سوق الدلالة يحفظ لحي “الحبوس”بالبيضاء ذاكرته

زوار من مختلف الشرائح يبحثون عن سلع فاخرة بأرخص الأثمان وحدهن النساء القادمات من مختلف الأحياء الشعبية بحثا عن ربح في "دلالة" سوق الحبوس، يذكرن زوار المنطقة أنهم مازالوا في الدار البيضاء عاصمة المغرب الاقتصادية، عاصمة "المزاليط" ومختلف المشاكل الاجتماعية التي تتجسد في "براريك" البيضاء أكثر من غيرها. وحدها نزاعاتهن الصغيرة واشتباكاتهن مع "الدلالين"، وتجار السوق تذكر الزائر المأخوذ بعبق التاريخ في "الحبوس" أو الحي المختلف عن كل أحياء الدار البيضاء القديمة والجديدة، وحدها عبارات السباب "البيضاوية" بطبعها تعيد المسافر في بيضاء الثلاثينات إلى بيضاء الألفية الثانية، وتذكره أنه بعد لحظات سيخرج من رائحة الزرابي الرباطية والزمورية وغيرها من زرابي المغرب الأصيلة، والتي لا تجرؤ على منافستها الزرابي العصرية التي لا تجد لها إلا مكانا صغيرا في هذا السوق. (سيخرج) ليعانق دخان السيارات والحافلات."حي الحبوس" أو "القديسين" كما يحلو للبعض تسميته، بناه المعمرون الفرنسيون لاحتواء مشكل الكثافة السكانية التي بدأت ترتفع في البيضاء بداية الثلاثينات. حي مازال يحتفظ بجزء كبير من تاريخ العاصمة الاقتصادية الهادئ، قبل أن يصبح ضاجا، صاخبا. سوق الدلالة والأقواس التي مازالت تحافظ عليها بعض الدكاكين فيما أبادتها أخرى لتعوضها بإصلاحات جديدة، يسحب الزائر إلى تاريخ البيضاء الغابر، "هنا يمكن أن تعثر على شيء من بيضاء الثلاثينات، خاصة السوق الذي يذكر بنمط التجارة التي كان يمارسها المغاربة، إذ كانت الفرص داخل الدلالة أفضل بكثير من الدكاكين"، يقول أحد زوار السوق، وحديثه عن الفرص مازال ممكنا حتى اليوم، إذ مازال بإمكان زوار سوق "الدلالة" الحظوة بفرصة لاقتناء سلع مختلفة بأثمنة مناسبة من السوق الذي لا يسمح بإقامته إلا في الظهيرة، ل"حكمة" في نفس "الدلالين"، "سوق الدلالة يؤثر أحيانا على تجار المحلات المرصوصة هنا، لذلك يسمحون بإقامته في الأوقات التي يتناولون فيها غذاءهم، ولا يستمر طويلا، إذ سرعان ما يطلب من البائعين والبائعات جمع حاجياتهم إذا لم تبع في هذا الوقت لفسح المجال للمحلات". ما تعرضه المحلات يختلف في الغالب عما تحمله نساء ورجال تفضح ملامح وجوههم الشريحة الاجتماعية التي ينتمون إليها، "جيت من مولاي رشيد، هادو كويسات، خمسين كأس، بعتهم غير ب200 درهم، حيت عطاتهم ليا مولات واحد الفيلا"، تقول واحدة من معيلات أسرهن عبر الخدمة المنزلية في الفيلات، "أجل اشتغل في الفيلات، وغالبا ما يمنحني أصحابها ما لم يعد صالحا لهم، لكنه بالنسبة إلي صالح للبيع في سوق الدلالة". الأمر مختلف بالنسبة إلى أحمد الذي اقتنى الكؤوس الخمسين، فهو بائع بالتجول، وسيعيد بيع الكؤوس بثمن مضاعف، "هي كؤوس من نوعية جيدة، ومازالت تحتفظ بجمالها، بل إن عشرين منها من النوع الرفيع، لذلك يمكنني أن أبيعها بالتقسيط، إذ غالبا ما يطلب الزبناء ستة إلى 12 كأس فقط، وهذا ما سأفعله".حال السعدية مختلف، لذلك مازالت ملامح الاستغراب بادية على وجهها، "أول مرة تانجي لهنا باش نبيع زربية قديمة، جاني هاذ الشي غريب"، تسجل السعدية وعينها على "الدلال" الذي افتتح مزاد زربيتها ب500 درهم، قبل أن تضيف "أخبرتني جارتي عن السوق، وبما أني لم استطع بيع زربيتي للبائعين المتجولين بالثمن الذي يرضيني أحضرتها إلى هنا، حيث يمكنني أن أعرضها للبيع بمزاد أحدد الحد الأدنى فيه".مختلف الشرائح الاجتماعية تزور سوق الدلالة بحي الحبوس، ليس فقط لاسترجاع صور من ذكريات البيضاء، بل لاقتناص فرص اقتناء ديكورات وآوان وغيرها من السلع الفاخرة المعروضة بثمن بخس، "من هنا اقتنيت ملاعق وشوكات فضية بثمن بخس جدا، إذ كانت المرأة التي تعرضها للبيع غافلة عن نوعيتها وماركتها، وهو نوع لا يمكن أن تعثر عليه إلا في المحلات الفاخرة وبأسعار مرتفعة جدا، لذلك كلما سنحت لي الفرصة أزور السوق فلربما أعثر على شيء آخر". يقول أحد زوار السوق قبل أن يضيف أنه اقتنى أيضا لوحة غالية الثمن ب150 درهما، "لا أحد يعرف من أين يأتي هؤلاء بسلعهم، لكن الأكيد أنه توجد ضمنها مقتنيات جيدة جدا". بعض الباعة يعرضون أيضا سلعا قديمة، وفي الوقت الذي قد تعتقد فيه أن مكانها الطبيعي هو المزبلة يتقدم من يعرض سعرا لها، ويساوم عليها البائع، دون أن تتمكن من تحديد السبب الذي قد يدفعه إلى اقتناء "كوكوت" بدون غطاء، أو حذاء قديم، أو حصير بلاستيكي أو غيرها من السلع "منتهية الصلاحية" إن جاز التعبير. ضحى زين الدين

سوق الدلالة يحفظ لحي “الحبوس”بالبيضاء ذاكرته

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مـهـنـيـو الـنـقـل يـتـوعـدون الـحـكـومـة

ملف سبتة ومليلية مؤجل إلى أجل غير مسمى

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات