خيارات بوليساريو … حكم ذاتي أم عمل إرهابي؟

يبدو واضحا أن مستقبل جبهة بوليساريو حسم في خيارين أساسيين لا ثالث لهما، فهي إما أن تتحول إلى حزب أو تنظيم سياسي مدني في إطار مقاربة الحكم الذاتي، وإما أن تتطور إلى تنظيم إرهابي ينشط على شريط الساحل الإفريقي لتنفيذ عمليات إرهابية معينة ضد الجميع بداعي توفير الدعم المالي لتحرير الأراضي الصحراوية من القبضة المغربية. وتتعاظم أسباب ودواعي تطور جبهة بوليساريو في الأمد المنظور، نحو أحد الخيارين المشار إليهما، بالنظر إلى التراجع الخطير في ينابيع الموارد المالية لبوليساريو من فائض المساعدات الغذائية والإعانات المالية التي كان يدرها عليها نظام معمر القذافي المقبور والجزائر وجنوب إفريقيا. كلها عوامل تطرح تداعيات حقيقية حول ضرورة إعادة تدبير بوصلة الخط السياسي للجبهة قبل أن تنعطف في اتجاه تنظيم راديكالي وإرهابي لميليشياته المسلحة.وتتقوى مؤشرات توجه بوليساريو نحو خيار العمل الإرهابي لدواع موضوعية، منها تراجع التأييد الدولي لموقفها من الناحية السياسية، وكذا لارتفاع حدة الاحتقان الاجتماعي داخل مخيمات تندوف في ظل اختلالات تدبيرية وتنظيمية وعسكرية، وهي العوامل التي حذت بعناصر من الجبهة إلى تنفيذ عملية اختطاف ثلاثة أوربيين يعملون متطوعين إنسانيين داخل مخيمات تندوف.حدة الضغوط الداخلية ومتطلبات تأمين حراكها الاجتماعي والسياسي كالمطالبة بتحسين عيش سكان المخيمات أو المطالبة برحيل عبدالعزيز المراكشي من على رأس الجبهة، يتسبب في مزيد من تهميش ما يسمى «الجيش الصحراوي»، ويزيد راديكاليته تطرفا وبعدا عن التوجهات السياسية لقيادة بوليساريو سيما بعد انعزال القادة للعيش في العواصم العالمية بعيدا عن الواقع البئيس للمخيمات.إن التفكير في مستقبل تنظيم بوليساريو اليوم تفرضه المتغيرات الدولية والإقليمية، خاصة بعد الربيع العربي الذي عصف وسيعصف بكل الديكتاتوريات ومنها ديكتاتورية عبدالعزيز المراكشي الذي أعيد انتخابه للمرة الحادية عشرة على رأس بوليساريو، وهي مؤشرات لا تبشر واقع المنطقة إقليميا ومحليا بالهدوء المنشود، لأن الجبهة وفي ظل تراكم نكساتها الدبلوماسية الدولية والمحلية، فضلا عن ما تعيشه من نقص في المساعدات الغذائية والمالية وفضلا عن عزلة القيادة عن اللاجئين للعيش في قصور بالعواصم الدولية، من شأنه أن يفجر الوضع الداخلي للجبهة سيما داخل شقها المسلح، الأمر الذي يستحيل معه التحكم في الترسانة العسكرية لجبهة بوليساريو الانفصالية، وما سيترتب عن ذلك من تحول أعضاء الجيش الصحراوي إلى فلول إرهابية غير منضبط.وتزداد دلالة هذه المؤشرات قوة بما أورده التقرير الأدبي للمؤتمر الأخير للجبهة من أن أهم تحديات بوليساريو المستقبلية تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، وبالغ تأثيرها على تقلص المساعدات الغذائية وسخاء الدول الداعم لها بالمال، وهو ما يعني أن الجبهة ستعيش في المستقبل على مستوى الأمن الداخلي كابوسا حقيقيا يهدد وجودها.والحق أن ما يهدد بوليساريو اليوم ليس تفاعلات صراع الدبلوماسية المغربية والجزائرية على خلفية النزاع حول الصحراء الغربية، ولكن تحدي الاستقرار الداخلي لمخيمات اللاجئين وثكنات مليشيات بوليساريو، بعد تقليص الدول المانحة من الإنفاق الموجه للمساعدات الإنسانية بصفة خاصة، مثل برنامج الغذاء العالمي سيما المساعدات المخصصة للاجئين.وأمام هذا الواقع تتشابك خيوط العمل الدبلوماسي لبوليساريو، ما سيعكس انحدار الأداء الدبلوماسي على المستوى الدولي، أو المحلي، لصالح أصوات باتت تدعو إلى الإسراع بحل النزاع في الصحراء والعيش في ظل نظام مدني وديمقراطي بعيداً عن حالة اللاحرب واللاسلم التي تقيم عليها بوليساريو وجودها. عبد الفتاح الفاتحي: (عن موقع العربية.نت بتصرف)

خيارات بوليساريو … حكم ذاتي أم عمل إرهابي؟

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

النقابات الموريتانية تدين قرار طرد مراسل "لاماب"

أزمة "الأورو" تهدد النموذج الاجتماعي الأوربي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات