تجديد النخب البرلمانية… مسؤولية الأحزاب

التحالفات الحزبية الهجينة والصراع من أجل المقاعد البرلمانية يستبق الانتخابات تطرح مسألة تجديد النخب السياسية داخل البرلمان مسؤولية على الأحزاب، فهي المعنية باختيار المرشحين لعضوية مجلس النواب، وهي المعنية بالاستجابة إلى حاجة مجتمعية إلى نخبة جديدة متشبعة بثقافة سياسية جديدة، تحاول الخروج من حالة الكساد الحزبي. واقع الكساد هذا أكدته غير ما مرة أرقام وزارة الداخلية، التي تشهد على حقيقة القطيعة بين السياسة والمغاربة، فقد أبانت نتائج آخر استحقاقات جرت سنة 2009، أن أكثر الأحزاب السياسية حضورا داخل المجتمع وأقدرها على تأطير بعض فئاته، لم يتجاوز مجموع أصواتها في الاستحقاقات الجماعية 15 في المائة من أصوات الكتلة الناخبة، وأن ثمانية أحزاب فقط حصدت مجتمعة 90 في المائة من مجموع أصوات الهيأة الناخبة خلال هذه الاستحقاقات الجماعية، التي تبقى معطى جزئيا في تحليل الظاهرة بالنظر إلى طبيعتها واعتمادها على العلاقات الشخصية للمرشح أكثر من استنادها إلى قواعد انتخابية.بالمقابل، يعتبر المتتبعون للشأن السياسي أن العزوف يرتبط بمؤشرين اثنين، الأول تاريخي يرتبط بطبيعة النظام السياسي ومساهمته في إبعاد الناس عن السياسة، بسبب الصراع القائم في العقود السابقة بين الأحزاب الوطنية والمؤسسة الملكية وما تلاه من تزوير للانتخابات وتلاعب بإرادة الناخبين.أما المؤشر الثاني فيهم المسؤولية التي تتحملها الأحزاب السياسية نفسها، في تكريس العزوف، بسبب تغييب تجديد النخب وغياب الديمقراطية الداخلية في تنظيماتها وعملها الموسمي، فالكثير من الظواهر الحزبية تسيء إلى العمل الحزبي، والمقرات لا تفتح إلا يوم الحملة الانتخابية، والأحزاب لا تملك قدرا كبيرا من الاستقلال، والتعددية تحولت إلى ميوعة "تبلقن" المشهد السياسي.لقد جاء الخطاب الملكي الأخير، مشخصا لهذا الواقع ولطبيعة النخب السياسية الحالية، وقد تلمس خطورة هذا الواقع بالإشارة إلى أنه "لكل زمن رجاله ونساؤه، ولكل عهد مؤسساته وهيآته"، إذ اعتبر جلالة الملك أن "دستور 2011، بصفته دستورا متقدما من الجيل الجديد للدساتير، يستلزم بالمقابل جيلا جديدا من النخب المؤهلة، المتشبعة بثقافة وأخلاقيات سياسية جديدة، قوامها التحلي بروح الغيرة الوطنية، والمواطنة الملتزمة، والمسؤولية العالية، وخدمة الصالح العام"، داعيا "جميع الفاعلين المعنيين، إلى العمل البناء لتوفير الظروف الملائمة، لجعل هذا المسار الانتخابي المتعدد والمتوالي يتم في التزام بقيم النزاهة والشفافية". كما شدد الخطاب على تفعيل آلية تجديد النخب البرلمانية بالإشارة إلى أن "استكمال بناء الصرح المؤسساتي والتنموي للدستور الجديد، يظل رهينا بالعمل الجاد، من أجل التأهيل العميق والفعلي للمشهد السياسي، واستثمار مناخ الثقة لإعادة الاعتبار للعمل السياسي النبيل في بلادنا".يذكر الكثير من أمناء الأحزاب السياسية، خلال اجتماع لهم مع وزير الداخلية السابق، شكيب بنموسى، كيف أن الأخير حمل المسؤولية إلى الأحزاب السياسية فيما يهم شفافية الانتخابات، فقد طلب من مسؤولي الأحزاب أن يتقدموا بمرشحين يتم انتقاؤهم بعناية للحفاظ على أجواء ديمقراطية للانتخابات. ويذكر الجميع أن الكثير من الأحزاب لم تلتزم بهذا الاقتراح، وكشف الصراع الانتخابي أن المرشحين أنفسهم وأن الأحزاب لم تعمد إلى تجديد نخبها، وأنها كانت تبحث عن رئاسة الجماعات المحلية، أكثر من بحثها عن تحقيق إضافة نوعية داخل المشهد السياسي.وفي السياق ذاته، يكشف السباق حول تشكيل التحالفات الهجينة بين بعض الأحزاب السياسية، كما هو الشأن بالنسبة إلى التحالف الثماني الذي يجمع بين اليسار واليمين والإسلاميين، أن تجديد النخب لا موقع له ضمن الأجندة السياسية للأحزاب، كما أن عودة أحزاب الكتلة إلى الاجتماع ببيت عباس الفاسي، تشي بالشيء نفسه وتعلن أن البحث عن المقاعد البرلمانية والسباق نحو الحكومة هو ما يحرك الأحزاب، وهي بذلك لن تحقق الغاية إذا ما غامرت بتجديد نخبها السياسية، وقدمت جيلا جديدا من السياسيين في الدوائر الانتخابية، ولولا الإجراءات التي باشرتها وزارة الداخلية، من خلال اللائحة الوطنية للنساء واللائحة الوطنية للشباب، لضمان تمثيليتهم داخل البرلمان، لبقيت الفئتان خارج حسابات الأحزاب السياسية. إحسان الحافظي

تجديد النخب البرلمانية… مسؤولية الأحزاب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حداد: الأحزاب تحتاج ميثاقا أخلاقيا لإبعاد "الكائنات الانتخابية"

الأعيان يسيطرون على تزكيات الأحزاب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات