دراسة: انخراط المغرب في اتفاقية لاهاي إقرار بازدواجية التبليغ (1/2)

الاتفاقية أجازت التبليغ من خلال الطريقة المباشرة بوصفها طريقة اختيارية يعتبر طرح موضوع اتفاقية لاهاي الصادرة بتاريخ 15/11/ 1965 الخاصة بالخدمات في الخارج المتعلقة بالأوراق القضائية وغير القضائية ذات الصلة بالقضايا المدنية أو التجارية، مواكبة من طرف المفوضين القضائيين لما يصدر من اتفاقيات وتشريعات، ولما له من ارتباط بجانب من عمل المفوض القضائي وهو التبليغ، كما أن المواطن العادي مدعو إلى تنمية ثقافته القانونية، ولن نتحدث في هذه العجالة عن المجهودات الدولية المبذولة لأجل التأصيل القانوني، بل سنتطرق بالشرح والتعليق على الإمكانيات التي تتيحها فصول هذه الاتفاقية نظرا للتحولات العميقة في اقتصاد السوق وبمناسبة انضمام المغرب بتاريخ فاتح نونبر 2011 على غرار مجموعة من الدول إلى هذه الاتفاقية. إن لإجراءات التبليغ مساسا بمبدأ المواجهة بين الخصوم الذي يعتبر الركيزة الأساسية في حق الدفاع ، سواء كانت بواسطة المفوضين القضائيين أو أعوان التبليغ أو الطريقة الإدارية المحلية، لذلك أولى المشرع المغربي - نظريا- أهمية قصوى للتبليغ من خلال مواد قانون المسطرة المدنية التي أصبحت متجاوزة ونصوص قوانين أخرى متفرقة جامدة بسبب غياب الإرادة السياسية الحقيقية في التغيير، رغم التعديلات الواردة سنة 2011 المتعلقة بالفصول 32 و37و38و39 من قانون المسطرة المدنية. غير أن التبليغ بالطرق الأخرى غير المفوضين القضائيين أثبت عدم جدواه، لأن المفوض القضائي مؤهل ومستوفي للشروط القانونية، وتتوفر فيه ضمانات لا تتوفر في أي طريقة أخرى حيت يعمل من خلال التبليغ الذي هو الغالب في عمله على إيصال المعلومة القانونية للطرف المبلغ إليه وإرشاده، ويبرز من خلاله أيضا حسن تسيير مرفق القضاء، الشيء الذي أعطى ديناميكية جديدة للقضاء من حيت التجديد والفعالية والسرعة، وذلك بشهادة المسؤولين القضائيين والإحصائيات الرسمية، في حين ظلت تعاني المحاكم وقلة أعوان التبليغ من التراكمات والتأخيرات، وتعاني مشاكل الأخطاء والمخالفات التي يقوم بها عناصر الدرك والشرطة وأعوان السلطة المحلية من شيوخ ومقدمين تفقد التبليغ حجيته، وهو راجع إلى النقص في الإلمام بالقواعد الأساسية لمسطرة التبليغ مما ساهم بشكل كبير في الانتقادات الموجهة إلى جهاز القضاء عامة .وقد عمل الاتحاد الدولي للمفوضين القضائيين والضباط العموميين بالتعاون مع معاهدة لاهاي على تفعيل اتفاقية لاهاي الصادرة بتاريخ 15/11/ 1965 الخاصة بالخدمات في الخارج المتعلقة بالأوراق القضائية وغير القضائية ذات الصلة بالقضايا المدنية أو التجارية، التي تعتبر مكملة للاتفاقيتين المبرمتين سنة 1905 و1954، واستقطاب أكبر عدد من البلدان قصد التوقيع والمصادقة عليها وإقرار مبدأ التبليغ من طرف المهنيين مباشرة دون المرور بالجهات الإدارية تحقيقا للسرعة والفعالية وتفاديا لضياع مصالح المتقاضين .وتعتبر الاتفاقية أو المعاهدة الدولية مرادفين لمعنى واحد ، وهي اتفاق مكتوب بين أشخاص القانون الدولي من شأنه أن ينشئ حقوقا والتزامات متبادلة في ظل القانون الدولي العام. ففي حالة وجود اتفاقية دولية بين البلد الذي يقيم فيه طالب التبليغ والبلد الذي يقيم فيه المبلغ إليه فإن وزارتي العدل تتكلفان بتلقي طلبات التبليغ وتسليمها مباشرة إلى المبلغ إليهم بإحدى الوسائل الأربعة : إما عن طريق الدبلوماسية أو بواسطة البريد أو الضباط العموميين أو الأشخاص المؤهلين أو مباشرة تسلم للضباط العموميين أو الأشخاص المؤهلين ، في حين في حالة عدم وجود اتفاقية دولية فإنه يوجه الاستدعاء بواسطة البريد المضمون أو تسلم النيابة العامة التبليغ إلى وزارة الخارجية لتقوم بدورها بإرسالها إداريا إلى المبلغ إليه بالطريق الدبلوماسي. كما أولى المفوضون القضائيون بالمغرب أهمية كبرى لاتفاقية لاهاي 1965 من أجل ترسيخ قيم الحداثة داخل مؤسسته الحرة من خلال الانفتاح القانوني على التجارب الدولية والمشاركة في الندوات العلمية، رغم أنها اعتمدت لحد الآن على طريقة السلطات المركزية وسيلة رئيسية للتبليغ وأجازت التبليغ من خلال الطريقة المباشرة بوصفها طريقة اختيارية. وقد انخرط المغرب في إطار الإصلاحات التي يخوضها تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك بتاريخ 24/03/2011 في اتفاقية لاهاي 1965 دون اعتراض أي دولة من أعضاء الاتفاقية البالغ عددهم 64 دولة، لأنه يمكن لكل دولة متعاقدة أن تعارض انضمام أي دولة أخرى لأي سبب من الأسباب، إذ صدر بالجريدة الرسمية عدد 5988 بتاريخ 20/10/2011 الظهير الشريف رقم 34-04-1 الصادر بتاريخ 02/08/2011 بنشر الاتفاقية بشأن إيصال الأوراق القضائية وغير القضائية في المادة المدنية أو التجارية وتبليغها إلى الخارج الموثقة بلاهاي بتاريخ 15/11/1965، وهو انتصار دولي جديد للمغرب من أجل تعزيز الديمقراطية والتحديث كرابع دولة إفريقية وثاني دولة عربية بعد مصر التي انخرطت مبكرا بتاريخ 15/02/1969 إلى جانب أمريكا وإنجلترا. وقد دخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ بالمغرب بتاريخ فاتح نونبر2011 لتعوض الباب الأول من اتفاقية لاهاي بتاريخ 01/03/1954 التي كانت تضم سبع فصول فقط ، وهي اتفاقية محددة في خمس سنوات تجدد تلقائيا للمدة نفسها، وتعتبر بالغة الأهمية لكونها ترتبط بالتحولات العميقة في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في ظل العولمة وانضمام المغرب إلى المنظمة العالمية للتجارة، وتتعلق بتطور التعاون القضائي وبحقوق الأشخاص وصحة التبليغ ضمن شروط النظام الاقتصادي العالمي الجديد المتعلقة بالسرعة في الإنجاز والفعالية والمرونة في التعامل . وعليه فإنه ابتداء من تاريخ فاتح نونبر 2011 أصبح من الواجب على المغرب أن يلتزم بمعاهدة لاهاي 1965 وأن ينفذها بحسن نية ويرجحها على القوانين الداخلية السابقة المعارضة لها، وإعطائها الأولوية تطبيقا للفقرة الأخيرة من الدستور الجديد الذي جعل الاتفاقيات الدولية تسمو فور نشرها على التشريعات الوطنية والعمل على ملائمة هذه التشريعات مع ما تتطلبه تلك المصادقة من إمكانية مطالبة طالب الإجراء بتحرير السند وفق الشكل الذي يتطلبه باللغة الرسمية لهذا البلد. بقلم: سعيد بورمان: رئيس المجلس الجهوي للمفوضين القضائيين بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء

دراسة: انخراط المغرب في اتفاقية لاهاي إقرار بازدواجية التبليغ (1/2)

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التكوين يؤجل ملف الضمان الاجتماعي

عصابة تسرق السيارات من المغرب لبيعها في الجزائر

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات