شكري: الانترنت فضاء لعلاقات جنسية خاصة

أستاذ علم الاجتماع قال إن الفراغ النفسي وراء لجوء الأفراد إلى النت أستاذ علم الاجتماع قال إن الفراغ النفسي وراء لجوء الأفراد إلى النت ميز الدكتور عبد الجبار شكري بين سلبيات وإيجابيات الانترنت قائلا إنه بقدر ما يتيح النت الفرصة لاستكشاف الآخر، فإنه في الوقت نفسه يؤسس لنوع جديد من العلاقات الجنسية الافتراضية. وفي هذا الحوار، يحدد أستاذ علم الاجتماع وعلم النفس بالجديدة أبعاد هذا النوع الجديد من العلاقات وتأثيره على المجتمع والأفراد. هل يمكن اعتبار الدردشة الالكترونية مدخلا لإنشاء علاقات جنسية من نوع خاص ؟ أولا الدردشة أو ما يعرف ب "التشات" ممارسة جديدة على مجتمع مثل المجتمع المغربي، فالشخص الذي يلجأ إلى هذا النوع من المحادثة مع شخص افتراضي تفصل بينهما المسافات، يحاول في حقيقة الأمر استكشاف الآخر في كينونته وحميميته، خاصة إذا كان يختلف عنه في التقاليد والأعراف والجنسية الوطنية. والدردشة أو "التشات" لها جانبان، أحدهما إيجابي والآخر سلبي، فالجانب الإيجابي يتمثل في خلق ثقافة الحوار مع الآخر والدخول في مناقشة جادة يحضر فيها الإقناع والحجاج والاستدلال، فبفضل الانترنيت انهار مفهوم "الغيرية الأجنبية، أما الجانب السلبي، وهو وسيلة لتفريغ المكبوتات والعقد النفسية على الآخر إما من خلال عنف سادي، بحيث يتلذذ الشخص بتعنيف الآخر بالإهانة والاحتقار والسب والشتم، أو أن يكون عنفا "مازوشيا" يتمثل في تعذيب الذات من خلال الهجوم على الآخر بأعنف الخطابات من أجل إثارة انفعالاته لكي يرد عليه الآخر بعنف آخر بالسب والقذف والتجريح فيتلذذ بذلك، وفي كلتا الحالتين يكون هذا التواصل سلبيا ومدمرا وغير مفيد. في بعض الأحيان لا يكون اللجوء إلى "الدردشة" عبر الانترنيت فقط من أجل ربط صداقة بريئة مع الآخر؟ في الغالب أن "الدردشة" في المجتمع المغربي تكون قائمة دائما بين الجنسين الأنثى والذكر، أو بين المثليين من الجنس نفسه، من أجل تأسيس علاقة عاطفية وممارسة علاقة جنسية افتراضية. كيف يصنف المجتمع هذا النوع من العلاقة بين الرجل والمرأة؟ نجد عموما أن المجتمع يصنف الدردشة بين الرجل والمرأة سواء بين المتزوجين أوالعزاب في إطارها السلبي باعتبار أنها لن تبقى في مستواها العادي والمقبول، إذ في رأيهم أنه لو تم التسليم والسماح بها فإنها ستتجاوز الحدود لتسقط في المحظور الاجتماعي. فما هو المحظور الذي تقصدونه؟ دائما نتكلم عن المجتمع وكيف ينظر إلى الدردشة الإلكترونية وعلاقتها بالعزاب والمتزوجين إن كانوا يمارسونها، إن أكثر ما يخاف منه المجتمع، هو أن تتطور علاقة الصداقة الافتراضية هذه وتتحول من كلام عاد بفعل التواصل المستمر إلى علاقة جنسية افتراضية، خصوصا إذا كان هذا التواصل يتم خلسة عندما يكون الرجل والمرأة في مكان ما متأكدين أنه لن يزعج أحد خلوتهما وعزلتهما وسكونهما، فمن المحتمل أن تؤدي هذه العلاقة الافتراضية إلى ممارسة الجنس الافتراضي الالكتروني، مادام كلا الطرفين يتحدثان في خلوة وفي حضور افتراضي قد يصل الأمر إلى هذا النوع من الممارسة، لأن فضاء “الدردشة” يتيح حرية مطلقة في التعبير عن الذات بالكلام والإيحاءات الجسدية توقع أحدهما في الإثارة الجنسية، دون وجود أي عائق محرج في ذلك أو مراقب خارجي، خصوصا أن أجهزة الحاسوب، أصبحت مجهزة بكاميرات وأجهزة السمع، تتيح إمكانية معايشة الإثارة الجنسية من خلال الصورة والصوت بين الشريكين. كيف تمارس العلاقة الجنسية الافتراضية عبر الانترنيت ؟ تمارس العلاقة الجنسية الافتراضية، بالتعري أمام كاميرا الحاسوب وإظهار الأعضاء التناسلية، والكشف عن المفاتن الجسدية، ومن خلال ذلك تبدأ الإثارة الجنسية، بالكلام الجنسي الشبقي والحركات الجسدية الجنسية، وعندما يصل الشريكان إلى قمة الإثارة الجنسية، يبدأ كل منهما بممارسة الاستمناء، أي إثارة أعضائه التناسلية بيده، إلى أن ينتهي الاستمناء بالرعشة الجنسية. في رأيكم ما هي الأسباب التي تدفع كلا من الرجل والمرأة (عزاب أو متزوجين) إلى البحث عن شريك جنسي في الانترنيت؟ هناك مجموعة من الأسباب النفسية والاجتماعية تؤدي بالرجل والمرأة إلى البحث عن شريك جنسي افتراضي في الانترنيت. ففي ما يتعلق بالأسباب النفسية هناك الفضول السيكولوجي، والرغبة في مغامرة جنسية جسدية ونفسية مع أكثر من شريك واحد، فيتم اللجوء إلى الانترنيت لتأسيس علاقات جنسية في عالم الرجال أو النساء، دون أن تنتج عن ذلك عواقب سلبية. والمسألة الثانية هي تخوف الشخص من العلاقة الجنسية الواقعية مع أكثر من شريك، التي قد تؤدي إلى مرض السيدا أو تؤدي إلى مشاكل أسرية واجتماعية، قد تكون لها انعكاسات سلبية مدمرة للشخص. إضافة إلى عدم الإشباع الجنسي النفسي في علاقة عاطفية جنسية يعيشها الشخص، ونظرا لتشبثه بهذه العلاقة لأسباب معينة، يفضل بدل علاقة جنسية واقعية، اللجوء إلى علاقة جنسية مع شخص في الانترنيت من أجل الإشباع النفسي الجنسي، ولتعويض الحرمان الذي يعيشه. وهناك أيضا أسباب اجتماعية أخرى تتحدد أولا في عدم نجاح الشخص في تكوين علاقات صداقة مع الآخرين ومن تم عدم نجاحه في إقامة علاقة عاطفية و جنسية مع الجنس الآخر، فيفضل عدم تكرار هذه التجربة الاجتماعية الفاشلة في التواصل، فيلجأ إلى الانترنيت لخلق فضاء اجتماعي جديد يأمل أن يكون ناجحا. ثانيا نجد الشخص الذي يعيش في فضاء اجتماعي يحس فيه بالفراغ والملل والنفور، يلجأ إلى الانترنيت لتكوين فضاءات اجتماعية متعددة يملأ بها فراغه ويقضي بها على ملله وتعاسته واكتئابه. ثالثا وجود حاجة اجتماعية إلى خلق علاقات صداقة، يتجاوز بها سلبيات الأصدقاء الحاليين الموجودين في فضائه الاجتماعي، ووسيلته الوحيدة في ذلك اللجوء إلى فضاء اجتماعي افتراضي في الانترنيت. هل يمكن اعتبار دردشة المرأة المتزوجة أو العازبة مع رجل آخر نوعا من الفساد أو الخيانة الزوجية ؟ نحن نعيش في مجتمع ذي عقلية ذكورية، يكون أكثر صرامة وتشددا في كل ما يخص المرأة العازبة بشكل عام، وفي كل ما يخص المرأة المتزوجة بشكل خاص. سيما إذا أبانت هذه المرأة تفاصيل حياتها الشخصية الخاصة، وكشفت رغباتها الجنسية الشبقية والحميمية، لهذا فالزوج حينما يجد نفسه أمام زوجته في هذا الموقف، يعتبرها خائنة بالإصرار والترصد، أو عندما تجد الأسرة ابنتها العازبة في دردشة مع رجل غريب في الانترنيت تعتبر ذلك فسادا ودعارة. مع ذلك تبقى هذه العلاقة الجنسية افتراضية، لكن في رأيكم هل يمكن أن تتحول إلى علاقة جنسية واقعية؟ قد يكون من السهل على الرجل أن يتحول عنده هذه العلاقة الجنسية الافتراضية، إلى علاقة جنسية واقعية، لكن المرأة تترد وتقاوم لكنها في الأخير تسقط في العلاقة الجنسية الواقعية، لأن المجتمع بعقليته الذكورية يرفض هذا النوع من العلاقة الجنسية وإن كانت افتراضية، فالمجتمع يساوره اعتقاد بأن هذه العلاقة الجنسية الافتراضية، هي الخطوة الأولى عند المرأة المتزوجة في درب الخيانة الزوجية الواقعية وإن كانت في الأصل خيانة افتراضية، أو هي خطوة أولى عند المرأة العازبة في عالم الدعارة الواقعية. هل يمكن تجريم العلاقة الجنسية الافتراضية الالكترونية؟ لا يمكن تجريمها على المستوى القانوني أو المؤسساتي، لأنها تدخل في إطار الافتراضات والممكنات لهذا فهي غير مؤثرة بشكل مباشر، لكن لها تأثير غير مباشر إذا تكررت وأصبحت تمارس بشكل مدمن، إذ تؤدي إلى فقدان الثقة في الشخص إذا ما وجد متلبسا وقد ينتج عن ذلك مشاكل عديدة تساهم في تأزم علاقة الشخص بأسرته وبمحيطه الاجتماعي إذا كان عازبا، أو يؤدي إلى تفكك وانهيار بيت الزوجية إذا كان أحد الشريكين متزوجا. في نظركم كيف يمكن تجاوز العلاقة الجنسية الافتراضية؟ ما يجب فعله هو تحسيس الرأي العام وتوظيف وسائل الإعلام بمختلف أشكالها لكي تؤدي دورها في التثقيف الذاتي وتغذية الفكر والعقل وخلق مناعة سيكولوجية لكي لا يتم الوقوع في ذلك. وتجب الاستعانة بعلماء النفس والاجتماع المغاربة لتوعية الناس بأن هذه العلاقة الجنسية الافتراضية لا تؤدي إلى الإشباع الفعلي بقدر ما تزيد درجة حرمان الشخص من اللذة الجنسية الجسدية والنفسية الفعلية، ويقع في الاستيلاب الجنسي والنفسي والاجتماعي، وتوعية الناس كذلك بأنه لا يجب استعمال الانترنيت إلا في الحاجة إليه في الحصول على المعلومة أو في التكوين المعرفي أو في الحصول على خدمات بكل أنواعها ومجالاتها، فله فوائد عدة في هذا المجال. أجرى الحوار: عزيز المجدوب

شكري: الانترنت فضاء لعلاقات جنسية خاصة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

افتتاح "موروكو مول" الاثنين المقبل

مستخدمو الطرق السيارة يهددون بالتصعيد

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات