الصرامة ضرورية لتقييم عمل حكومة الفاسي

السويني الباحث في المالية العامة قال إن الدستور حدد مفهوم تصريف الأمور الجارية قال منتصر السويني، الباحث في المالية العامة إن الدستور الحالي أطر مرحلة ما بعد تعيين رئيس الوزراء الجديد من خلال الفصل 47 الذي عمل على تكليف الحكومة المنتهية مهامها، بتصريف الأمور الجارية، وكذلك الفصل 87 من الدستور الذي حدد مفهوم تصريف الأمور من خلال قانون تنظيمي. وأوضح الباحث في حوار مع "الصباح" أن حكومة تصريف الأعمال تكون غير قادرة على ممارسة المراقبة، لأن التفويض يتم تحت سلطة ومراقبة الوزراء، فأي سلطة ومراقبة سيقوم بها الوزراء في فترة تصريف الأمور الجارية. في ما يلي نص الحوار: انتهت رسميا صلاحيات حكومة الفاسي، بمجرد تكليف عبد الإله بنكيران بتشكيل حكومة جديدة، لكن الدستور ينص على تكليف الحكومة المنتهية صلاحياتها بتصريف الأمور الجارية، إلى حين تنصيب الحكومة الجديدة. من الناحية العملية، كيف تدبر هذه المرحلة الانتقالية من الناحية المالية؟ < إن الشعب عندما ذهب إلى صناديق الاقتراع، لم يختر استمرارية حكومة الفاسي، بل عبر عن رغبته في التغيير، وعلى الجميع الاعتراف بأن المشروعية الشعبية قد نزعت السيادة والسلطة عن البرلمان السابق والحكومة المنبثقة منه.لكن إلى حين تعيين حكومة جديدة، وبالنظر إلى أن تدبير الشأن العام هو تدبير مستمر، لا يقبل الفراغ، فإن هذا يطرح إشكالية تدبير الشأن الحكومي والإداري. فالدستور الحالي أطر هذه المرحلة من خلال الفصل 47 الذي عمل على تكليف الحكومة المنتهية مهامها، بتصريف الأمور الجارية، وكذلك الفصل 87 من الدستور الذي حدد مفهوم تصريف الأمور من خلال قانون تنظيمي، ما يعني أن الدستور عمل على حل الإشكالية من خلال التكليف وتحديد الاختصاص، غير أن الظهير الشريف الذي يكلف الحكومة بتصريف الأمور الجارية لم يحدد أين تبتدئ الأمور الجارية، وأين تنتهي، خصوصا في غياب القانون التنظيمي، فكان من المفروض واحتراما للدستور، أن يحدد الظهير الشريف هذا الاختصاص احتراما للدستور وللمشروعية الشعبية باستعمال الاختصاصات الملكية المحددة في الفصل 42 الذي ينص على أن الملك باعتباره رئيس الدولة، وهو ضامن دوام الدولة واستمرارها، وبانعدام تحديد الاختصاص، يبقى الحل هو الدخول في متاهة التفسير اللغوي لمصطلح تصريف الأمور الجارية. ما المقصود بتصريف الأمور الجارية؟ دستوريا، أحيل هذا المفهوم إلى القانون التنظيمي من خلال الفصل 87 الذي نص على أن "القانون التنظيمي الذي سيحدد مفهوم تصريف الأمور الجارية"، الشيء الذي يفهم منه أن الحكومة المنتهية ولايتها يمكنها القيام بتصريف الأمور الجارية المحددة في القانون التنظيمي المرتقب صدوره، وبالتالي تتمتع فقط بسلطة مقيدة، بما سيرد في القانون التنظيمي دون أن يكون الظهير الشريف حدد المهام الحكومية المرتبطة بتصريف الأمور الجارية، بل تركها مبهمة، وأحال الباحثين والمهتمين إلى التفسير اللغوي فقط، رغم أن الأمر يتعلق بممارسة مهام سياسية وإدارية ومالية جسيمة تترتب عنها مسؤوليات. هل حكومة تصريف الأعمال شرعية؟حكومة تصريف الأعمال حكومة فاقدة للمشروعية الشعبية، وبالتالي فاقدة للسيادة والسلطة، فالسلطة السياسية للوزراء هي التي تخول لهم السلطة الإدارية المتعلقة بتدبير شؤون الموظفين، والسلطة المالية المتعلقة بسلطة الأمر بالصرف، وهكذا، فإن قيام حكومة تصريف الأعمال بالتدبير الإداري والمالي يعتبر غير دستوري وغير قانوني.كما أن سلطة تدبير شؤون الموظفين، بالنسبة إلى وزراء حكومة تصريف الأمور الجارية تتخذ فقط في سلطة تصريف الأمور الجارية، ولا تمتد إلى القرار المتعلق مثلا بالتوظيف المباشر، والذي لم يسبق اتخاذ قرار تنظيم المباريات والإعلان عن النتائج في عهد الحكومة الدستورية.إن قرارات التوظيف المباشر، تبقى سياسية وإدارية انطلاقا مما نص عليه الفصل 24 من قانون الوظيفة العمومية الذي يشير إلى أن الوزير، هو من يقوم بالتوظيف، والوزير حسب الدستور هو صفة سياسية يتمتع بالسيادة وسلطة التنصيب من طرف الأغلبية البرلمانية المجسدة للمشروعية الشعبية، كما أن التوظيف عملية مستقبلية لا تتسم بالاستعجال، وإطلاق عملية التوظيف في البداية ستتم في إطار التمرين وليس من اجل القيام بالمهام، والمهام لن يقوم بها المتمرن إلا بعد سنة أو سنتين بعد عملية تصريف الأمور الجارية، ولكن بالنسبة إلى الموظفين الذين نجحوا في المباراة، فمن الممكن أن يتم تنفيذ التوظيف على اعتبار أنه في هذه الحالة، يتم فقط تنفيذ المراحل والإجراءات السابقة التي تم اتخاذها إبان عهد الحكومة الدستورية الكاملة السلطة، ويتم تصنيف قرار التوظيف في هذه الحالة كتنفيذ لما سبق اتخاذه ويدخل في إطار تصريف الأمور الجارية.إما عملية التوظيف المباشر في مرحلة حكومة تصريف الأمور الجارية، فهي غير دستورية وغير قانونية على اعتبار أن الوزير الذي يقوم بعملية التوظيف حسب قانون الوظيفة العمومية، لا يتمتع بالسلطة الدستورية الكاملة، بل فقط بسلطة تصريف الأمور الجارية.نفهم من تحليلك أن حكومة تصريف الأمور الجارية غير مسؤولة أمام البرلمان؟ حدد الفصل 70 من الدستور أن البرلمان يراقب عمل الحكومة، ويقيم السياسات العمومية. إذن عمليا لا يمكن منح حكومة تصريف الأمور الجارية سلطة القرار والملاءمة، لأنها فاقدة للمشروعية الشعبية من جهة، ومن جهة أخرى، فإن منح سلطة معينة يجب أن تقابله سلطة مضادة، تطبيقا لمبدأ مونتسكيو "السلطة توقف السلطة" لخلق التوازن، وعدم شرعنة السلطة المطلقة، وبالتالي المفسدة المطلقة. وبما أن حكومة تصريف الأمور الجارية لا تراقب من طرف السلطة التشريعية، فإنها عمليا وديمقراطيا سلطة لا تمتلك إلا حسن التنفيذ والتنفيذ الحرفي، وفق ما تقرر وحوسبت عليه حكومة السلطة الدستورية الكاملة.وحتى المسؤولية الجنائية تبقى غامضة، إذ أن الدستور وخصوصا الفصل 64 من الدستور يحدد «أعضاء الحكومة مسؤولون جنائيا أمام محاكم المملكة عما يرتكبون من جنايات وجنح أثناء ممارسة لمهامهم». أما الفصل 47 من الدستور، فينص على أن حكومة تصريف الأعمال هي حكومة منتهية مهامها ولا تمارس إلا تصريف الأعمال ولا تمارس المهام، مما يعني إن المسؤولية الجنائية تبقى منعدمة دستوريا. إذن خلاصة القول هنا إن حكومة تصريف الأمور الجارية المكلفة انطلاقا من ظهير لم يحدد معنى الأمور الجارية، حكومة فاقدة للمشروعية الشعبية وتصرفاتها غير شرعية. لقد كان من المفروض أن يحدد الظهير المتعلق موضوعه بالتكليف بالقيام بالمهام المرتبطة بتصريف الأمور الجارية طبيعة هذه المهام انطلاقا مما نص عليه الدستور الذي أوجب تحديد الاختصاص من خلال قانون تنظيمي منصوص، وكذا انطلاقا من المبدأ القانوني الذي يقول بأن لا اختصاص دون نص، حتى لا يتم اللجوء إلا متاهات التفسير اللغوي لمسألة الأمور الجارية. وحيث أن التفسير اللغوي لن يحل المشكلة لارتباط الأمر بممارسة السيادة، وتمثيل المصلحة العامة، في غياب المشروعية الشعبية والمراقبة السياسية، مما قد يشرعن الفساد والمحسوبية واستغلال النفوذ دون حسيب أو رقيب، ما يحتم على الحكومة المقبلة القيام بمراقبة صارمة لما تم القيام به من طرف حكومة تصريف الأمور الجارية والسلطة الإدارية في الوقت الميت. لكن ما دور البرلمان في كل هذا؟ يحدد الفصل 64 من المرسوم الملكي للمحاسبة العمومية أن الوزراء هم آمرون بالصرف بحكم القانون، أي بحكم أن البرلمان والأغلبية البرلمانية ترخص للحكومة المشكلة من الوزراء، القيام بصرف الاعتمادات المحددة في القانون المالي المصادق عليه، إذن البرلمان يفوض للوزراء القيام بصرف الاعتمادات، وبالتالي، فإن الأمر بالصرف هو صاحب سلطة مستمدة من المشروعية الشعبية التي بها يتصرف في المال العام. وهنا لا بد من الإشارة إلى وجود ثلاث مراحل أساسية، هي مرحلة الالتزام، ثم التصفية، وأخيرا الأمر بالصرف. فمرحلة الالتزام مثلا تتم عمليا انطلاقا من تطبيق النصوص القانونية، إذ أن النفقات الملتزمة بها تتم إبان مرحلة الحكومة ذات السلطة الشعبية. فإذا كان الالتزام إجراء منفردا يتمتع الآمر بالصرف فيه بسلطة مطلقة باعتباره صاحب سلطة سياسية شعبية، فإنه لا يتمتع بهذه الصفة في مرحلة حكومة تصريف الأعمال، ووجب عليه عدم القيام بالالتزامات ذات الصبغة التقريرية، والقيام فقط بالالتزامات ذات الصبغة التنفيذية، التي نشأت قانونيا قبل مرحلة الالتزام، وبهذا يكون في موقع المنفذ الذي يقوم فقط بتصريف الأمور الجارية. ولا يجوز له الالتزام كمنفذ وليس كمقرر. التفويض بدون حسيب قد يشرعن للفسادإن حكومة تصريف الأمور لا تمتلك إلا سلطة تنفيذ القانون والمرسوم، بعيدا عن أي سلطة تقريرية، على اعتبار أن السلطة التقريرية مرتبطة بسلطة تحقيق الصالح العام، المستمدة من المشروعية الشعبية. إن حكومة تصريف الأعمال الجارية لا تمتلك إلا سلطة تنفيذية مقيدة بتنفيذ ما ورد في القانون والمرسوم، المتعلقة بتصريف الأمور الجارية ذات الطبيعة الاستعجالية والبسيطة، ولا يمكن منحها سلطات تقديرية باعتبارها فاقدة للمشروعية الشعبية من جهة، ومن جهة أخرى، قد تستعمل هذه السلطة في اللحظة الأخيرة من أجل الانتقام من المواطنين الذين لم يمنحوها أصواتهم، وتعاقبهم على ذلك.كما أن حكومة تصريف الأعمال تتصرف كذلك خلال هذه المرحلة انطلاقا من السلطات الإدارية التي تمتلك تفويضا، وفي غياب المشروعية الشعبية لهذه الحكومة، قد يتصرف اللوبي الإداري خصوصا أن حكومة تصريف الأعمال تكون غير قادرة على ممارسة المراقبة، لأن التفويض يتم تحت سلطة ومراقبة الوزراء، فأي سلطة ومراقبة سيقوم بها الوزراء في فترة تصريف الأمور الجارية. إن التصرف في غياب المراقبة والمحاسبة يعني التمتع بالسلطة المطلقة، والأخيرة تبقى مفسدة، بل وتشرع للفساد وللمحسوبية والزبونية، ولا يستحق منح حكومة تصريف الأعمال سلطة القرار. أجرت الحوار: نادية البوكيلي

الصرامة ضرورية لتقييم عمل حكومة الفاسي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جمعيات بإسبانيا تندد بأوضاع محتجزي مخيمات تندوف

صراع بين الاتحاد و"البام" داخل المعارضة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات