العقوبات القصيرة لا تحقق الردع

بعض المروجين ينسجون علاقات بالسجن وآخرون جندوا أقاربهم في تجارة يعتبرونها موردا لعيشهم لم تحقق العقوبات السجنية القصيرة، ردعا شاملا للكثير من مروجي الأقراص الطبية (القرقوبي)، ممن يعودون لممارسة نشاطهم بعد مغادرتهم أسوار السجن، بل يبدعون أشكالا جديدة لترويجها لما تدره عليهم من أموال طائلة على حساب صحة وسلامة وحياة مدمنيها من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية. ويتضح من لائحة الموقوفين لمسك تلك الأقراص المهلوسة التي عادة ما تكون وراء جرائم خطيرة تصل إلى حد المس بسلامة الأصول والفروع، أن جلهم لا يفرطون في تجارة تدفئ جيوبهم، إلا فئة قليلة «تتوب» بعد تجربة الاعتقال وما يليه من متاعب وأتعاب المحاكمة وتكاليفها من مدخراتهم وحريتهم وسمعتهم. وقد تشكل مدة الاعتقال فرصة لا تعوض بالنسبة لبعضهم لنسج علاقات وتوطيدها مع أشخاص يسخرون بعد الإفراج عنهم، لترويج المادة أو الاستفادة من خبرتهم في المجال، ليتحول الأمر إلى ما يشبه «عصابة منظمة» تحصن أفرادها وتحسن اقتناص الفرص وتوسيع رقعة التوزيع بعيدا عن أعين المصالح الأمنية. وبالبحث في صفحة سوابق بعض المعتقلين في الآونة الأخيرة لاتجارهم في «القرقوبي»، يتضح أن نسبة مهمة منهم قضوا عقوبات حبسية سالبة لحريتهم، في أكثر من مرة، لكنهم عادوا إلى عادتهم القديمة عن سبق إصرار متحججين بغياب مدخول بديل يعفيهم من المغامرة بالانغماس في هذه التجارة المحظورة. ورغم تضييق الخناق عليهم من قبل المصالح الأمنية التي لا تتوانى في شن حرب ضروس على أوكار تجارة القرقوبي ومختلف أنواع المخدرات، فإنهم لا يفرطون في نشاطهم المشبوه، مستغلين شبابا وأطفالا صغارا لترويج تلك الأقراص سيما في الشارع العام ومحيط المؤسسات التعليمية والحانات والملاهي الليلية. ولا يتوانى آخرون في تجنيد كل أفراد العائلة، صغارهم وكبارهم، في تجارة لم يكتفوا بترويج المهرب منها من منطقة الشرق، بل أبدعوا وسائل للحصول عليها من الصيدليات بتواطؤ مع صيدلانيين أحدهم اعتقل وأدين في ملف جر مسؤولين أمنيين إلى المساءلة القانونية، قبل تبرئتهم من قبل غرفة الجنايات الابتدائية. «دهن السير يسير» شعارهم للحصول على سلعة يجنون من وراء تجارتها أموالا طائلة، ما يجعل بعضهم يلجأ إلى طرق مختلفة للتزود بها، بما في ذلك الهجوم على صيدليات وتهديد العاملين فيها، أو بوسائل احتيالية عن طريق تزوير وصفات طبية لأطباء نفسانيين معروفين، كما وقع لأحدهم اعتقل متلبسا. ويرى فاعلون جمعويون أن ترويج تلك الأقراص المسمومة الفاتكة بأجسام مستهلكيها، يجب أن يواجه بصرامة أكبر تحقق الردع العام للمنغمسين في تجارة وظاهرة استشرت بشكل غير مسبوق في المجتمع. ويبقى الضرب بيد من حديد والإدانة بعقوبات سجنية طويلة الأمد سيما بالنسبة إلى من توفرت فيهم حالة العود، حلا لردع أشخاص شعارهم الربح ولو اقتضى الحال الفتك بحياة الآخرين، مع ضرورة فرض عقوبات أخرى موازية بما فيها الغرامات المرتفعة وتوقيع الالتزامات المتعهد فيها بعدم العودة للاتجار فيها. وقال محام بفاس إنه لا فرق بين من يقتل بسكين أو عصا أو حجرة أو من يسمم ضحية بسم أو غيره، ومن يقتل ببطء شبابا بواسطة أقراص طبية يشكل استهلاكها والإدمان عليها، معضلة اجتماعية كبيرة، مؤكدا أن نسبة مهمة من الجرائم سببها القرقوبي والمخدرات والخمور وغيرها من «مدوخات العقل». ويضيف «القرقوبي عدو يريد الفتك بنا، وعلينا أن نحاربه بما توفر لنا من إمكانيات ووسائل تساهم في إبادته وإبعاده عن شباب يؤدي ضريبة جشع مروجين يجب أن يعاقبوا بعقاب يحقق فرملة إبادتهم لمستقبل البلد في أبنائه الغارقين في إدمان يقتلهم بالتقسيط، لجؤوا إليه في غياب مخططات لانتشالهم منه». حميد الأبيض (فاس)

العقوبات القصيرة لا تحقق الردع

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أزوكار: حسابات ضيقة تتحكم في التشريع

مواجهة أمنيين بـ "لاكريموجين"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات