محنة التنقل بالبيضاء وقت الذروة

رحلة على متن حافلة أو سيارة أجرة تكلف المواطنين ساعات بسبب الازدحام في يوم من أيام فصل الشتاء تلبدت خلاله سماء مدينة الدار البيضاء بالغيوم، وفي حدود الساعة 7 و30 دقيقة، غادرت شابة منزلها الكائن بحي "بورنازيل" متوجهة إلى شارع المسيرة الخضراء، حيث مقر عملها، لتبدأ رحلة استغرقت أكثر من ساعة ونصف، وتطلبت ركوب سيارتي أجرة من الصنف الصغير وحافلة، أكد خلالها السائقون والركاب أنهم يعيشون في معاناة منذ تطبيق مدونة السير الجديدة، وأنها السبب في حالة الازدحام التي تعيشها المدينة. ازدحام مقلقبعد 10 دقائق من الانتظار بشارع بحي بورنازيل، لعب الحظ لعبته واستطاعت الشابة من بين عشرات المواطنين المسمرين تحت الأمطار، أن تستقل سيارة أجرة من الصنف الصغير، ولكن لم يكن كل الحظ إلى جانبها، باعتبار أن سائق الطاكسي سيبعدها فقط من تلك المحطة بدون أن يوصلها إلى مكان اشتغالها."بزاف هادشي، بزاف على الزحام" هذا ما تفوه به سائق سيارة أجرة مباشرة بعد أن أغلقت الشابة باب السيارة، وأضاف المتحدث بنبرة حادة ويداه متشبثتان بالمقود وكأنه يحاول أن يمنعه من الهرب، أن وضع شوارع مدينة الدار البيضاء أصبح لا يطاق. كان الرجل، وهو في الأربعينات من عمره، متوتر وساخط على الأوضاع التي أصبحت عليها شوارع الدار البيضاء.الساعة تشير إلى 8، توقف سائق السيارة بشارع ابن تاشفين عند إشارة الضوء الأحمر، زاد توتر الرجل بعد أن ظل أزيد من 10 دقائق أمام الأعداد الهائلة من السيارات، في انتظار الضوء الأخضر، وكأنه وراء قضبان سجن ينتظر ساعة إطلاق سراحه ليعانق الحرية.وجه السائق كلامه إلى السيدة التي كانت تجلس بالقرب منه قائلا:"لا أظن أنك ستصلين إلى عملك في الوقت المحدد" مشيرا إلى أن المدونة التي وضعت في صالح المواطنين، خلقت لهم المشاكل وأخرتهم عن مصالحهم "للي خصو يكون في شغلو مع 9 خصوا يخرج من دارو مع 7 الصباح"، مضيفا أن حالة المدينة التي وصفها بـ"الكارثية" كانت بسبب تطبيق مدونة السير. قبل إشارة الضوء الأخضر، شرع صاحب سيارة الأجرة من الصنف الصغير في وضع يده المسمرتين في المنبه، ولم يبرحها حتى تحركت السيارة المتوقفة أمامه، واسترسل الرجل وعيناه على إشارات الضوء "أصبح الخوف يتملك المغاربة بعد أن طبقت هذه المدونة "الويل" فقبل أن تظهر الإشارة البرتقالية لتستعد السيارات للوقوف، يتوقفون"، وأضاف أنهم بذلك يتسببون في الفوضى والازدحام.انتهت الرحلة الأولى، عند شارع ابن تاشفين بالقرب من الشارع المؤدي إلى محطة القطار "المسافرين"، واضطرت الشابة إلى مغادرة سيارة سائق ضاق ذرعا بما تسبب فيه تطبيق مدونة السير من ازدحام، في انتظار سيارة أجرة أخرى. أشغال في قفص الاتهام الساعة تشير إلى 8 و15 دقيقة، كان احتمال الحصول على سيارة أجرة ثانية ضعيفا جدا بشارع ابن تاشفين، ما دفع الشابة في التفكير في ركوب حافلة تقلها إلى وسط المدينة. بعد 5 دقائق تقريبا، بدأت الحافلة رقم "3" تقترب من المحطة. كانت الحافلة مكتظة عن آخرها، لا يمكن لمن يركبها أن يفكر في التحرك بحرية، فقد كان هم الجميع وصول الحافلة إلى محطتهم. استغرقت الرحلة ما يقارب 15 دقيقة، اتهم خلالها عدد من الركاب مدونة السير بأنها سبب في الفوضى التي تشهدها مدينة الدار البيضاء، مؤكدين أن تطبيق المدونة كان يجب أن يكون على مراحل، لتيسير استيعابها على الجميع، فقد أصبح أمرا يخشاه كل من يتوفر على رخصة سياقة في جيبه. في حين أن بعض الركاب أكدوا أن أزمة النقل التي تشهدها الدار البيضاء بسبب أشغال الترامواي، التي تم إعطاء انطلاقتها أخيرا. وفئة أخرى من الركاب كانت غير مبالية بما تشهده المدينة ولا شوارعها، فقد كانت في عالمها الخاص.حطت الحافلة الرحال بشارع محمد الخامس، الذي يشهد أشغال "الترامواي"، ما تسبب بحسب الكثير من البيضاويين في أزمة النقل، وهناك بدأ الركاب يستنشقون بعض الهواء النقي، بعد أن غادروها وهم يأملون أن تكون غدا أقل ازدحاما، تستغرق مدة أقل لتصل بهم إلى المحطة، مؤكدين أن شوارع وسط المدينة أصبحت تعرف شللا لمدة قد تصل إلى نصف ساعة، على الأقل، في أهم الملتقيات الطرقية، خاصة أن أغلب السائقين أصبحوا لا يتجاوزون سرعة أربعين كيلومتر في الساعة.المدونة بريئة من الأزمةالرحلة الأخيرة، كانت مع سيارة أجرة صغيرة، فعند حلول الساعة 8 و45 دقيقة، استقلتها الشابة لتوصلها إلى شارع المسيرة الخضراء، لم يكن يبدو على السائق أنه متوتر أو عصبي المزاج، ظل يراقب الطريق بهدوء بدون أن يبدي أي تعليق على الازدحام الشديد الذي يشهده شارع مولاي يوسف.وحول ما إذا كانت مدونة السير خلقت نوعا من الاكتظاظ، نفى السائق الأمر، وقال إن المدونة جاءت لتضع المغاربة في الطريق الصحيح، وبرر موقفه بأن من الضروري أن يتضايق بعض المغاربة من تطبيق المدونة، باعتبار أنها جاءت بالجديد الذي لم يعتادوا عليه.وأضاف السائق في حديثه مع "الصباح" أن نسبة كبيرة من سائقي سيارات الأجرة قرروا الابتعاد عن وسط المدينة، نظرا لأن الرحلة تستغرق وقتا أطول، مضيفا أنهم قبل تطبيق المدونة كان السائقون يرِقون لحال المواطنين ويتوجهون صوب المدينة، لأنه كان هناك بعض التساهل في تطبيق القانون، من قبيل السير بسرعــة أكبــر والسير في اتجاهات مختلفة، أما اليوم فلا يمكن للسائق أن يسمح لنفسه بأن يكون ضحية لهذه المدونة التي من بين موادها ما يغرِم السائق مبالغ كبيــرة لا يربحها فــي يوم عمل كامل.وأشار السائق في حديثه مع "الصباح" إلى أن المشاكل التي يعيشها قطاع النقل بالمغرب من الأسباب الأساسية في أزمة النقل، وحدد بعضها في غياب الدعم الاجتماعي، والصحي، بالإضافة إلى مشاكل أخرى.حوالي الساعة 9، التحقت الشابة، أخيرا، بمقر عملها بعد رحلة دامت ساعة ونصف وسط الشوارع المزدحمة وبين أشخاص صبوا جام غضبهم في وجه مدونة السير الجديدة. إيمان رضيف

محنة التنقل بالبيضاء وقت الذروة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

اكتظاظ الشوارع... واقع تعددت أسبابه

حصيلة إيجابية مع بداية تطبيق المدونة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات