أوغير ذلك من القضايا كالنسب والنفقة وغيرهما، ناهيك عن قضايا الشغل التي بدورها تتطلب الإسراع بالبت فيها لما لها من ارتباط وثيق بحياة الفرد وكرامته.وعزا متتبعون للشأن القضائي بالدار البيضاء، أسباب التعثر الذي تعانيه المحكمة الاجتماعية، إلى الخصاص الحاد الذي تعرفه في الموارد البشرية وسوء توزيعها، وأيضا إلى فقر التجهيزات وعدم ملاءمتها مع مقولات التحديث، زيادة على ذلك هناك خصاص آخر في مأموري التبليغ والمكلفين بالتنسيق مع المفوضين القضائيين سيما أن المسطرة مجانية في القضايا الاجتماعية وقضايا النفقة.وإذا كانت المحكمة المدنية والمحكمة الزجرية ظلتا محافظتين على نسق سيرهما الطبيعي على اعتبار أن مسؤوليهما سواء منهم القضائيين أو الإداريين، قد تمت تزكيتهم في مناصبهم، فإن المحكمة الاجتماعية بالدار البيضاء ما زالت تعرف تعثرا كبيرا ولم تبدأ بعد سيرها الطبيعي وذلك من زاويتين، الأولى تتعلق بقلة الموارد البشرية والثانية تنصرف إلى ضعف التجهيز.فمن حيث الموارد البشرية تعاني هذه المحكمة خصاصا حادا في الموظفين يقدر بحوالي 40 موظفا بالنسبة إلى الرئاسة و10 موظفين بالنسبة إلى النيابة العامة، ورغم البادرة التي عمدت إليها وزارة العدل بفتح باب إعادة الانتشار، فالمحكمة الاجتماعية مازالت لم تنصف في ما يخص هذه النقطة. ويرجع هذا الخصاص من جهة ثانية إلى سوء توزيع الموارد البشرية قبيل التقسيم الجديد، إذ تم الإبقاء على العناصر المقربة وتصريف الأشخاص غير المرغوب فيهم، إما إلى شعبتي نزاعات وحوادث الشغل أو ملحقة محكمة الاستئناف بزنقة الأمير مولاي عبد الله، وهو إجراء انتقامي تأديبي أكثر منه إداريا.ويزيد حدة الخصاص لذي تعرفه المحكمة الاجتماعية بالدار البيضاء طغيان القضاء الفردي الذي أصبحت تعرفه القضايا الاجتماعية وقضايا النفقة والحالة المدنية وفق أحكام الفصل 4 من ظهير التنظيم القضائي كما تم تعديله أخيرا بالقانون 34.10، حيث أضحى كاتب الجلسة يباشر أربع جلسات في الأسبوع، ويشرف في الآن ذاته على الاطلاع على الملفات وحفظ الوثائق وتجهيز وتصفية الجلسة.خصاص آخر تعرفه المحكمة في ما يخص المهندسين المشرفين على شبكة المعلوميات والتقنين الساهرين على تضمين الإجراءات بالحاسوب، وهو ما يعود بنا إلى عهد ما قبل الألفية الثالثة، حيث كانت المراقبة بالسجلات والكنانيش هي السمة البارزة في المحاكم، كما تعاني المحكمة خصاصا في مأموري التبليغ والمكلفين بالتنسيق مع المفوضين القضائيين، خاصة أن المسطرة في القضايا الاجتماعية وقضايا النفقة هي مسطرة مجانية، وتعرف شحا في الموظفين المكلفين بالربط بين الشعب والجلسات.أما من حيث التجهيز فما زال موظفو قسم الزواج يئنون تحت وطأة البرد القارس وما زالوا يشغلون ممرات المحكمة كمكاتب قيل في عهد ليس ببعيد إنها مؤقتة في انتظار تحويل مقر ملحقة محكمة الاستئناف، وها هو المقر قد تم نقله و»ما زالت دار لقمان على حالها»، كما يعلق أحد الموظفين. وتعرف المحكمة الاجتماعية بدفتيها «الرئاسة والنيابة العامة» شحا في التجهيزات بالحواسيب وآلات الطباعة وآلات التصوير الخاصة بالإدارة والمطبوعات وعموما التجهيز المكتبي والبذل الخاصة بكتاب الجلسات، ومد جميع مكاتب المحكمة بشبكة المعلوميات والتنسيق بين الرئاسة والنيابة العامة بخصوصها.وعليه، وبما أن تجربة المحكمة الاجتماعية تعتبر وليدة التنظيم القضائي الجديد، وبما أنها تجربة فتية وتتضمن قضايا ذات طابع اجتماعي حساس «نفقة، طلاق، تطليق، حالة مدنية، تذييل الأحكام الأجنبية بالصيغة التنفيذية، شؤون القاصرين، قسم الزواج، الزواج المختلط، نزاعات الشغل، حوادث الشغل»، فإنه وجب على وزارة العدل توفير الدعم المادي والبشري اللازمين لإنجاح هذه التجربة الأولى من نوعها بمحاكم المملكة، وجعلها تجربة نموذجية يحتدى بها في باقي المدن الكبرى. الوضع الحالي للمحكمة الاجتماعية يتطلب تدخلا سريعا، إذ أنه لا مجال للحديث اليوم عن انتظارات، في محكمة احتوت مشاكل كل محاكم العمالات الأخرى التي تتكون منها الدار البيضاء الكبرى، وجعلها قبلة ذات رواج كبير، يتطلب قربا أكثر من المواطن للاستجابة إلى حاجياته، وقرب أيضا من الموظف لتحسين طريقة عمله ويدفع إلى المثابرة للإنتاج. المصطفى صفر

المحكمة الاجتماعية بالبيضاء… بداية متعثرة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

عودة جو الثقة بين المحامين وقضاة بابتدائية صفرو

عشر سنوات سجنا لأب قتل ابنه بسيدي قاسم

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات