مسؤولية وزارة العدل تجاه المحاكم

التنازع الحاصل بشأن تدبير المحاكم تنازع غايات (2/2) بقلم: يوسف مصار * تتجلى تمظهرات خضوع المحاكم للسلطة التنفيذية من خلال مقتضيات مشروع التنظيم القضائي، في تحديد: تحديد الخريطة القضائية لقد نص المشرع في المادة الثانية من مشروع التنظيم القضائي على أنه : " تحدد الخريطة القضائية و توزع المحاكم على التراب الوطني بمرسوم بعد استطلاع رأي المجلس الأعلى للسلطة القضائية والهيئات المهنية المعنية ..." يتضح من خلال هذا الفصل أن مجال تحديد الخريطة القضائية هو مجال تنظيمي تختص به الحكومة من خلال إصدار آلية المراسيم، و هو شيء طبيعي لأن الحكومة هي المسؤولة عن الخدمات المرفقية المقدمة للمواطنين في كل ربوع المملكة، على اعتبار أن من يراقبها - وفق نظرية الديمقراطية التمثيلية- هو الشعب عبر نواب الأمة . " الملاحظة نفسها تهم إنشاء الأقسام المتخصصة الذي يتم بناء على مرسوم وفق مقتضيات الفقرة السادسة من المادة 43 من مشروع التنظيم القضائي." مجانية التقاضي في الحالات القانونية تطرقت لهذا المبدأ المادة السادسة من مشروع التنظيم القضائي، وما يهمنا هنا هو ربط المجانية بنظام المساعدة القضائية التي يبقى تحديد المبالغ المستحقة بشأنها بالنسبة للمحامين من اختصاص السلطة التنفيذية، و هو الشيء الذي تم بعد التفاوض مع جمعية هيآت المحامين، لأون الأموال المخصصة لنظام المساعدة القضائية مدرجة ضمن أسطر الميزانية العامة للدولة في شقها الخاص بقطاع العدل . لغة التقاضي نص على ذلك المشروع في المادة 14 التي جاء فيها على انه: " تظل اللغة العربية لغة التقاضي وصياغة الأحكام القضائية، مع تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية طبقا لأحكام الفصل 5 من الدستور " إن تنزيل الطابع الرسمي للأمازيغية هو مجال محفوظ للسلطة التنفيذية على اعتبار أن القانون الذي سينظم مجال تنزيلها هو من القوانين التنظيمية، ووفقا لاجتهاد الأمانة العامة للحكومة في عهد إدريس الضحاك فإن القانون التنظيمي يجب أن يأتي في شكل مشروع قانون تعده الحكومة ويتدارسه المجلس الحكومي و يحال على المجلس الوزاري، و بعد ذلك يحال على البرلمان، أي ان مجال تنزيل هذا المقتضى هو مجال محفوظ للسلطة التنفيذية. وضعية كتابة الضبط لقد أشارت المادة 19 بصريح العبارة على أن هيأة كتابة الضبط تعمل تحت سلطة ومراقبة الوزير المكلف بالعدل، وهو شيء طبيعي لأن المنتمين لها هم موظفون عموميون يخضعون للنظام الأساسي للوظيفة العمومية، علما أن أوصاف البذلة التي يجب ان يرتديها كاتب الضبط تحدد بمقتضى مرسوم تصدره السلطة التنفيذية وهو ما نصت عليه المادة 20 من مشروع التنظيم القضائي. الإشراف الإداري و المالي نصت المادة 21 من المشروع على أنه : " تتولى الوزارة المكلفة بالعدل الإشراف الإداري والمالي على المحاكم بتنسيق و تعاون مع المسؤولين القضائيين....." إن هذا المقتضى هو تحصيل حاصل لاعتبار المحاكم وحدات إدارية، فالإدارة بشكل عام موضوعة رهن إشارة الحكومة وفق مقتضيات الفصل 89 من دستور 2011 الذي نص على أنه : "تمارس الحكومة السلطة التنفيذية، تعمل الحكومة تحت سلطة رئيسها على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين، والإدارة موضوعة تحت تصرفها ......." ومن ثَمَّ فالإشراف الإداري و المالي على المحاكم يقع على عاتق السلطة التنفيذية ومن خلال مؤسسة الكاتب العام التي استحدثها مشروع التنظيم القضائي، علما أيضا أن اعتماد الإدارة الإلكترونية للإجراءات والمساطر القضائية من اختصاص الوزارة المكلفة بالعدل وفقا لمقتضيات المادة 22 من المشروع. يتضح مما سبق أن التنازع الحاصل بشأن تدبير المحاكم إداريا و ماليا، إنما هو تنازع غايات لها أهداف تنبني على فرضيتين لا ثالث لهما : الفرضية الأولى تنبني على منطق الصراع بين السلط و منطق رسم الخطوط الحمراء لمجال تدخل كل سلطة، وهذا المنطق هو منطق غير دستوري لأنه يتنافي مع المبادئ التي أقرها دستور 2011 خاصة التعاون و التوازن. الفرضية الثانية تقول بأن هذا التنازع إنما غايته في النهاية هو تحقيق النجاعة القضائية المنشودة في إطار تلاقح وتفاعل للرؤى والآراء بين مختلف الفرقاء المهنيين بشكل خاص، وهو ما يستتبع بالضرورة الوقوف عند ايجابيات فصل القضائي عن الإداري، في موضوع آخر نبرز من خلاله أهمية دور الكاتب العام و أهمية تطوير اختصاصات الإدارة القضائية في مجال تدبير الدعوى. * باحث بسلك الدكتوراه عضو المكتب المركزي لودادية موظفي العدل

مسؤولية وزارة العدل تجاه المحاكم

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ابتزاز سوري بشريط فاضح

باكوري وأثرياء ضحايا مافيا العقارات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات