“بيو”… “البلدي” بحلة عصرية

سوق يعرف نموا متواصلا وضيعات للفلاحة الطبيعية تنتشر في ضواحي الحواضر الكبرى انطلق نشاط إنتاج المواد العضوية خلال 1986، وكانت أولى التجارب بمراكش، من خلال زراعة الزيتون، و منطقة ابن سليمان في ما يتعلق بإنتاج الحوامض، غير أن هذه التجربة الأخيرة لم تعرف نجاحا، في حين أن الإنتاج بمراكش كان موجها بالأساس إلى التصدير نحو البلدان الأوربية. لكن الإقبال أصبح متزايدا خلال السنوات الأخيرة على هذه المنتوجات من طرف المغاربة. وهناك بعض المحلات والمطاعم التي تخصصت في تسويق هذا النوع من المنتوجات. وتمكن مقاولان من الحصول على ترخيص، في إطار الفرانشيز، لفتح محل تحت العلامة التجارية للمتجر الفرنسي «لافي كلير»، المتخصص في تسويق المنتوجات والمواد العضوية. وبعد المتجر الأول الذي فتح أبوابه بحي كاليفورنيا بالبيضاء، يعتزم المقاولون فتح محل ثان بالمدينة نفسها، وثالث بالرباط.ويأتي فتح هاته المحلات المتخصصة في بيع المنتوجات العضوية بعد أن لوحظ اهتمام متزايد لدى المغاربة بالنظام الغذائي، إذ أصبح هناك وعي متنام بمسائل التغذية واهتمام متزايد بالحمية الغذائية. ويتوجه المحل التجاري»لافي كلير»، بالدرجة الأولى إلى الفئات الميسورة والطبقات المتوسطة. لكن ما يزال هذا السوق في بدايته، إذ يمثل نسبة ضعيفة بالمقارنة مع المنتوجات الأخرى، بالنظر إلى أن أسعار هذه المنتوجات تظل مرتفعة نسبيا، إذ تزيد عن أسعار المنتوجات الأخرى بنسب تتراوح بين 15 و 20 في المائة، ما يجعل الإقبال عليها محدودا.بالمقابل، تعرف النشاطات الفلاحية المرتبطة بإنتاج المواد العضوية تطورا مهما، إذ انتقلت المساحات المزروعة وفق معايير الإنتاج العضوي من ما يناهز 12 ألفا في أواخر التسعينات إلى 625 ألف هكتار في السنة الجارية، أي ما يعادل 7 في المائة من المساحات القابلة للزراعة. وتحتل زراعة أشجار الأركان النسبة الكبرى من المساحات المخصصة لهذا النوع من الزراعات. وتشمل المساحات المتبقية زراعات أخرى مثل الخضر والفواكه.وأثبتت دراسات أن النشاطات الفلاحية المرتبطة بإنتاج المواد العضوية تعتبر أكثر مردودية من الزراعات التقليدية، لكن يظل الولوج إلى قنوات التوزيع والتسويق العقبة الكبرى التي تعترض عددا من الفلاحين المتخصصين في هذا الصنف من الزراعات، إذ أن هناك شركات عالمية تتحكم في تسويق هذه المنتوجات، التي تعرف انتشارا على المستوى العالمي، إذ يتجاوز رقم معاملات هذا السوق 25 مليار درهم، في حين أن السوق الأوربي للمنتوجات العضوية، التي تعتبر الشريك التجاري الأول للمغرب تمثل حوالي 8 ملايير دولار. ما يمثل فرصا كبيرة بالنسبة إلى المغرب.وتجدر الإشارة إلى أن المغرب كان الأول من بين البلدان الإفريقية التي اعتمدت هذا النوع من الزراعات، لكن ظل هذا النشاط محدودا ولم يعرف انتعاشا حقيقيا سوى في السنوات الأخيرة، بعد أن عرف الطلب الخارجي على هذه المنتوجات ارتفاعا متواصلا، فكان من الضروري العمل على إعداد إستراتيجية وطنية في هذا المجال. وكانت إستراتيجية المغرب الأخضر نقطة الانطلاق الحقيقية للزراعة البيولوجية، من خلال الفلاحة التضامنية، التي تشكل فيها المنتوجات العضوية حجر الزاوية، بالنظر إلى الإمكانيات الكبيرة التي يتوفر عليها في هذا المجال.وسيلعب مكتب التصدير والتسويق دورا أساسيا في هذه الإستراتيجية، إذ سيتولى تجميع المزارعين وجمع منتوجاتهم وتوفير الوسائل اللوجيستيكية، من أجل تسويق منتوجات الزراعات العضوية والمنتوجات الأصلية، كما حصصت ميزانية من أجل مواكبة الفلاحين للحصول على شهادات الجودة، التي تمنحهم من ولوج الأسواق الأجنبية.وفي هذا السياق، وقع مكتب التسويق والتصدير مع الدولة، ممثلة في وزارتي الاقتصاد والمالية و التجارة الخارجية، اتفاقية يتعهد من خلالها بمواكبة المنتجين الصغار من أجل الاستجابة لشروط الجودة ومساطر تتبع المنتوج التي تفرضها الأسواق الخارجية، وذلك خلال الفترة الممتدة ما بين 2011 و 2013. وتحدد الاتفاقية الالتزامات المتبادلة بين الطرفين، من خلال تحديد كيفية تنفيذ الاتفاقية، والمواكبة والإمكانيات التي ستوفرها الدولة لتمكين المكتب من القيام بالدور المنوط به على أتم وجه، وحدد غلاف مالي لهذا البرنامج يعادل 10.6 مليار درهم موزعة على ثلاث سنوات، إذ ستخصص 5 ملايين درهم خلال السنة الجارية، و3 ملايين درهم بالنسبة إلى السنة المقبلة، ومليونان و600 ألف درهم في 2013.وستعمل المؤسسة الجديدة على تثمين عروض صغار المنتجين وتسويق منتوجاتهم سواء في الأسواق الداخلية أو الخارجية، إذ سيوفر «مغرب تسويق» آليات لفائدة التعاونيات وصغار المنتجين، تتمثل في سلسلة من المتاجر لتسويق المنتوجات بالجملة، والتقسيط، التي ستفتح أولاها في الأمد القريب، كما سينشئ موقعا للتجارة الإلكترونية لتسويق هذه المنتوجات، كما ستعمل المؤسسة على مساعدة هذه الفئة من المنتجين، من أجل حصول منتوجهم على شهادات الجودة، التي ستمكن من الولوج إلى الأسواق الأجنبية. أصبحت الفلاحة العضوية وسيلة لمحاربة الفقر، بالنظر إلى أن هناك مساحات هامة في مناطق تعاني الفقر لا يستعمل مزارعوها المواد الكيماوية، لأنهم لا يتوفرون على الإمكانيات المالية الضرورية، ما يجعلهم يعتمدون أساليب الزراعة التقليدية التي تعتمد على المواد العضوية، خاصة ما يتعلق بتسميد الأرض. وتهدف الإجراءات التي يعتزم اتخاذها لتشجيع إنتاج المواد العضوية إلى تأطير الفلاحين وتثمين إنتاجهم، من خلال تمكينهم من الطرق الحديثة المعتمدة في مثل هذه الزراعات. عبد الواحد كنفاوي

“بيو”… “البلدي” بحلة عصرية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تعاونية للزراعة البيولوجية بدكالة

التعاونيات قاطرة الإنتاج الزراعي العضوي بالمغرب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات